حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    قيوح يشرف على تدشين المركز اللوجيستيكي "BLS Casa Hub" بتيط مليل    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين تازروالت بين ضيعة الأميرة وسكان تاكزيرت
نشر في المساء يوم 27 - 08 - 2008

مياه العين منذ الحماية كانت مقسمة بين المعمرين والفلاحين بنظام لا يظلم فيه أحد، إذ تستفيد الأراضي بمعدل صبيب المياه عبر علامات ترقيم بين كل الأطراف، وبنظام تدبير عرفي استمرت معه العين في سقي الأراضي المحيطة بدير القصيبة، بجماعة تاكزيرت، حيث يؤكد أبناء تاكزيرت أن أزيد من 4000 هكتار من أشجار الزيتون والفواكه والفلاحات المتنوعة، كانت تستفيد من نصيب وافر، فيما كانت تستفيد ضيعة تازروالت بمساحة 800 هكتار بنصيب على قدر المساحة الإجمالي
في الطريق إلى مدينة القصيبة ببني ملال وبجماعة تاكزيرت (20 كيلومترا عن بني ملال) يعتصم أزيد من 360 شخصا منذ 11 يوليوز الماضي، الاعتصام يعرف تناوب أبناء مشيخة آيت وودي ومشيخة آيت أحمد بجماعة تاكزيرت اللتين يبلغ تعداد سكانهما أزيد من 7.000 نسمة، وعلى بعد أمتار من الخيمتين كان أطفال صغار يسبحون في مجرى الماء غير مكترثين برجال الدرك المرابطين منذ انطلاق الاعتصام السلمي. يتدافع سكان المشيختين على توقيع العرائض ورسالات الاستعطاف والتدخل والتظلم أملا في أن يلفت اعتصامهم والرسائل العديدة انتباه من يهمهم الأمر إلى معاناتهم، لكن صباح الجمعة تطورت الأمور في منحى آخر بعد امتناع السكان عن تدبير الماء (مجارية الماء)، وانتقل الاعتصام من الخيمتين المنصوبتين إلى الحوض الذي يحدد نصيب طرفي النزاع، بعد قدوم السلطة المحلية وبعد التراجع عن اتفاقات رعتها ولاية جهة تادلة-أزيلال. كان اعتصام السكان مشوبا بحذر شديد، حيث اقتصدوا في الكلام عن خصمهم الذي ينازعونه والذي بسببه «أتلفت محاصيلنا وأتلفت فلاحتنا، واليوم نحن مهددون بالعطش»، يؤكد أحد أبناء الدوار في تصريح ل«المساء»، ويضيف: «قضينا أزيد من 42 يوما في اعتصامنا هذا ولا حل يبدو في الأفق لمشكلتنا مع الماء ومع مسير ضيعة تازروالت»، فيما يلخص محمد المنيوني، عضو المجلس القروي لتاكزيرت، المفارقة التي يعرفها تدبير ماء تازروالت بين الطرفين المستفيدين بكون «الجفاف لا يتضرر منه سوى الفلاح، أما ضيعة تازروالت فلا تعرف الجفاف أبدا، وتاريخها يشهد على ذلك والجميع يعرف هذا منذ عشرات السنين».
السكان لا يعرف أغلبهم المالك الحقيقي للضيعة، «ربما هي في ملك الأميرة لالة أمينة، كما أخبرنا مسير الضيعة في حضور السلطات الإقليمية والجهوية، وفي كل مرة يخبرنا فيها بأن الأميرة ستقوم بزيارة للضيعة وأنه يحتاج إلى تعاوننا، كنا نسارع إلى ذلك، ونسمح له بنصيب معين من صبيب العين إلى انتهاء زيارة الأميرة».
تاريخ العين
يعتصم بالخيمتين شيوخ عاينوا مسار العين منذ الاستقلال، الحاج آيت موحى واعلي شيخ جاوز الثمانين سنة أكد أن «مشكلا مشابها للذي نعيشه اليوم سبق وحدث في بداية الثمانينات عندما تدخل العامل العروسي آنذاك ولم يتمكن من حل المشكل، فيما كان تدخل القائد العلوي مولاي عبد الله رئيس دائرة القصيبة أكثر نجاعة حيث اقترح حلا أرضى طرفي النزاع حول ماء تازروالت، وأرجع الأمور إلى نصابها، والمشكل الثاني استدعى اعتصام السكان أمام القصر الملكي بالرباط قبل أن يتم طرد المعتصمين دون نتيجة».
