عبّر الصحافي الإذاعي أديب السليكي عن تضامنٍ أثيريٍّ مباشر مع رشيد نيني، مدير مجموعة «المساء ميديا»، الذي يُتابَع في حالة اعتقال، وبالقانون الجنائي وليس وفق بنود الصحافة، كما تقتضي ذلك وضعيته باعتباره صحافيا. وقد خصّص أديب السليكي، تقديماً استثنائيا لحلقة ليلة، 27 ماي الجاري، من برنامجه «بصراحة»، على أثير المحطة الإذاعية «راديو بْليسْ»، حيث ذكر أن «الوجه الإيجابي لمثل هذه المحنة (السجن) هو أنها تجعل الشخص الذي يمرّ بها على بيّنة قيمته الحقيقية لدى الأشخاص المحيطين به». وقال السليكي إن «مناسبة هذا الكلام هي الحديث الذي يدور في مختلف وسائل الإعلام والجمعيات وفي مختلف الهيآت حول الصحافي، الزميل رشيد نيني، الذي ظللنا، كل يوم، نُمنّي النفس ونقول إن يومَنا هذا سيكون يوم الإفراج عن هذا الصحافي، الذي يُتابَع بقضايا يُجمِع عدد كبير من المتتبّعين على أنها بعيدة جدا عن قانون الصحافة.. وإذا كنّا لن نخوض في «المتاهات القانونية، فإنني أستسمحكم أن آخذ من وقتكم بعض الدقائق لأعبِّر فيها عن تضامني الشخصي مع الزميل رشيد نيني، مدير نشر «المساء»، وعن تضامن الجسم الصحافي كلّه معه»... «نحن، كصحافيين، ضد متابعة الصحافيين خارج قانون الصحافة، ولهذا فتضامننا مع رشيد نيني هو تضامن مع كل الصحافيين، الذين مروا بأزمات ولم تُتَح لنا الفرصة لإعلان تضامننا معهم.. نتمنى أن يزول هذا «الكابوس» وأن تنتصر الأصوات المدافعة عن حرية التعبير وعن حرية الأفكار، فللمغرب من الإنجازات ما يجعله في غنى عن مثل هذه المتابعات، التي هي بمثابة «حصاة» صغيرة في «حذاء» شخص ما.. فنحن، كمغاربة، قد دخلنا في أوراش كبرى ولا داعي معها إلى أن ندخل في أمور «صغيرة».. فالصحافيون من العادي أن يُتابَعوا أمام القانون، لكنْ بقانون الصحافة، لأنه من غير المعقول أن يُتابَع صحافي بغير قانون الصحافة». وتابع السليكي قائلا: «أعلم أنك الآن في السجن، وبما أن المذياع يشكّل واحدة من الوسائل التي نتواصل عبرها بكثرة هناك، أقول لك إنني لا أملك سوى صوتي لكي أتضامن معك به، ولنا في الصحافيين والحقوقيين والجمعيات أسوة حسنة، فالكل يعبّرون عن تضامنهم معك. قد يصلك صوتي وقد لا يصلك، ولكنني متأكد من صدق مشاعرنا تجاه كل الصحافيين، الذين نعتبرهم «أساتذة» لنا، منهم تَعلّمْنا ونتعلّم وسنظل، دائما، نفتخر بعدد من الأسماء الناجحة في الصحافة المغربية، الذين يمثّلون بالنسبة إلينا رموزاً»... «لقد عبّر مجموعة من الزملاء الصحافيين عن تضامنهم مع رشيد نيني ولن نخرج عن هذه القاعدة وسنقولها بصوت واضح: نحن نتضامن معك ومع الجسم الصحافي في بلدنا، بصفة عامة. نتمنى أن ينتهي هذا «الكابوس» ويتمَّ الإفراج عن رشيد نيني وأن تنتصر الأصوات المدافعة عن الإعلام الحر، النزيه، فواجب الصحافة أن تكشف الحقائق، وفي حالة وقوع «خروقات» أو ما شابَه، فالمنطق يقول إن متابعة الصحافي يجب أن تكون بقانون الصحافة وليس بقانون آخر.. هذا منطق العقل والحكمة»... وأردف معد ومنشط «بصراحة» قائلا إن «المغرب، وبحكم الظرفية التي يمر بها، يحتاج إلى «صوت» الحكمة والعقل.. ومن المؤكد أن المِحَن التي يمر بها الإنسان تجعله يعرف قيمته الحقيقية.. وهذا التعاطف الكبير مع الزميل رشيد نيني أظهر قيمته ومكانتَه الحقيقيتين في قلوب المغاربة، فالجميع تضامنوا معه، بلا استثناء، في هذه المحنة.. وما