في اجتماع استثنائي غاب عنه فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، أعلن أعضاء المكتب الوطني للحزب عن رفضهم طلب الاستقالة، الذي كان قد تقدم به الهمة، في وقت سابق، من مهامه على رأس لجنة الانتخابات ولجنة المتابعة، وهي الاستقالة التي اعتبرت من قبل المتتبعين بداية لانسحابه من الحياة السياسية بعد أن أصبح محتجو حركة 20 فبراير يرفعون صوره في المسيرات الاحتجاجية مطالبين برحيله. وحسب مصادر قيادية من «البام»، فقد كان لافتا خلال اجتماع المكتب الوطني المنعقد مساء أول أمس، بجدول أعمال يتضمن نقطة وحيدة هي طلب الهمة إعفاءه من مهامه الحزبية، توحد التيارين المتصارعين داخل المكتب حول عقد المؤتمر الوطني الثاني على التمسك بمؤسس الحزب، خاصة في ظل حديث البعض عن بداية أفول نجم حزب «البام» ومؤسسه. وأشارت المصادر إلى حصول إجماع داخل المكتب الوطني على عدم قبول طلب الإعفاء الذي كان قد توصل به محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام للحزب، الأحد الماضي، إلى حين حضور الهمة إلى المكتب الوطني الذي اختار التغيب عن اجتماعاته في الأسابيع الماضية، وتقديمه التوضيحات الضرورية واللازمة بخصوص إقدامه على تلك الخطوة التي أحدثت رجة داخل الحزب وخارجه. الحبيب بلكوش، عضو المكتب الوطني، أوضح في اتصال مع «المساء» أن أعضاء المكتب الوطني الحاضرين، أكدوا خلال الاجتماع على رفض طلب الإعفاء والتأكيد على كونه في قلب المشروع، وعلى ضرورة مواصلة عمله بالنظر إلى القيمة المضافة التي يحملها للحزب، وإسهاماته في النهوض بمشروع الحزب وإعادته إلى سكته، والمساهمة في التصحيحات اللازمة، والإعداد للمحطات المقبلة، خاصة في ظل التحولات التي يعرفها المشهد السياسي والحراك السياسي والاجتماعي والإصلاحات الدستورية. إلى ذلك، اعتبر سامر أبو القاسم، عضو المكتب الوطني، وأحد الموقعين على بيان الدعوة إلى مؤتمر استثنائي، أن «حاجة الحزب إلى الهمة أمر لا جدال فيه»، لافتا إلى أن موقف الرفض الذي أبداه المكتب الوطني لطلب الإعفاء مرده إلى حاجة المكتب إلى مزيد من الاستيضاح للحيثيات التي تضمنها الطلب. ووصف أبو القاسم طلب الهمة الإعفاء من مهامه الحزبية بأنه «تفاعل مع ما يقع داخل الحزب في الوقت الراهن، حيث برز أن هناك رأيين وأن الأمر لا يقتصر على من هو مع عقد المؤتمر الوطني أو ضده، وإنما ظهر جليا أن هناك عناصر اختلاف أساسية في جوهر المشروع». عضو المكتب الوطني «للبام» والمحسوب على تيار اليساريين، اعتبر أن مشروع الأصالة والمعاصرة انحرف عن منطلقات تأسيسه، وأن الجدال الدائر داخل الحزب بين دعاة عقد المؤتمر ومناهضيه تجاوز المكتب الوطني بعد أن استنفدت كل الخطوات. وقال في تصريحات ل»المساء»: «بعد مداولات واجتماعات ماراطونية، وحملة ترافع قوية بشأن الطرحين، والاستماع إلى بعضنا بما فيه الكفاية، أعتقد أنه آن الأوان للانفتاح على أطر الحزب الجهوية والمحلية وإشراكهم في النقاش الدائر، على اعتبار أن الشأن الحزبي هو شأن عام، وهو أمر لا يدركه البعض الذين يريدون العمل بمنطق الكواليس والتحكم». وفي سياق متصل، توقع قيادي في «البام» من المحسوبين على جناح البرلمانيين ومؤيديهم، أن ترتفع حرارة الصراع بين جناح اليساريين وجناح «البرلمانيين في الأيام المقبلة، بسبب محاولة كل طرف إنهاء الصراع لصالحه، مشيرا في اتصال مع «المساء» إلى أن «الجميع متفق على عقد المؤتمر لكن السؤال الذي يطرح ويتعين على الطرف الآخر الإجابة عنه هو : أي مؤتمر نريد؟ وبأية أجندة؟ وليس الأجندة الشخصية». إلى ذلك، كشف طاهر شاكر، عضو المكتب الوطني، الذي غاب عن اجتماع المكتب بسبب ترؤسه نشاطا حزبيا، أن مناضلي الحزب بجهة الغرب عبروا عن رفضهم لطلب الهمة إعفاءه من مهامه الحزبية، والتأكيد بالمقابل «على تشبثهم بفؤاد والمطالبة بتصحيح التدبير الحزبي وتنقية الجو من المفسدين»، فيما يرى قياديون في الحزب عكس ذلك، إذ يرى بعضهم أن الهمة لم يعد له مكان داخل الأصالة والمعاصرة، خاصة بعد أن تبين أن الرجل أسس شركة استفادت من المال في قضية مقدسة لدى المغاربة خارج القانون، في إشارة إلى تكفل شركته بتسويق ملف الصحراء مقابل ملايين السنتيمات.