أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن أدلة من ملابس عاملة فندق سوفيتيل الكائن في نيويورك التي اتهم المدير السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس-كان بالاعتداء عليها جنسيا منتصف الشهر الجاري تطابقت مع عينات الحمض النووي التي قدمها هذا الأخير. وقالت صحيفتا «وول ستريت جورنال» و«نيويورك تايمز»، نقلا عن مسؤولين عن تطبيق القانون، إن الاختبارات أثبتت تطابقا بين الحمض النووي والسائل المنوي لستراوس-كان (62 عاما) الذي وجد على قميص المرأة. وأشار المسؤولون -وفق «نيويورك تايمز»- إلى أن نتائج الاختبارات تطابقت أيضا مع ما قاله محامو ستراوس-كان من أن ثمة واقعة جنسية حدثت بالفعل عندما توجهت العاملة إلى غرفته في فندق سوفيتيل بنيويورك في ال14 من ماي بغرض تنظيفها، ولكنهم قالوا حينها إن الواقعة تمت بالتراضي. وشكلت هذه النتائج التي ذكرها مسؤول -اشترط عدم الكشف عن هويته- الدليل الجنائي الأول الذي يؤكد أن ستراوس-كان قام بالفعل باغتصاب العاملة (32 عاما) ذات الأصول الغينية التي تعُول ابنتَها ذات ال15 عاما. ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين قولهم إن شهود عيان أبلغوا الشرطة بأنهم وجدوا العاملة أمام غرفة ستراوس-كان وهي ترتجف ويقوم موظفون آخرون في الفندق بمواساتها، ثم لوحظت نظرات متبادلة بينها وبين ستراوس-كان أثناء خروجه من غرفته باتجاه المصعد. وكان ستراوس-كان قد خرج يوم الجمعة بكفالة من السجن، وهو يقيم الآن في شقة تحت حراسة مشددة في مانهاتن. رسالة ستراوس-كان في رسالته الإلكترونية إلى موظفي صندوق النقد الدولي، التي وزعت أول أمس الاثنين، نفى ستراوس-كان بشدة التهم المنسوبة إليه ووصف الأحداث التي أحاطت باعتقاله بكونها «كابوسا شخصيا». واعتذر ستراوس-كان في هذه الرسالة، التي وزعها جون ليبسكي، القائم بالأعمال المدير التنفيذي للصندوق، على العاملين بالصندوق عبر البريد الإلكتروني، عن الألم الذي سببته قضيته للصندوق، وقال إنه واثق من تبرئة ساحته في نهاية المطاف. وتشير الرسالة إلى سجل أعماله منذ وصوله إلى الصندوق في 2007 وتشرح الأسباب الكامنة وراء استقالته يوم الأربعاء الماضي. وقال في الرسالة، التي حصلت «رويترز» على نسخة منها: «أنفي بأقوى العبارات الممكنة هذه الاتهامات التي أواجهها الآن... أنا واثق من أن الحقيقة ستظهر وستثبت براءتي». يُشار إلى أن ستراوس-كان يعتبر من أبرز المرشحين عن الحزب الاشتراكي الفرنسي لمواجهة الرئيس نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. صورة ستراوس-كان تثير الجدل أشعلت قضية المدير العام لصندوق النقد الدولي ستراوس-كان نقاشا مهما حول العمل الصحفي في فرنسا، وذلك على خلفية الصورة التي ظهر فيها مصفد اليدين، كما أن الصحافة الأنجلوساكسونية، ولاسيما البريطانية والأمريكية، استغلت الفرصة لتوجه «الدروس» إلى نظيرتها الفرنسية. ويعتقد البعض من متتبعي الشأن الفرنسي، ومعهم عدد من الإعلاميين، أنه لم تكن مفروضة مسايرة «قساوة» العدالة الأمريكية بنشر صورة ستراوس-كان مصفد اليدين، مراعاة لنقطة معروفة لدى الجميع وهي قرينة البراءة، ولاسيما أنه لم يكن ممكنا أن تتعرض شخصية سياسية بهذا الحجم في فرنسا لنفس «الإهانة». لم يمانع أي طرف في تمرير معلومة من هذا النوع وترويجها، سواء تعلق الأمر بستراوس-كان أو غيره من الشخصيات العمومية، لأن المهمة الأساسية لأي وسيلة إعلامية هي الإخبار. لكن الصورة التي قدمت إلى العالم برمته لستراوس-كان، وهو مقيد المعصمين إلى الخلف، جعلت إعلاميين يتساءلون إن كان لها جدوى في الرسالة الإعلامية. ويقول مراقبون إنه يمكن بث