الأطباء يطالبون باعتذار رسمي من الدولة وإحالة المسؤولين عن التدخل الأمني على العدالة يعيش قطاع الصحة بالمغرب في الأيام الأخيرة احتقانا كبيرا، بسبب إصرار الأطباء والممرضين على مواصلة حركاتهم الاحتجاجية للمطالبة بتسوية أوضاعهم وتحقيق مطالبهم «المشروعة»، بعد التدخل العنيف لقوات الأمن ضد مسيرة الأطباء يوم الأربعاء الماضي. ولأول مرة في تاريخ إضرابات القطاع عرفت أقسام المستعجلات بالمراكز الاستشفائية الجامعية شبه شلل تام، مما ينذر بوقوع أزمة صحية في البلاد. وحملت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع بقطاع الصحة، إلى الحكومة، ووزارة الصحة على وجه الخصوص. وقال عبد اللطيف الهناوي، الكاتب العام للنقابة، «إننا ننتظر اعتذارا رسميا من الدولة على التدخل العنيف للقوات العمومية في حق الأطباء الأربعاء الماضي، وفتح تحقيق حول أسباب هذا التدخل ومن يقف وراءه». وأعلن الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في تصريح لبيان اليوم، عن تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان، انطلاقا من بداية الأسبوع المقبل ودعوة جميع الأطباء في القطاع العام والخاص للمشاركة فيها، بعد بيانات التضامن التي عبروا عنها على إثر التدخل الأمني العنيف ضد الأطباء، والذي خلف العشرات من المصابين في صفوفهم. وطالب الهناوي في تصريحه بإحالة المتسببين في التدخل الأمني ضد المسيرة السلمية للأطباء على العدالة، ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق لكشف ملابسات ما أسماه «هذه السابقة الخطيرة في التاريخ التي يتعرض فيها الأطباء للقمع». وهددت النقابة المستقلة للأطباء باتخاذ أشكال تصعيدية في حال استمرار ما وصفه ب «تعنت الحكومة وعدم تجاوبها مع المطالب المشروعة المعبر عنها. ومن جهته حمل الوردي الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، مسؤولية ما وقع للحكومة ووزارة الصحة، معتبرا أن الوقفة الاحتجاجية المنظمة أمس أمام الوزارة والتي دامت حوالي ساعة، تأتي تضامنا مع ما أسماه «الهجمة الشرسة» ضد الأطباء. واعتبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، يوم الخميس، في لقائه الصحفي عقب أشغال مجلس الحكومة، أن موضوع الأطباء كان حاضرا في مداولات المجلس، وأن الحكومة تتابع كل الحركات الاجتماعية التي تبرز هنا وهناك، والتي تتطلب تحكيم الحس الوطني والشعور بالمسؤولية على حساب أي اعتبارات سياسية أخرى. وشدد خالد الناصري على أن الموضوع يستدعي مزيدا من المسؤولية من طرف الجميع، ودافع بقوة عما قامت به الحكومة في تدبير هذا الملف بالقول «إن الحكومة بذلت مجهودات جبارة، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأيضا على المستوى المالي. وبذلت فيه وزيرة الصحة، ياسمينة بادو، كل طاقاتها وجهدها من أجل إيجاد الحلول المناسبة للقضايا المطروحة. ولم يكشف الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة عما إذا كانت الجامعة الوطنية للصحة تنوي خوض أشكال تصعيدية في المستقبل، وأكد أن الأمر يعود إلى المكتب الوطني، الذي قد يسير في اتجاه مثل هذه الخطوة بعد تقييم ما وقع. وكانت مسيرة للأطباء انطلقت من أمام مقر وزارة الصحة في اتجاه مقر البرلمان يوم الأربعاء الماضي، عرفت تدخلا قويا للقوات العمومية، بعد أن أخبر المشاركون في المسيرة بقرار منعها. وأسفر هذا التدخل الأمني عن إصابة العشرات من الأطباء بجروح متفاوتة، منهم من أصيبوا برضوض وآخرون بكسور في أنحاء مختلفة من أجسادهم، حالة أربع منهم خطيرة استدعت تدخلا طبيا عاجلا. ووصف بلاغ للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام التدخل الأمني ب «الهمجي والوحشي»، مؤكدا على أن الطريق لتحقيق المطالب يمر عبر الاحتجاج السلمي والحفاظ على حق المواطن في الحياة، مستنكرا في ذات الوقت استعمال «أساليب التنكيل والبطش التي استعملتها القوات العمومية ضد الأطباء». وأبرز عبد اللطيف الهناوي على أن الأطباء واعون تمام الوعي بضرورة استمرار العمل بأقسام المستعجلات، مستطردا أن الحياة عادت بصفة طبيعية إليها، لأن الأطباء يحملون فوق عاتقهم مهمة استمرار هذا المرفق، ولا يمكنهم التنصل من مسؤوليتهم، لأنهم مطوقون بقسم أبقراط. ولم يستسغ الأطباء، حسب الهناوي، ما صدر عن وزيرة الصحة، في لقائهم معها، حين صرحت أن «إضراب الأطباء لا يضر بالمغرب، وأنها «ماشي شغلها» في ملفهم المطلبي، وهو ما دفعهم إلى الانسحاب من جلسة الحوار التي كانت تجمعهم بها عشية المسيرة التي عرفت التدخل الأمني، واعتبر أن تصريح الوزيرة هي النقطة التي أفاضت الكأس وأججت غضب الأطباء. وشدد الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام على أن لا تنازل على الاستجابة للمطالب المشروعة للأطباء والأطباء المقيمين والداخليين، المتمثلة في معادلة الدكتوراه الوطنية، والإدماج المباشر للمقيمين والداخليين في أسلاك الوظيفة العمومية مباشرة بعد تخرجهم، وإعادة النظر في تقييم المعارف، والحفاظ على التعويضات المخولة للأطباء بمقتضى الرقم الاستدلالي 509، بالإضافة إلى توفير الشروط الملائمة للعمل، وعلى الخصوص تجاوز النقص المسجل في التجهيزات الطبية الذي تعاني منه الكثير من المستشفيات.