في خطوة تصعيدية وخطيرة، أقدم أزيد من 300 طبيب من الأطباء الداخليين والمقيمين، كانوا مرفوقين بطلبة كلية الطب والصيدلة في مراكش، على «إحراق» البذلة البيضاء، التي ترمز إلى نبل الطبيب. وقد تجمع صباح أمس الخميس المئات من الأطباء الداخليين والمقيمين وطلبة كلية الطب وسط ساحة مستشفى ابن طفيل في المدينة الحمراء، حاملين وفاة الطبيب المغربي، مطالبين هناك برحيل وزيرة الصحة ياسمينة بادو، ومستنكرين في الوقت ذاته الحال الذي آل إليه الوضع الصحي في جميع المستشفيات، قبل أن يتوجهوا صوب إدارة المستشفى ويقوموا بحرق البذلة البيضاء، في خطوة خطيرة تتنبأ بدرجة الاحتقان، الذي وصل إليه واقع «طبيب الغد». «ياسمينة سيري فحالكْ، الصحة ما شي ديالكْ»، و»هذا مغرب الله كريمْ، لا صحة لا تعليمْ»... غيض من فيض الشعارات التي بحَّت بها حناجر الأطباء الداخليين والمقيمين وطلبة كلية الطب والصيدلة، كما استعاروا مقولة «زنكة زنكة»، لمعمر القدافي، لتصوير الوضع الذي آل إليه هذا القطاع الحيوي، عندما رددوا بصوت عال: «زنكة زنكة، دار دارْ، الصحة في خطرْ». وأوضح عادل التيجاني، المنسق الوطني للجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين، في تصريح ل»المساء»، أن هذا الإضراب الوطني هو سلسلة ضمن سلسلة الاحتجاجات، التي تشكل حلقة من حلقات التصعيد، إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الأطباء الداخليين والمقيمين، بعد تدخل الوزارة الوصية، ممثلة في مديرية الموارد البشرية، في حق الأطباء الداخليين، بخصوص اختيار التخصص في المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس في مراكش، «ضدا على الاتفاقات المبرمة» مع وزيرة الصحة، ياسمينة بادو، مما يؤكد أن هذه المديرية حسب التيجاني «تغرد خارج السرب وتسعى إلى خلق مزيد من الاحتقان والتذمر في صفوف الأطباء». واعتبر بيان للأطباء المذكورين، الذي توصلت «المساء» بنسخة منه، هذا الحدث مثالا فقط لما يقع على المستوى الوطني في جميع المراكز الاستشفائية الجامعية، من «تضييق على الأطباء ونيل من كرامتهم من طرف «غربا» عن المهنة، أتت بهم مناصبهم الحزبية وقراباتهم العائلية إلى كراسي القرار داخل دواليب الوزارة»، مما جعل الأخيرة تعيش حالة من «الفوضى والارتجالية في اتخاذ القرارات ستكون لها عواقب وخيمة على الأطباء وعلى الوضع الصحي للبلاد ككل»، يورد البيان. إثر ذلك، استنكرت اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين، في بيانها، ما يقوم به مدير الموارد البشرية، الذي وصفه البيان ب»الغريب عن المهنة، من «استعراض للعضلات في التلاعب بمستقبل الأطباء وتخريب للمنظومة الصحية في المغرب ككل»، مطالبين، في الوقت ذاته، وزيرة الصحة باتخاذ جميع التدابير، للحفاظ على مكاسب الأطباء، وبالضرب بيد من حديد على يد كل من سولت له نفسه الشطط في استعمال السلطة داخل دواليب الوزارة والتحكم في مصير الأطباء خارج الأعراف والاتفاقات المبرمة مع الوزارة الوصية. كما شدد البيان على ضرورة اتخاذ معايير واضحة تتسم بالنزاهة والكفاءة لإسناد المسؤولية، خاصة إذا تعلق الأمر بالمراكز الحساسة، كمديرية الموارد البشرية، إضافة إلى تصحيح هذا المسار، بالتراجع الفوري عن القرارات المجحفة في حق الأطباء، بمصادرة حقهم في اختيار التخصص، محملين تبعات التصعيد الخطير، جراء القرارات اللا مسؤولة، لمدير الموارد البشرية للوزارة الوصية على القطاع.