تعد قرحة عنق الرحم من أكثر الحالات انتشاراً بين النساء، وأسبابها غير معروفة بالتحديد، إلا أن من أهم أسباب حدوثها الاضطرابات الهرمونية عند السيدات. كما أن بعض الأبحاث أشارت إلى إصابتها مستخدِمات حبوب منع الحمل، خاصةً المحتوية منها على هرمون «البروجستيرون». أعراضها: خروج إفرازات مهبلية مخاطية أو مخاطية صديدية بكثرة، دون أن يكون لذلك علاقة بوقت نزول الدورة الشهرية. وقد تكثر القرحة عند النساء، متكررات الحمل، حيث أن تعرض المتكررة لاضطرابات الهرمونات ولكثرة حدوث التمزق في عنق الرحم يؤدي إلى الالتهابات وحدوث القرحة. تشخيص القرحة: يتم تشخص قرحة عنق الرحم عن طريق إدخال المنظار النسائي، وقد تبدو القرحة على أحد الأشكال التالية: 1 - القرحة البسيطة، وتبدو هذه القرحة حمراء اللون، بينما يكون عنق الرحم الطبيعي أحمر خفيفا (أرجوانيا) وتظهر الإفرازات المخاطية أو المخاطية الصديدية خارجة من فتحة عنق الرحم. 2 - القرحة اللحمية، وهي عبارة عن مرحلة متقدمة من القرحة البسيطة، وفيها تظهر ثنيات عديدة مع القرحة. 3 - القرحة الغددية، وهي عبارة عن مرحلة متقدمة جداً، حيث تتجمع الإفرازات بين الثنيات، وبالتالي يحصل انتفاخ، وتبدو القرحة ومعها حوصلات (2 -15 ملم) التي تُعرَف باسم حوصلات «نوبوث». وقد يتطور الأمر فتكبر الحوصلات لتتدلى من عنق الرحم، وبذلك تتكون الزوائد اللحمية لعنق الرحم. قرحة عنق الرحم والعقم: هناك نسبة كبيرة من النساء ذوات الخصوبة العالية ومصابات بالقرحة. كما أن علاج القرحة لا ينهي مسألة العقم. فهناك أمران مهمان يجب الانتباه إليهما: يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإفرازات الناتجة عن القرحة قد تكون قاتلة للحيوانات المنوية، وبالتالي علاج القرحة في لدى مريضة تعاني من العقم. وتقتضي معظم الأبحاث الخاصة بالعقم إدخال بعض الآلات من خلال عنق الرحم، فإذا كانت هناك قرحة، فمن الجائز أن تنتقل الجراثيم من عنق الرحم إلى المناطق العليا من الرحم، ولذلك يجب معالجة قرحة عنق الرحم قبل إجراء أي بحث من أبحاث العقم. تأثير القرحة على الحمل والجنين: لا تؤثر القرحة على الحمل بشكل كبير، ولكنْ من الممكن أن تعوق الحمل إلى حد ما، ولا ينتج عنها إجهاض، إنما قد ينتج عنها بعض النزيف الخفيف، مما قد يحذو بالطبيب إلى تشخيص إجهاض أو نزيف قبل الولادة، لكن التشخيص يتضح بمجرد المعاينة من خلال المنظار النسائي، بالإضافة إلى أن الحمل نفسَه يؤدي إلى ظهور قرحة في عنق الرحم بسبب ما يصحبه من تغيرات هرمونية، حتى إن الطبيب قد يؤجل علاج القرحة مع الحمل لهذا السبب، إلى جانب ما قد يصحب علاجَها من نزيف بسبب احتقان العنق. أما بالنسبة إلى الجنين فإنه لا يتأثر مطلقاً بهذه القرحة. قرحة عنق الرحم والجماع: لا يتأثر الزوج بقرحة عنق الرحم، خاصةً أنه مرض غير معدٍ، إلا أنه قد يتضايق منه نفسياً، نظراً إلى وجود إفرازات مخاطية أو مخاطية صديدية. كما أن بعض الميكروبات والفيروسات الموجودة في هذا الصديد قد تنتقل إلى قناة مجرى البول الأمامية لدى الرجل. أما بالنسبة إلى الزوجة فقد يحدث لها نزيف بعد الجماع دون شعور بالألم، حيث تنزف القرحة بسبب الاحتكاك. كما أن هذا العَرَض يؤدي إلى اختلاف تشخيص المرض، إذ إن النزيف بعد الجماع يكون ناتجاً، في أغلب الأحوال، عن سرطان عنق الرحم، لذا وجب التفريق بينهما. القرحة والسرطان: لم يثبت أن قرحة عنق الرحم تؤدي إلى السرطان، لكنْ ثبت أن نسبة حدوث السرطان أقل بكثير لدى السيدات اللواتي أُجريت لهن عملية كيّ عنق الرحم كعلاج للقرحة. علاج قرحة عنق الرحم: إن الكيّ هو العلاج الناجع لهذا المرض، حيث يُستخدَم مع المطهرات الموضعية التي تكون على شكل تحاميل مهبلية وبودرة مطهرة. ويلزم الكيّ لإزالة مكان القرحة وما يغطيه من غشاء دقيق ذي طبقة خلوية واحدة، ويتلو ذلك التئام الجرح بغشاء عديد الطبقات، ومن أنواع الكيّ المستخدمة كثيراً الكي بالتبريد، حيث إنه يكوي القرحة، بالإضافة إلى تأثيره كمخدّر موضعي، والألم فيه لا يذكر، كما يمكن التحكم في كمية الكيّ بمشاهدة مدى انتشار التبريد أثناء الكي. وقد تظهر قرحة عنق الرحم مرة أخرى، خصوصا أن أسبابها غير معروفة بشكل محدد. وبما أن الاضطرابات الهرمونية قد تكون هي السبب، فإن بقاء الاضطرابات قد يؤدي إلى عودتها بعد العلاج.