أعجبني، شخصيا، هو أنه حتى الصحافيون الذين كانت لهم خلافاتٌ مع نيني، أمْلتْها ظرفية أو مرحلة أو تجربة معيّنة.. ذاب «جليد» خلافاتهم معه، بفعل «حرارة» التضامن، فالأصدقاء وما دونهم يتضامنون معك يا رشيد في هذه المحنة، لأنهم يدركون أنه إذا اعتُقِل رشيد نيني اليوم، فغدا سيُعتقَل صحافي آخر، فثالث، فرابع.. نريد أن يتوقف هذا «النزيف».. إننا لسنا ضد تطبيق القانون على الصحافيين، إنما نريد أن تتم متابعتهم بقانون الصحافة، فمهما اختلفنا، فهذه هي «القاعدة» التي يجب أن يُعمَل بها في حالة ما إذا أردنا متابعة صحافيّ على موضوع تَحدَّث عنه أو كتَب عنه أو نشَره، وإلا فما فائدة قانون الصحافة إذا لم يُفعَّل في مثل هذه «المناسبات»، غيرِ السارّة، بطبيعة الحال؟»... وتابع أديب السليكي قائلاً: «أتمنى أن يخترق صوتي «أسوار» السجن ليصل إلى الزميل رشيد نيني لأقول له، من جديد، إنني لا أملك إلا صوتي لأتضامن معك به، وأتمنى أن تزول هذه «الغُمّة» وأن ينتهي هذا «الكابوس» وأن تكون لمستقبل الصحافة طريق واضحة وبيِّنة، وهي الطريق التي اختارها المغاربة جميعا، خصوصاً بعد خطاب جلالة الملك في 9 مارس، والذي وضع التصور العامّ ل»المغرب الذي يريده كل المغاربة»: مغرب المؤسسات، مغرب الكرامة، مغرب الإصلاحات، مغرب الأوراش الكبرى ومغرب حرية التعبير.. وأعتقد أن ما حدث يمكن أن يكون -كما قلتُ- بمثابة «الحصاة» في «حذاء» هذه المسيرة التي اختارها المغرب... ونحن، إذ نصطفّ إلى جانب شرفاء هذا الوطن في الدفاع عن مشروع جلالة الملك، الذي هو مشروع كل المغاربة، فإننا، في الوقت نفسه، نتمنى أن يتم تحكيم منطق الحكمة والعقل والروية وعدم التسرّع في الإقدام على مثل هذه الخطوات.. فكلما مر يوم ورشيد نيني رهن الاعتقال، تزايدت أصوات المتضامنين معه، من داخل ومن خارج المغرب».. «سأقولها وأكررها -يختم أديب السليكي- حينما نتضامن مع نيني فنحن نتضامن مع الجسم الصحافي المغربي بصفة عامة، فلن نريد لأي صحافي أن يمر بمحنة مثل هذه.. وأعتقد أن هناك بوادرَ لانفراج هذه الأزمة، التي نتمنى أن تنتهي بسلام.. ونطلب من الله أن يرزق عائلة الزميل نيني وكذا كل الزملاء في جريدة «المساء»، الذين نتضامن معهم أيضاً، الصبر، وإن شاء الله، فما هي إلا حْزّة وتْفوتْ».. أقرأ، بشكل يومي ما يُكتَب حول هذه الوضعية، وبقدر ما أتحسّر على واقع اعتقال الزميل رشيد نيني، بقدر ما أنظر إلى الأزمة من زاوية أخرى، وهي أنه كلما مر يوم إضافي ونيني في السجن، كلما ارتفعت الأصوات مطالبة بإطلاق سراحه وزاد عدد المتضامنين معه.. فتحية لك رشيد نيني.. لو سُمح لي أن أُهديك شيئاً، فسأهديك صوتي ومعه مذياع.. نعلم قيمة المذياع في السجن.. إنما أتمنى أن أهديك هذا المذياع وأنت خارج السجن، حتى تستمتع به أكثر، أنت الذي اشتغلتَ في الإذاعة، في التلفزيون وكتبتَ في القصة وفي غيرها.. تحية لك رشيد نيني، الصحافي والكاتب، المبدع، العصامي.. فما هي إلا «حْزّة وتْفوتْ».. إنما نتمناها آخر الأحزان والنكبات بالنسبة إلى الصحافة المغربية.. فلا يمكن للمغرب أن يتقدم وواحد من أعمدة الديمقراطية والشريك الإستراتيجي في «دولة المؤسسات»، وهو الإعلام، يعرف مثل هذه التجاوزات: اعتقالات صحافيين ومحاكمتهم بالجملة.. لهذا نتضامن مع كل الزملاء الصحافيين، الذين يُحاكَمون على أمور كتبوها بقانون خارج قانون الصحافة..