حاوره -عزيز الحور هناك من قال إن الدستور الجديد وجّه صفعة قوية للودادية الحسنية للقضاة، التي كانت ضد ما ورد في مسودته، الداعية إلى إشراك شخصيات من خارج المجلس الأعلى للقضاء في هذا المجلس، ما ردك؟ - العكس هو الصحيح، فقد جاء مشروع الدستور وفق مطالب الودادية، حيث تمت الاستجابة لجميع المطالب التي تقدمنا بها في إطار المشروع الذي عرضناه على اللجنة، سواء في ما يتعلق بالاستقلالية أو بالاستقلال المالي في تركيبة المجلس. كما أن الوثيقة الثانية التي تقدمنا بها تم قبولها، فقد اقترحنا عضوية المجلس لتشمل مؤسسة الوسيط ومجلس حقوق الإنسان والمجلس العلمي الأعلى، وهؤلاء المتدخلون الثلاثة نحن من طلبنا عضويتهم كبديل. البديل الذي كنا نطالب به، في البداية، هو الهيأة الاستشارية التي وردت في الخطاب الملكي لسنة 2009، ولما طُلب منا، مرة أخرى، اقتراح بديل، اقترحنا هذه المؤسسات الثلاث. أما الأشخاص الأربعة الآخرون، الذين سيختارهم الملك، فقد نص الدستور على شروط تتوفر في عناصر لديها الجرأة والاستقامة والكفاءة في ما يضمن استقلال القضاء، وهذه ضمانة للقضاء على أن هؤلاء لن يكونوا من الناس السياسيين أو المرتبطين مهنيا بالقضاء، حتى لا يكون لهم تأثير عليه، وحتى على فرض أن يدخل أي كان في التركيبة الحالية، المنصوص عليها الآن في الدستور، فنحن مطمئنون إلى أن التركيبة تضم رئيسا منتدَبا ورئيس السلطة القضائية، وأصبح المجلس يضم 13 قاضيا، فهؤلاء الأربعة الذين سيصبحون أعضاء في المجلس لا يشكلون خطرا في ما يتعلق بالمسار القضائي. ولكن قبل هذا كنتم في الودادية قد خرجتم، بتاريخ 13 يونيو، ببلاغ، اعتبره البعض شديد اللهجة، اعترضتم فيه على ما أسميتموه «التركيبة العجيبة» المقترحة، وكنتم تقصدون هذه الشخصيات غير القضائية التي ستتمكن من عضوية المجلس؟... - لقد جاءت التركيبة التي قلنا إنها «عجيبة» على أساس أن الشخص الذي سينوب عن الملك في رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ليس قاضيا، ثم إن التركيبة نفسَها جاءت بتساوي الأعضاء ما عدا الرئيس، لذلك ستصبح الأغلبية غير قضائية، وهذه هي التركيبة «العجيبة» التي قصدناها، والتي قلنا إنه لا ينبغي أن نوافق عليها، لأنه عندما لا يكون الشخص الذي ينوب عن جلالة الملك قاضيا والأعضاء من خارج الجسم القضائي يساوون القضاة، ستصبح الأغلبية في المجلس غير قضائية، وهذا يشكل مساسا باستقلال القضاء. ولما جاءت التركيبة التي نص عليها مشروع الدستور وفق متطلباتنا، قلنا إنه ليس هناك مشكل ولم يعد لنا شيء على هؤلاء الأشخاص الأربعة من خارج المجلس. ألن تطرح عضوية شخصيات غير قضائية في المجلس مشكلا في عمل المجلس مستقبلا، خصوصا أنكم اعتبرتهم أن دخول غير القضاة إلى المجلس يقوّي السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية ويتعارض مع المواثيق الدولية؟ أبدا، لن يتعارض هذا الأمر مع المواثيق الدولية، ما قلناه هو أن تجارب بعض الدول التي نادى البعض بالأخذ منها، كفرنسا وإسبانيا، هي تجارب منتقدَة الآن من طرف القضاة، وهناك مؤتمر انعقد في لوكسومبورغ في 2009 خرج بتوصية تتمثل في أن الشأن القضائي يجب أن يظل شأنا قضائيا، ومن هذا المنطلق انطلقنا، وقلنا إنه إذا كانت تجربة هذه الدول منتقدَة فنحن نترك الأمور مغربية بالدرجة الأولى، ونترك الشأن القضائي قضائيا. ففي فرنسا نفسِها لا يفوق عدد الشخصيات غير القضائية عدد القضاة في مجلس القضاء، وإذا تعلق الأمر بتأديب القضاة، مثلا، فإنه لا يتدخل غير القضاة في هذا الأمر، فلو طرحت المسألة بهذا الشكل، فهذا أمر مقبول، ولكنْ لمّا طُرحت المسألة على أن القضاء هو شأن عام فهذا موضوع آخر. نحن نُقِرّ بأن القضاء شأن عام، ففي الجانب المتعلق بتدبير السياسة القضائية في المملكة هذا شأن عامّ وشأن المواطن وشأن الجميع، لكن بماذا تفيد ترقية أو تأديب القضاة المواطن؟ إن المواطن يطلب محاكمة عادلة وحكما عادلا، ولكي يتوفر هذان الأمران لا يجب أن يكون هناك أي تأثير، كيفما كان نوعه على القاضي، معنويا كان أو غير معنوي. من هذا المنطلق، قلنا إن هذه الإشاعات التي أطلقت (ولم نقل مسودة الدستور) إذا كانت حقيقية فإنها تشكّل خطرا على القضاء وعلى المواطن في حصوله على قضاء منصف وعادل. (عبد الحق العياسي) رئيس الودادية الحسنية للقضاة