عين «تازروالت» التي تتفرع عن وادي «أوشرح» بتاكزيرت في رأي الفلاحين المتضررين «تجسد تجسيدا كبيرا للحيف الذي يلحقنا دون تدخل من أي طرف لإنصافنا اليوم».
الدكتور أوجادر خلاف، أحد أبناء المنطقة وعضو لجنة الحوار، أكد ل«المساء» أن «مسلسل الحوار كشف أن السلطة تريد تطبيق سياسة لي الذراع للسكان بأخذ نصيب القبيلة وتسليمه للضيعة فتستفيد الضيعة من 32 سنتمترا من المياه مقابل استفادة القبيلة من 2 سنتمتر»، الدكتور خلاف يحذر من تكرار ما وقع بمنطقة بوعرفة من «نزوح السكان ورحيلهم عن ديارهم، لذلك على الجهات العليا التدخل لمنع وقوع كارثة إنسانية، قرار السلطة بالتراجع عن الاتفاق الأخير الذي رعته ولاية جهة تادلة-أزيلال سيقود إلى تجويع السكان وموتهم عطشا، هناك فرق كبير بين من يستفيد من مياه تازروالت للبقاء على قيد الحياة ومن يستفيد منها للربح من التجارة الخارجية والتصدير ومضاعفة الأرباح».
يؤكد السكان أن مياه العين منذ الحماية كانت مقسمة بين المعمرين والفلاحين بنظام لا يظلم فيه أحد، إذ تستفيد الأراضي بمعدل صبيب المياه عبر علامات ترقيم بين كل الأطراف، وبنظام تدبير عرفي استمرت معه العين في سقي الأراضي المحيطة بدير القصيبة، بجماعة تاكزيرت، حيث يؤكد أبناء تاكزيرت أن أزيد من 4000 هكتار من أشجار الزيتون والفواكه والفلاحات المتنوعة، كانت تستفيد من نصيب وافر، فيما كانت تستفيد ضيعة تازروالت بمساحة 800 هكتار بنصيب على قدر المساحة الإجمالية.
تراجع السلطات
السلطة المحلية بتاكزيرت تبرمت من الجواب عن المالك الحقيقي للضيعة التي في اعتقادها «ليس ضروريا أن نعرف لمن تعود ملكية الضيعة، المهم أننا نعمل على حل مشكل الاختلاف حول الماء الذي حدث أخيرا، رغم أن الضيعة تابعة لنفوذ السلطة المحلية خاصة في تقاطع استفادتها من عين تازروالت، إلا أننا لا نعرف من هو المالك الحقيقي لها». المشكل، في نظر السلطة، مجرد اختلاف بسيط حول فترات الصيف والشتاء وحول تدبير عرفي بين المستفيدين، «وقد وقعنا في اجتماع بين الأطراف اتفاقية بين مسيري ضيعة تازروالت بين الفلاحين المستفيدين من مائها ممثلين ببعض المستشارين داخل المجلس الجماعي، اتفقت من خلالها الأطراف على حل رضائي بإعادة ثمانية سنتمترات من مجرى العين لمدة 14 يوما إلى غاية 14 غشت».
المعتصمون الذين رفضوا بنود ومضامين الاتفاق الذي وقع بالقيادة يقولون «إنه اتفاق لرفع الاعتصام وإسكاتنا والضحك علينا فهو غير قانوني، ما دخل المستشارين الجماعيين الذين حضروا بالصدفة الاجتماع المذكور دون ممثلي ذوي الحقوق؟»، يقول إبراهيمي الحسين، رئيس جمعية فتح الخير لمربي الأبقار والأغنام والماعز، «المشكل أكبر من ذلك، فمسير الضيعة اليوم تجاوز كل الحدود والعلامات التي تواضعنا عليها عرفا لم يعد يحترمها، وبسبب ذلك اليوم نضطر إلى بيع مواشينا، وفلاحتنا التي كانت تستفيد من نصيب ولو قليل من الماء دمرت وأصابها الجفاف، ولا نجد ما نؤدي به ديون القروض التي بذمتنا للبنوك».
