أكد محسن بنيشو، الطبيب الاختصاصي في الأمراض النفسية والعقلية، أن أغلبية الجرائم التي تُرتكَب ضد الأصول ترتبط، بشكل كبير، بتعاطي المخدرات، الأمر الذي قد يجعل هؤلاء المدمنين يقدمون على ارتكاب جرائم في حق أقرب الناس إليهم، دون شعور بالذنب أو بالألم أو بالندم، بالنظر إلى أنهم يكونون أثناء ارتكابهم جرائمهم في حالة غياب عن الوعي وفي حالة «دهانية» لا يدركون معها خطورة ما يقترفون. ماذا يقول الطب النفسي في جرائم الأصول؟ - تشي الجرائم التي تُرتكَب ضد الأصول بدرجة كبيرة من الخطورة ومن عدم الوعي ومن الاستهتار التام بحق المواطنين في الحياة، إذ إن هناك جرائم كثيرة ترتكب في الشارع، وهي جرائم خطيرة وغالبا ما تكون ناتجة عن حالة «دهانية»، حيث نجد أن أغلب الحالات ترتبط، بشكل كبير، بتعاطي المخدرات، ما سيجعل الجرائم، بمختلف أنواعها، تنتشر وبشكل أكبر في المستقبل، لأنه كلما انتشرت المخدرات كلما تزايدت الجرائم أكثر فأكثر، إذ نجد أن هناك أنواعا من المخدرات تُدخِل الشخص مباشرة في حالة شبه فصامية، وهي حالة يصبح فيها الشخص «مسكونا» يبعض الأفكار والتخيلات، كالشعور بأن أشخاصا يريدون قتله أو تسميمه.. ونلاحظ، أحيانا أعراضا، من هذا القبيل عند من يرتكبون هذه الجرائم، التي لها علاقة بالأقارب كقتل الأم أو الأب أو الأخ، دون شعور بأدنى إحساس بالذنب. كما أن هناك حالات الاكتئاب الشديد، والتي قد تجعل الإنسان يفكر في قتل نفسه أو في قتل أبنائه، لأنه، في نظره، «يحميهم» من العذاب ومن أشياء أخرى من هذا القبيل. ما هي الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى قتل أقرب الناس إليه باستثناء المخدرات؟ - من الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث مثل هذا النوع من الجرائم الصراع العائلي، سواء تعلّق الأمر بالإرث أو بغيره من المشاجرات العائلية، التي قد تُخرِج الإنسان عن وعيه وتجعله قادرا على ارتكاب هذا النوع من الجرائم، ولكنْ تبقى المواد المخدرة، مثل الخمر والكحول... أكثر تأثيرا، حيث نجد أن هناك أشخاصا في حالة السكر، مثلا، يصيرون عنيفين ولا يستطيعون التحكم في عواطفهم وتصرفاتهم.. كما نجد أحيانا أن بعض الناس في البوادي ما زالوا يتعاملون مع بعضهم البعض بطرق انتقامية، خاصة في البوادي، كحالة الأشخاص الذين هاجموا عمهم وضربوه ضربا مبرحا إلى درجة القتل. ولكن تبقى المخدرات، كما قلت، هي السبب الرئيسي في انتشار هذا النوع من الجرائم ضد الأصول، ففي المرحلة الأولى، تكون مرحلة الإدمان ولكنْ بعد استعمال المخدرات لمدة طويلة تتحول إلى حالة «دهان»، كأن يسمع الشخص أصواتا ويتخيل أشياء ويشعر أنه مضطهَد، وهي، بطبيعة الحال، تصرفات غير عقلانية، وهي التي قد تنتج لنا أشخاصا قادرين على قتل آبائهم أو أمهاتهم. كما أن هناك أيضا الحالة التي يكون فيها الشخص مصابا بالجنون، حيث لا يستطيع الاستنتاج أو الاستنباط ويكون كثير الانفعال واندفاعيا، وهذا ما يجعله غير قادر على التحكم في ذاته وقادر على قتل أقرب الناس إليه. كيف تتعاملون، كأطباء نفسانيين، مع مرتكبي هذا النوع من الجرائم؟ - نتوقع، في كثير من الحالات، الإقدام على الجريمة بالنسبة إلى الأشخاص الذين قد يدخلون في ما يسمى حالات «الهلوسة»، والتي تجعلهم قادرين على ارتكاب الجرائم بسرعة، وهي، بطبيعة الحال، حالات خطيرة تستدعي إدخال هؤلاء إلى مستشفيات متخصصة للعلاج، ولكن الطاقتة الاستيعابية للمؤسسات الحكومية، للأسف، غير كافية وتعاني من نقص شديد في ما يخص الممرضين، زد على ذلك الحالات المرضية التي لا تداوم على العلاج ولا على أخذ الأدوية، والتي قد تُشكّل، كذلك، خطورة على المقربين منها، بشكل خاص، وعلى المجتمع، بشكل عام.. وإذا عقدنا مقارنة من الناحية القانونية بين ما هو عليه الحال في بعض الدول الأوربية والمغرب، نجد أنه في هذه الدول، هناك قوانين تفرض على المرضى المصابين بأمراض نفسية العلاج، وقد تُسخّر لذلك الشرطة، التي تدخل بيت المريض، وبمساعدة من طرف عائلته، لأجل علاجه، لكنْ في المغرب، للأسف، نجد أنه لا وجود لمثل هذه القوانين، الشيء الذي يتسبب في انتشار الجرائم، عامة، وجرائم الأصول، على وجه الخصوص.