أصبحت كلمة «المرض» ودواعيه تطارد العديد من الأسر المغربية وصار شبح العلاج يسكن البيوت المغربية، فكلما أصاب المرض فردا من العائلة، توجَّه عطف واهتمام العائلة نحوه، مما قد يؤثر إيجابا وكذلك سلبا على الجانب النفسي للمريض، ففي أغلب الأوقات نُركّز في علاج كل مرض على كل ما هو علاجي، من أدوية، ويبقى المصطلح المتداوَل في الوسط العائلي كلمات ربما تمس أعماق الأقارب «أدوية»، «تحاليل»، «راديو»... إلخ. وكلها كلمات أصبحت شبح المريض وعائلته، لكن ما نلاحظه هو أن العلاج يتركز على الأدوية فقط، في حين أن قطبين من أقطاب العلاج ربما يتم إهمالهما، ويتمثلان في الجانب النفسي والجانب الغذائي، الأخير الذي قد يغير، تماما، مسار العلاج، إما نحو الأسوأ أو نحو الأحسن، فجانب التغذية أصبح في الدول المقدمة ذا أولوية وذا أهمية بالغة، حيث أصبح ضروريا مرور المريض عبر أخصائي تغذية، الذي يشكل، بدوره، مرحلة مهمة في المسار العلاجي للمريض. وما يؤسف هو أننا أصبحنا نرى أناسا يستغلون الضعف النفسي والمعنوي للمريض الذي يتمسك بكل خيط يمكن أن يقوده في درب العلاج، أناس همُّهم الوحيد هو الربح ولا شيء غير الربح وأصبحوا يُروّجون لمواد يدّعون أنها الشفاء لكل داء، في حين أنهم، هم أنفسُهم، لا يستعملونها في مرضهم. كما أن هناك أصحاب «العصي السحرية»، الذين يملئون صفحات الأنترنت ب»ريجيمات» لا علاقة لها بذلك، فضعف الجانب النفسي عند المريض وملله من وسائل العلاج الروتينية تجعله يحاول تجربة مواد يقال إنها «طبيعية بديلة يمكن أن تعالج المرض أو تعوض الأدوية المتداولة». لكن الحقيقة تكمن في العادات الغذائية الواجب مراجعتها وتصحيحها، لأن المعدة هي ضابط إيقاع سنفونية الحياة «قل لي ماذا تأكل، أقلْ لك مم تعاني».. ربما يظن الناس أن الحمية أو «الريجيم» إجراء معقد ويتطلب مجهودا وعزيمة لاتّباعه، لكن الحقيقة هي غير ذلك، لأن الحمية هي ل»الحماية» والوقاية، سواء للمريض أو للشخص السليم وتتطلب فقط تصحيح العادات الغذائية السيئة، فلا يمكن أن نتحدث عن حمية تتضمن مواد مصنعة أو مواد بلاستيكية أو مواد معدَّلة وراثيا، ربما هذه مواد قلبت موازين العالم فيما نتكلم عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي، متناسين التغير الغذائي الخطير، حيث أصبحت عاداتنا الغذائية تكسوها أسماء «جميلة» لمنتجات تجذب الزبناء بما يكتب عليها من كتابات وصور، حيث إذا ما ترددنا نحن في شرائها يدفعنا أبناؤنا إلى ذلك ليس لأنها صحية وإنما لأن الاسم والصورة التي وضعت على المنتوج هدفهما الإغراء، أما كون المنتوج صحيا أو لا فهنا تطرح «علامات» استفهام.. لقد أصبح الكل يتقبلون ويجهلون ما «يبتلعون»، لأن «المهم» أصبح هو حكم الآخر ،إذ أصبح نوع الغذاء رمزا للرقي الاجتماعي، في حين أن بعض الأغذية الصحية أصبح «عيبا» أن توضع فوق المائدة.. وكما أقول دائما: المسؤولية مسؤولية جماعية وليست فردية، فلنحاول أن نستغل رياح التغيير التي تهُبّ على بلادنا ونراجع عاداتنا الغذائية، ولو لأجل أبنائنا الذين هم رجال الغد، وتذكروا، دائما، أن المرض وارد، والشفاء مطلوب، والوقاية خير من العلاج...