بعد اعتصامات عديدة ومسيرات قام بها السكان، تم استقبالهم من طرف الكاتب العام لولاية الجهة، وتم «الاتفاق على تقسيم المياه حسب عدد الهكتارات، وتم تعيين لجنة مكونة من تقنيين من وكالة حوض أم الربيع، وتقنيين من مكتب الاستثمار الفلاحي وقائد المنطقة وممثل عن السكان، وتم قياس صبيب العين وقياس نصيب الضيعة، لكن مسير الضيعة والسلطة المحلية تراجعوا وقاموا باستدعائنا بعد زيارة الوالي للعين الأربعاء الماضي، لينقل إلينا رئيس الدائرة بعد ذلك موقف السلطة بالتراجع عن الاتفاق، وأنها ستعيد التفاوض من جديد في الموضوع وتلغي الاتفاق السابق الذي رغم إجحافه نعتبره منصفا مقارنة بجميع الأوضاع السابقة»، يصرح إبراهيمي الحسين.
السلطة المحلية بتاكزيرت تتهم السكان ب«قطع الماء من المنبع، وهذه فوضى لا نقبل بها، لقد كان هناك بالفعل اجتماع بالولاية لكن ليس هناك من محضر يؤكد الاتفاق، وحتى وإن سلمنا بالاتفاق فإن الوضع يتطلب مفاوضات أخرى لضمان حقوق الجميع، سواء من الفلاحين أو من الضيعة، نحن هنا لحماية مصالح الجميع وعليهم بالمفاوضات من جديد، وإرجاع المياه إلى ما قبل الاعتصام والقدوم كمتضررين قصد إبلاغ صوتهم».
تهديدات واعتقالات
الجمعة الماضية كان السكان يرددون الصلاة على رسول الله دون شعارات أخرى، ويؤكد مصطفى أن السكان «جاؤوا لاستنكار محاولة السلطة تجريدهم من المياه بصفة نهائية والقضاء على ما تبقى لهم من أمل في العيش»، يرابط اليوم، بعد اعتصام أبناء مشيختي آيت وودي وآيت محمد، رجال الدرك بالقرب من العين، كما يرابط حارسان تابعان للضيعة منذ سنوات في غرفة بجانب العين، ويمنعان أي شخص من الاقتراب من العين، وهما أول من يعتقله قبل تسليمه للسلطات أو لرجال الدرك الملكي، «كل من يتكلم لابد أن يتدخل الدرك لاعتقاله»، يؤكد إبراهيمي الحسين أوقسو موحى، الرجل السبعيني «مجاري القبيلة» كما يعرفه المعتصمون، ويحكي ل«المساء» قصة اعتقاله قبل ثماني سنوات قائلا: «كنت مجاري القبيلة (من يسهر على تدبير الماء وتقسيمه بين ذوي الحقوق ومراقبة نصيب ضيعة تازروالت)، وذات يوم وجدت الماء قد تجاوز ما هو متفق عليه عرفا بيننا وبين الضيعة، وخفت أن يتم تحميلي مسؤولية سرقة مسيري الضيعة لماء القبيلة، فقمت بإعادة الأمور إلى نصابها، ولم يدم الأمر طويلا قبل أن يتم احتجازي بالقيادة وتهديدي من طرف مسير سابق للضيعة، ومن طرف السلطات آنذاك، وأخذوا مني تعهدا شفويا بعدم العودة والتدخل في شأن مياه الضيعة أو نصيب القبيلة».
بين العرف والإقطاع
أوقسو موحى يشرح ل«المساء» نظام «مجارية الماء» قائلا: «من يملك الماء أصليا هو الذي له الحق في مجارته، ولا حق لمن يكتري أو يستفيد عن طريق التبادل في تنظيم عملية السقي، ويعوض المجاري بمنحه نصيب سقي مجاني مقابل مجهوداته»، فيما يؤكد سليمان أن المجاري يتكلف بالتسيير بمساعدة مستخدمين وعمال. «منذ 56 سنة نشغل 12 شخصا كل 24 ساعة مقابل 150 درهما للشخص الواحد، مما يكلفنا يوميا 1800 درهم كمعدل نؤديه من الصندوق الجماعي للمستفيدين من المياه لمن يجاري الماء، لا تدفع منها الضيعة أي درهم مقابل استفادتها من أغلب المياه»، يقول إبراهيمي الحسين، وعن تاريخ تقسيم الماء بين ضيعة تازروالت وبين المستفيدين من الفلاحين قال موحى أوقسو إن «العلامات الموضوعة في الحوض هي المقياس المتفق عليه بيننا وبين المعمرين في الاستعمار».
