دخلت طنجة نفقا جديدا من اللبس والغموض في مجال التسيير الجماعي، بعد أن قرّر عمدة طنجة الحالي، فؤاد العماري، منح التدبير المفوض لقطاع الإنارة العمومية لشركة تابعة ل»أمانديس»، التي كان السكان يطالبون برحيلها، فوجدوا أنفسهم أمام فرع جديد لها يحتكر قطاع الإنارة، وهي شركة «سيتليم». وكان بيان، أصدرته الجماعة الحضارية قبل بضعة أيام، قد أشار إلى اختيار متعهد جديد في مجال الإنارة العمومية، من دون أن يشير إلى شركة بعينها. وكان البيان قد أشار إلى أنه «في ما يخص ملف الإنارة العمومية، ونظرا إلى تدني مستوى هذه الخدمة في ظل التجربة السابقة التي ستنتهي في أواخر شهر يونيو الحالي، فقد عمل المجلس على إبرام صفقة، وفق المساطر المعمول بها، مع متعهد جديد، سيباشر العمل مع نهاية هذا الشهر من أجل حل المشاكل التي يتخبط فيها هذا المرفق، وفق إستراتيجية جديدة كفيلة بتحسين جودة الخدمات في هذا المجال». وقالت مصادر مطّلعة إن «خروقات قانونية» شابت هذه الصفقة، إذ كان من المنتظَر أن يفتح المجلس الملفات المالية للشركات الأربع، التي تم قبول ملفاتها التقنية، من لدن اللجنة المخولة لها مناقشة الدراسة التقنية للطلبات الأربعة المقدَّمة. وأفادت نفس المصادر أن المجلس أقصى ثلاثة طلبات منحتها اللجنة التقنية نقطا تخولها مناقشة ملفها المالي، منها طلب المكتب الوطني للكهرباء، الذي كان يشرف على تدبير مرفق الإنارة العمومية منذ تاريخ 24 أبريل 2008. وأشارت نفس المصادر إلى أن قانون الصفقات يؤكد أن الطلبات المقدَّمة إذا حصلت على أقل من 60 نقطة يتم إقصاؤها، بينما الطلبات التي حصلت على أكثر من 60 نقطة يتم فتح ملفها المالي، وفق ما ينص عليه قانون الصفقات. غير أن نتائج اللجنة التقنية أسفرت عن حصول جميع الطلبات المقدَّمة على أكثر من 80 نقطة، وهو ما يخولها فتح ملفها المالي ومناقشته حسب القانون. وقد أثار إعلان فوز شركة «سيتيليم»، التابعة لمؤسسة «أمانديس»، بهذه الصفقة التي تمتد لسنة، جدلا كبيرا داخل المجلس، بسبب عدم احترام قانون الصفقات العمومية. وينتظر أن تصادق السلطات الوصية، في الأيام المقبلة، على العقد المبرم بين الشركة الفائزة والمجلس بقيمة تصل إلى أكثر من 11 مليون درهم، وهو ما سيجعلها في وضع حرج، بسبب «الخرق القانوني» الذي وقع، وما إذا كان الوزارة ستطلب من المجلس إعادة مناقشة الملفات التقنية للطلبات المقدَّمة بشكل يحترم قانون الصفقات. من جهتها، قالت مصادر مسؤولة داخل المكتب الوطني للكهرباء إن «الملف الذي تقدم به المكتب كان متكاملا وإنه حصل على نقطة تخوله فتح ملفه المالي، لكن المجلس كان له رأي آخر وهو إقصاء المكتب وتسليم الصفقة لشركة تابعة لأمانديس». وأفادت نفس المصادر أن الفترة التي كان يشرف فيها المكتب على تدبير الإنارة العمومية في المدينة، والتي ستنتهي يوم 24 يونيو الحالي، لم تتلق أي شكاية رسمية من المجلس حول سوء الخدمات التي يقدمها. وقد وجهت انتقادات واسعة للمكتب الوطني للكهرباء خلال الأشهر الأخيرة، بسبب عدم قدرته على صيانة الأعمدة الكهربائية، التي كانت جلها رديئة ومعطوبة. غير أن مسؤولين في المكتب الوطني للكهرباء يؤكدون أنهم تسلموا قطاع الإنارة العمومية في المدينة في وقت كانت شبكة الإنارة تعرف وضعية وصفها المكتب ب»الكارثية». وأضافت نفس المصادر أن العقد الذي كان يربطهم مع الجماعة كان يتعلق بالصيانة فقط وأن مدته لم تكن تسمح بالقيام باستثمارات لتحسين جودة وخدمات شبكة الإنارة العمومية في المدينة. وتشير أخبار مستقاة من مسؤولين داخل المكتب الوطني للكهرباء إلى أن أزيد من 400 صندوق تتحكم في المدينة ينبغي إعادة هيكلتها وإصلاحها. ووفقا لنفس المعلومات، فإن معظم مشاكل الإنارة في المدينة ناجمة عن عدم قدرة هذه الصناديق على أداء وظيفتها، بسبب قِدَمها وعدم إصلاحها وصيانتها.