هده الصورة أو نشرها، لأنها طريقة أخرى لتبليغ المعلومة على غرار ما يصنعه الصحافي على الأثير أو كتابة، ولا يرون أي حرج في ذلك. فيما لفريق آخر رؤية مغايرة تفيد بأن العمل الصحفي نزل إلى نوع من الشعبوية في أدائه بسبب هذه القضية، وصورة بهذا الشكل فيها اعتداءٌ على الحياة الخاصة لمتهم لم تثبت بعد تهمته وإيذاءٌ لأسرته. السباق لخلافة ستراوس-كان بدأ السباق لخلافة المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان رسميا أول أمس الاثنين، حيث باتت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد تعتبر الأوفر حظا لتولي هذا المنصب في منافسة ثلاثة مرشحين. وقد شرع مجلس الإدارة، الذي يضم ممثلين عن 24 بلدا ومجموعة دول، في دراسة الترشيحات لهذا المنصب منذ الاثنين، وسيستمر في إخضاعها للنظر والتمحيص حتى العاشر من يونيو. ووضع المجلس «هدفا» يقضي بتعيين مدير جديد «بحلول 30 يونيو». ووعد بأن هذا الخيار سيتم «بصورة منفتحة استنادا إلى مبدأي الكفاءة والشفافية»، وبأن العملية التي حملت في الماضي أوربيا على رأس صندوق النقد لن تتغير. وإذا كانت هناك أربعة ترشيحات أو أكثر لهذا المنصب، فسيحاول مجلس الإدارة، «بالتوافق» أو عبر التصويت، خفض العدد إلى ثلاثة. ولم تعلن لاغارد رسميا ترشيحها لخلافة ستراوس-كان، الذي أرغم الأسبوع الماضي على الاستقالة بعد توقيفه بتهمة الاغتصاب في نيويورك. لكن يبدو أنها تعتبر، منذ أيام، الأنسب لتولي رئاسة هذه الهيئة الدولية. وتعززت فرص لاغارد في نهاية الأسبوع بعد أن حظيت بدعم وزيري المال الألماني ولفغانغ شوبل والبريطاني جورج أوزبرن. وقال شوبل: «إذا قررت كريستين لاغارد الترشح ستكون لأوربا أفضل الفرص لتولي هذا المنصب مجددا». من جهته، أعلن أوزبرن: «لناحية الكفاءة، أعتقد أن كريستين (لاغارد) هي المرشحة البديهية لصندوق النقد الدولي، ولهذا السبب ستحظى بدعم بريطانيا». إلا أن وزير المال البلجيكي ديدييه رينديرس أعلن، يوم الأحد الأخير، عن موقف مغاير، وقال إنه «بالطبع» مهتم بإدارة صندوق النقد الدولي. وأضاف: «إنه منصب لا يرفض»، مشددا على خبرته الكبيرة كوزير للمالية، هذا المنصب الذي يتولاه منذ 1999، وعلى أنه عضو «منذ 12 عاما» في اللجنة النقدية والمالية الدولية المكلفة بتقديم الإرشاد إلى إدارة صندوق النقد. استطلاع رأي أفاد استطلاع للرأي، أجراه معهد «إيفوب» ونشرت نتائجَه مجلة «باري» ماتش يوم أمس الثلاثاء، بأن حوالي 60 في المائة من الفرنسيين يرغبون في فوز اليسار في الانتخابات الرئاسية في 2012، مقابل 40 في المائة يريدون فوز اليمين. ويرغب 57 في المائة من الذين استطلعت آراؤهم في أن يفوز اليسار في الانتخابات الرئاسية في أبريل وماي 2012 بارتفاع نقطة واحدة كل أسبوع، مقابل 38 في المائة يؤيدون اليمين (40 في المائة قبل أسبوع). وبشأن شعبية الشخصيات التي شملها المعهد، كان تراجع شعبية دومينيك ستراوس-كان هو الأكبر، إذ كان المرشح المفضل حتى اعتقاله واتهامه بالاعتداء الجنسي ومحاولة الاغتصاب في نيويورك الأسبوع الماضي، فقد تراجعت شعبيته ب29 نقطة مع تأييد 42 في المائة من الأشخاص مقابل 71 في المائة. وتقدم مرشح الوسط جان لوي بورلو على ستراوس-كان (68 في المائة) وكذلك على مرشح الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند (63 في المائة) ورئيس بلدية باريس الاشتراكي برتران دولانويه (61 في المائة) وزعيمة الحزب الاشتراكي مارتين أوبري (58 في المائة). وحل الرئيس نيكولا ساركوزي في المرتبة العاشرة (34 في المائة) وزعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن في المرتبة الثانية عشرة (29 في المائة).