اللجنة التي كلفت بقياس صبيب العين توصلت حسب أحد أعضائها في اتصال هاتفي ب»المساء» إلى أن «الصبيب الكامل للعين من المنبع هو 343 لترا/الثانية، أما بخصوص العلامات التي في الحوض المقسم بين السكان والضيعة فهو كالتالي: 12 سنتمترا بمعدل 75 لترا/الثانية، و18 سنتمترا بمعدل 126لترا/الثانية، و24 سنتمترا أي 175 لترا/الثانية، فيما لم نتمكن من قياس 32 سنتمترا نظرا للجفاف الحاصل الآن».
العلامات الأربع في الحوض، الذي لا أحد يتذكر تاريخ بنائه الفعلي، تدلل على أربعة فصول، وكل علامة مخصصة لتحديد نصيب كل طرف في الفصل المعين فالعلامة العليا (ومقياسها 32 سنتمترا وهي النصيب الأكبر) كانت مخصصة للضيعة في فصل الشتاء لكثرة منسوب العين في هذا الفصل، والعلامة الثانية من الأعلى (بمقياس 24 سنتمترا) مخصصة للربيع، فيما العلامة الثالثة (مقياسها 18 سنتمترا) مخصصة لفصل الخريف، والعلامة السفلى (بمقياس 12 سنتمترا) مخصصة للضيعة في فصل الصيف نظرا للجفاف وقلة منسوب العين، «الغريب أن الضيعة كانت تستفيد من أقل نصيب نظرا لمساحتها (800 هكتار) مقارنة بنصيب الفلاحين (4000 هكتار) الحقيقية و2050 هكتارا حسب ما هو مصرح به في مكتب الاستثمار الفلاحي، أما اليوم فالعكس هو الذي يحدث، حيث تستفيد الضيعة من أربعة أخماس الماء فيما نستفيد نحن من الخمس في أحسن الحالات، واليوم لا نستفيد سوى أقل من ذلك دون حماية لنا من الدولة من تجاوز مسير الضيعة»، يؤكد زايد الروم رئيس جمعية مستعملي مياه السقي بآيت وودي، «العين كانت تعرف نظاما تدبيريا بيننا وبين الضيعة منذ ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي عندما كانت الضيعة تابعة للمعمرين»، ومنذ الاستقلال لم يكن بيننا أي مشكل، قبل بداية الثمانينات من القرن الماضي، تدخل قائد القصيبة وتم حل المشكل، وسرعان ما بدأ المسيرون المتعاقبون على الضيعة يستحوذون على مياه العين وكل مرة يأخذون سنتمترات من الحوض تعدل مئات الأمتار المكعبة في اليوم»، الوردي يخلف يؤكد أن الأزمة الأخيرة بين مسير الضيعة وبين المستفيدين من عين تازروالت «انفجرت بعدما رفض منحنا نصيبنا من الماء رغم قلته بحجة زيارة الأميرة، لأننا نعيش أزمة خانقة في الفلاحة بفعل الجفاف، لكن الأمر لم يعجب مسير الضيعة وقام بانتزاع الماء منا عنوة».
