بعد أيام قليلة من مغادرته سجن «عكاشة»، الذي قضى فيه عقوبة حبسية بتهمة العنف ضد الأصول، توجه شفيق الراشدي، في الساعة الرابعة صباحا من يوم 26 يناير من السنة الماضية، إلى شقة إحدى أخواته، الكائنة ب«إقامة الشرف» في شارع الحسن السوسي في حي «سيدي مومن» في الدارالبيضاء. طرق «شفيق» باب الشقة. ففتحت له أمه الباب. غير أن شقيقته منعته من ولوج شقتها وصرخت في وجهه بأعلى صوتها: «ما تدخلش لْداري!». كانت تلك آخر الكلمات التي سمعها الجيران، والذين «اعتادوا» سماع صراخها كلما حل أخوها «ضيفا» عليها. كانت صرخاتها جزءا من روتينهم اليومي، ولذلك لم يعيروا صرختها الأخيرة أي اهتمام. دخلت «خديجة» في شجار مع شقيقها، البالغ من العمر 26 سنة، بعد أن أصرّت على عدم السماح له بولوج شقتها، آمرة إياه بالمغادرة على الفور. لم يستسغ «شفيق» أوامر أخته فتناول عصا «كراطة» وانهال عليها بالضرب، ولم يتوقف إلى بعد أن تيقن أنها فارقت الحياة. حاول «ياسين»، ابن الضحية، تخليص أمه من بطش خاله، الذي كان تحت تأثير المخدرات والأقراص المهلوسة، لكن خاله أحكم قبضته عليه ووجه له ضربة بقدمه اليمنى أردته قتيلا في الحال. وقفت الأم بلا حراك من فرط الصدمة. خارت قواها ولم تستطع طلب النجدة من الجيران. كانت مذهولة مما يفعله ابنها بأخته وطفلها، خصوصا أنها كانت أولى ضحايا إدمانه على المخدرات، حينما اعتدى عليها في مناسبة سابقة وكسر إحدى يديها. بعدما أيقن «شفيق» أن شقيقته وابنها قد فارقا الحياة، عمد إلى التخلص من أمه، لكي لا تكون شاهدة على الجريمة التي ارتكبها أمام عينيها. استل ساطورا ووجه لها ضربات متتالية أردتْها بدورها قتيلة إلى جانب ابنتها الحامل وحفيدها «ياسين». «جمع» المتهم الجثث في عرفة واحدة، بعد تكبيلها بمناديل وجلس ينتظر عودة صهره «أحمد»، الذي كان يُكنّ له حقدا دفينا. ظل مرابطا في شقة أخته منذ ساعات الصباح إلى حين عودة الصهر، في حدود الساعة السابعة مساء، فوجه له، بمجرد ولوجه المنزل، ضربات قوية بواسطة «مهراز» هشّمت رأسه وأردتْه في الحين. ألحق المتهم جثة الصهر بالجثث الأخرى، ثم أقفل باب الشقة بإحكام واختفى عن الأنظار... ظلت إحدى شقيقاته تحاول في اليوم الموالي، الاتصال بشقيقتها القتيلة، لكنْ لا أحد يجيب على مكالماتها الهاتفية. اتصلت بأخت لها تسكن غير بعيد عن «إقامة الشرف»، والتي لم تتردد بدورها في الاتصال برجال الشرطة، الذين اقتحموا الشقة وعثروا على قاطنيها قتلى، مضرجين في دمائهم. بعد ساعات قليلة من التحري والبحث، ألقي القبض على المجرم في «حي الأمل» في الدارالبيضاء، غير أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف قرّر، في فاتح فبراير من السنة الماضية، إحالة «شفيق» على المستشفى الجامعي ابن رشد للأمراض العقلية، المعروف عند البيضاويين اختصارا ب«36»، من أجل تحديد وضعه الصحي، قبل استكمال التحقيق في واحدة من الجرائم البشعة التي اهتزّ لها ساكنة المغرب كله وليس أبناء «سيدي مومن» أو الدارالبيضاء فقط.