«لقينا الحل.. لقينا الحلْ.. ياسمينة لازم تْرحلْ».. «كول ليهم يا عبّاسْ.. واش الطبيب تايتقاسْ؟».. نموذجان من الشعارات التي رددها المئات من أطباء القطاع العام والأطباء المقيمين والداخليين وطلبة كلية الطب والصيدلة، إضافة إلى ممثلين عن الأساتذة الأطباء، صباح أول أمس الخميس في مستشفى ابن زهر (المامونية)، كشكل تضامني مع «ضحايا» تدخل القوات العمومية في حق آلاف الأطباء خلال الأسبوع الماضي، والذي خلّف إصابة حوالي 42 جريحا، حالات أربعة منهم خطيرة. وعبّر المئات من الأطباء الذين تظاهروا صباح أول أمس وسط مستشفى «المامونية» عن استنكارهم التعنيف الذي تعرّض له أصحاب البذلة البيضاء وسط العاصمة الرباط، على يد عناصر القوات العمومية، بعد عزمهم على تنظيم مسيرة سلمية انطلاقا من مقر وزارة الصحة في اتجاه البرلمان. كما رفع المتظاهرون شعارات منددة بالسياسة الصحية في المغرب، والتي انعكست سلبا على الأطباء والمرضى. وفي الكلمة التي ألقاها أمام المحتجين، عبّر الكاتب المحلي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، عبد المنعم الباشديني، عن فخره بما أسماه «الوجه البطولي» الذي ظهر به الأطباء أثناء المسيرة السلمية، التي تعرضت للقمع في الرباط، معلنا في الآن ذاته، عن إدانته هذا العمل «الذي لن يزيد الطبيب المغربي إلا إصرارا وعزيمة على مواصلة المسير، من أجل تقديم خدمات طبية تليق بالطبيب وبالمريض معا». كما دعا المتحدث ذاته أصحاب البذلة البيضاء إلى الوقوف جنبا إلى جنب، أطباء، ممرضين، طلبة وأساتذة، في وجه كل ما من شأنه المس بسلامة منقذي الحياة البشرية، مؤكدا «عزم النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام -فرع مراكش على مواصلة الجهود حتى تحقيق المطالب العادلة». وحمّل عبد المنعم الباشديني مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في المستشفيات للوزارة الوصية، داعيا إياها إلى التحلي بروح المسؤولية في تعاطيها مع ملف الأطباء والعاملين في المجال الصحي بشكل عامّ. ومن جهته، أوضح المنسق الوطني للأطباء المقيمين والداخليين، عادل التيجاني، أن سلسلة الوقفات والنضالات التي يخوضها الأطباء تهدف إلى تحسين المستوى الصحي بشكل عام، حتى يشتغل الطبيب في ظروف جيدة ويستفيد المريض من حقوقه الطبيعية في التطبيب. واستغرب التيجاني «هزالة» التعويضات المالية التي يتلقاها الطبيب في المغرب، والتي تصل إلى 2500 درهم بالنسبة إلى الأطباء الداخليين والمقيمين. وجدير بالذكر أن المكتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام كان قد أصدر بيانا استنكاريا بعنوان «لا لتعنيف الطبيب»، طالب فيه السلطات المعنية بفتح تحقيق عاجل في الاعتداء الذي تعرَّض له الأطباء وتقديم المسؤولين للعدالة. كما طالب البيان ذاته الحكومة المغربية باعتذار رسمي عن تصرفاتها، التي أهانت الطبيب المغربي في مسيرة سلمية، مُحمّلا المسؤولية الكاملة لتبعات هذا الاعتداء لوزارة الصحة. كما دعت النقابة إلى إضراب مدته 72 ساعة في جميع المؤسسات الصحية، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، مع إيقاف العمل في مراكز التشخيص والاستمرار في عدم استعمال الخواتم الطبية طيلة الأسبوع الممتد بين 30 ماي المنصرم وال3 من شهر يونيو الجاري. ومن جهة أخرى نظم العشرات من الأطباء، المنضوين تحت لواء النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، فرع أكادير، وقفة احتجاجية أمام المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، إثر الاعتداءات الأخيرة التي تعرض فيها الأطباء للتعنيف والضرب من طرف قوات الأمن بالرباط. وأكد البيان الصادر بالمناسبة إلى أن الوقفة جاءت احتجاجا على ما وصفه البيان بالأحداث المؤسفة والقمع الذي تعرض له أطباء القطاع العام من طرف الأجهزة الأمنية أثناء تنظيمهم مسيرتهم المشروعة، حسب تعبير البيان، والتي نتجت عنها إصابة مجموعة من الأطباء، يتجاوز عددهم 40 طبيبا، من بينهم طبيب متخصص في التشخيص بالأشعة، يعمل في مستشفى الحسن الثاني في أكادير. وقد رفع الأطباء المحتجون جملة من الشعارات المنددة والمستنكرة لهذا التدخل الأمني ضد شريحة الأطباء، التي كانت آخر فئة كان يتوقع أن يتم تعنيفها بالشكل الذي تابعه الجميع عبر الجرائد الوطنية والشبكة العنكبوتية. ومن بين الشعارات التي رُفِعت خلال الوقفة: «عذرا.. عذرا يا مريض.. الوزير هكذا يريد..» والشعار الشهير «زنكة زنكة، دار دارْ.. المريض في خطرْ». كما تناولت الشعارات قضية معادلة الشواهد عندما رفعوا شعار «سوا اليوم.. سوا غدا، المعادلة ولا بْدّا». وفي كلمة بالمناسبة، أكد مسؤول نقابي مطالبة الأطباء باعتذار رسمي من وزير الداخلية بشأن الاعتداءات التي تعرَّض لها الأطباء في الرباط أثناء تنظيمهم وقفة احتجاجية أمام وزارة الصحية في ال25 من ماي الأخير. وتأتي هذه الوقفة في ظل أجواء التصعيد التي أُعلِن عنها مؤخرا، إذ قرر الأطباء، المقيمون والداخليون، خوض إضراب وطني عن العمل خلال ثلاثة أيام من الأسبوع الجاري، بهدف حث الحكومة على الاستجابة لمطالبهم الأساسية، وعلى رأسها إدماجهم في سلك الوظيفة العمومية وتحسين أوضاعهم المادية، فضلا على معادلة الدكتوراه في الطب مع الدكتوراه الوطنية.