البحث عن حل
صباح الجمعة الماضي كان الوضع ينذر بتطور الأوضاع بين السلطات المحلية وبين السكان المعتصمين، بعد تهديدات رئيس دائرة القصيبة بإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق بين السلطة ومسير الضيعة والسكان، وحاولت السلطة المحلية التي كانت ممثلة في قائد تاكزيرت وبعض الأفراد من القوات المساعدة الوصول إلى حل توافقي بإطلاق المياه إلى حين إجراء مفاوضات ثانية، فيما كان السكان يتشبثون بموقفهم وبتنفيذ اتفاق السبت 16 غشت الجاري قبل أن تتراجع السلطات الجهوية عن تنفيذه «لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في السلطة». اقترح القائد على السكان تكليف مسيري الضيعة بإعادة المياه من المنبع ورفضوا لكونه طرفا في النزاع، و»الضيعة اليوم ستذوق لأول مرة في تاريخها انقطاع المياه عنها لبعض الساعات فيما نقاسي نحن منذ 42 يوما، فقدنا خلالها مواشينا وغلة أشجارنا المثمرة وتضاعفت معاناتنا ولا أحد استمع إلى مطالبنا»، يؤكد أحد أبناء الدوار. الدكتور خلاف يرى أن عجز السلطات الجهوية عن تنفيذ اتفاق التزمت به أمام السكان يستدعي تدخل «الجهات العليا، ومادمنا رعايا للملك فحاشا أن يترك الملك رعاياه يموتون عطشا».
الفلاحون المستفيدون من عين تازروالت سعوا إلى إسماع صوتهم للجهات المعنية، وينتظرون تدخلا من أعلى الجهات لضمان استمرار فلاحتهم ومواشيهم وضمان توزيع يراعي وجودهم أمام صراع غير متكافئ، لأنهم يعتقدون أن لا «أحد سيجرؤ من المسؤولين المحليين بجهة تادلة-أزيلال ويطلب من مسير ضيعة الأميرة التراجع عن استيلائه على ماء عين تازروالت وحرماننا من الماء، بل نلاحظ كيف تراجعوا عن الاتفاق الذي اقترحوه علينا ويريدون منا اليوم أن نقوم بأحداث شغب ليتم صرف النظر عن مشكلنا الحقيقي، لكننا لن نمنحهم الفرصة لاستفزازنا وتكرار ما جرى في سيدي افني»، يؤكد مصطفى الطالب المجاز من أبناء الدوار.
مسير ضيعة الأميرة يعتبر الاحتجاج حملة انتخابية
رشيد فهمي، مسير ضيعة الأميرة، أكد، في اتصال هاتفي ب»المساء»، أن «تدبير الماء بين سكان مشيختي آيت وودي وآيت إحمد يخضع لظهير 1912 المتعلق بملكية المياه، والذي يؤكد ملكية كل من يستفيد من المياه ما قبل سنة 1912»، وأوضح رشيد فهمي أن «المشكل لا يتعلق بمياه تازروالت بل هناك حملة انتخابية وتنافس بين بعض المنتمين للمشيختين بقصد جمع التأييد الشعبي والحصول على ثقة السكان كزعماء للمشيختين»، وأوضح رشيد فهمي أن السكان «يقومون ببيع الماء وكرائه ولا يستفيدون منه مباشرة في فلاحتهم التي يدعون أنها تضررت»، وحول الاتفاق الأخير بمقر الولاية، أكد مسير الضيعة أنه «لم نتفق على أي حل وإنما اتفقنا على قياس صبيب العين، إنهم على عكس ما يدعون يستفيدون ثلاث مرات ضعف استفادة الضيعة من المياه، والضيعة تستفيد فقط من 80 لترا في الثانية لا يصل منها سوى أقل من النصف، نظرا لكون مجرى المياه الذي يمتد على مسافة 4 كيلومترات يمر بدواوير تستفيد من الماء في الاستعمال المنزلي وفي سقي المواشي، كما نتعرض أحيانا لسرقة المياه من البعض، إذ لا يمكننا مراقبة 4 كيلومترات كاملة»، وأوضح رشيد فهمي أن «تضرر الضيعة من نضوب الماء أو قلته في فصل الصيف لا يقل عن تضرر المستفيدين من مياه العين من الفلاحين، إن لم تكن الضيعة أكثر تضررا، فالجفاف يصيب الجميع»، وعن تحديد نوع الأضرار التي قد تكون لحقت الضيعة، أكد رشيد فهمي أن «أزيد من 400 عامل في الضيعة اليوم حرموا من مصدر رزقهم وتم تسريحهم، نظرا للحالة التي تعيشها الضيعة بعد قطع الماء عنا من السكان، كما أن هناك زراعات تضررت بالكامل، ورغم أننا نقوم بزراعات تساهم في التنمية كالشمندر السكري والقمح في مساحة تبلغ 800 هكتار».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.