اعتبر محمد البوفراحي، الباحث في الإعلام المغربي والمدير السابق لمديرية الموارد البشرية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، أن مشروع الدستور المغربي شكل نقلة نوعية مقارنة بالدساتير السابقة، بما فيها دستور 1996، وأكد أن المشروع يمهد لعهد جديد، لاسيما فيما يتعلق بالمؤسسة الإعلامية الوطنية من خلال النأي بها عن تهديد العقوبات السالبة للحريات وتهديد الصحفيين بالقانون الجنائي. وأكد الباحث الإعلامي أن الدستور الجديد نص، عبر العديد من المواد، على احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير والرأي، مضيفا أن تقديم مشروع الدستور أكد على سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية، مما يعني-حسب تعبيره- أن الحق في الرأي وحرية التعبير يحظيان بالشرعية وفق المرجعية الكونية. وأوضح البوفراحي أن الدستور لم يكتف بالتنصيص على سمو الاتفاقيات الدولية، وإنما استبق اللجوء إلى بنود وروح الاتفاقيات الدولية بالتنصيص على المادة الخامسة والعشرين من الدستور الجديد، التي تشير إلى حرية التعبير. وتقول هذه المادة: «إن حرية الفكر والتعبير مكفولة بكل أشكالها...حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة...»، وبصريح هذا النص تصبح الحرية وحرية التعبير مرجعية دستورية وطنية تنضاف إلى سمو القوانين والاتفاقيات الدولية. وبشكل تدريجي، ووعيا من اللجنة، التي سهرت على صياغة الدستور، بضرورة توفير شروط هذه الحرية، فقد نصت المادة السابعة والعشرين على الحق في الوصول إلى المعلومة بالقول إن «للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومة الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، ولا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون...». وهذا التنصيص له قيمة دستورية مهمة، إذ تمنح الصحفي السند الدستوري في الولوج إلى كل المعطيات وفق القانون وتمنح المعلومة حق التداول بالنسبة للجميع. وأضاف محمد البوفراحي «وإذا كان الدستور قد أكد على الحق في الوصول إلى المعلومة، فإنه حماها من خلال بند آخر يتحدث عن حماية مصادر المعلومة، حسب المادة سالفة الذكر من الدستور الجديد، وهذا يعطي إشارة قوية إلى تفعيل قيم الحرية التي تحدث عنها تصدير الدستور والمادة والخامسة والعشرين منه». وحول مطلب استقلالية الإعلام، ذكر محمد البوفراحي أن الفصل 28 من الدستور يتحدث عن تشجيع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية، مما يعني، حسب تعبيره، إمكانية دستورية لخلق إطار صحفي مستقل عن السلطة التنفيذية مستقبلا. من جهة أخرى، ذكر الباحث أن الدستور تميز بدسترة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، إذ بعدما خلقت بظهير شريف مؤسس على روح الفصل التاسع عشر من الدستور الماضي، تم التنصيص على جعل الهيئة مؤسسة دستورية، وهو ما يعني انتقالها من عهد إلى عهد آخر أكثر قوة. واعتبر محمد البوفراحي أن هذه المكاسب التي خلص إليها الدستور الجديد ستتم حمايتها بالمحكمة الدستورية، التي ينص عليها الفصل 131، بمعنى أن قيم حرية التعبير والحق في الولوج للمعلومة وحماية المصادر واستقلالية الصحافة أصبحت أكثر حماية من ذي قبل وأن أي خرق لها عبر قوانين أو قرارات سيجعل اللجوء إلى المحكمة الدستورية حلا.