منذ ليلة الجمعة الماضية، لم أستطع قراءة ما يكتبه رشيد.. ولم أستطع الاطلاع على جديد إنتاجات «شوف تشوف»، ببساطة لأن صاحب العمود في السجن...! والتهمة لا أعلم تفاصيلها غير ما تناقلته وسائل الإعلام، بما في ذلك جريدة «المساء». في البداية، قيل إن هذه التهمة تصل إلى حد المساس بأمن الوطن والمواطنين، ثم تحولت إلى تحقير مقررات قضائية ثم التبليغ عن جريمة لم تقع! ما معنى تحقير مقرر قضائي!؟ ربما يقصدون أن رشيد كان يعتبر القرارات القضائية -يعني الأحكام الصادرة عن القضاء- «حقيرة» و«دينئة» لكونها لا تحترم نفسها - إذا كنت تتعاطى شرب الخمر وتسهر ليلا وتثير الضجيج وتدخل إلى الفصل الدراسي بلباس غير محتشم وتطلع على العامة مكشوف الصدر والمفاتن! وربما يقصدون بالتبليغ عن جريمة لم تقع، كون رشيد قد توهم في أحد أعمدته ولم يخطر على بال مسلم أو بشر.. لا أعرف.. التبليغ عن جريمة لم تقع، معناه على حد فهمي.. أن رشيد ذهب ذات صباح إلى قسم الشرطة القريب من بيته أو من محل عمله وأبلغ، «الكوميسير المياوم» -كما تعلمون، لا يمكن لرشيد أن يذهب في ظل انشغالاته إلا خارج أوقات العمل الرسمية- عن قضية قتل أو سرقة من وحي الخيال في عهد عمر بن الخطاب.. وعندما عادت الشرطة إلى كتب التاريخ وجدت أن عمر لا يمكنه أن يسمح بالسرقة.. أو القتل! لا أستطيع أن أخبركم الحقيقة.. أنا فقط أخمن، لكن أنا فعلا حزين.. كئيب.. ولا رغبة لدي في الإقبال على شيء.. فقد احتجز رشيد رغم كونه يملك قلما جميلا.. نافذا.. ثاقبا.. كاشفا.. معبرا.. مفصحا.. ناطقا.. مزعجا.. أنا حزين يا صديقي.. لأنه تداعى إلى مسامعي أنك ترمي الناس بالحجارة..! وأنك ناديت بسقوط قانون «الإدغام» عيب عليك.. كيف يمكننا أن نسقط الإدغام في اللغة.. ماذا ستقول لرب القواعد والنحو «سيبويه»؟ لقد كنت يا رشيد كلما تناقشت مع الأصدقاء حول بعض من أعمدتك وما تورده من أخبار مثيرة، دون شك، حد الغرابة..! حد القسوة.. وأحيانا حد الحمق.. أقول «الله يعطينا في هذا البلد العشرات من رشيد نيني»، لا يضر في شيء قلم بتار أهل أمة تتوق إلى الحرية والانعتاق والمساواة والعدل والديمقراطية.. منذ انفجار خبر استدعائك واعتقالك.. توالت البيانات والتنديدات بهذا الفعل.. ويمكن أن أقول إن هناك شبه إجماع على أن قضيتك اليوم يحوم حولها ظلم غير واضح المعالم أيضا. وبغض النظر عمن كان يعتبر مقالاتك ظلما ومن يعتبر اليوم اعتقالك ظلما، فإنني أبصم بالعشرة على أني لا أختلف معك في شيء.. ولا ألومك على شيء وأتضامن معك بلغة السياسيين تضامنا مطلقا، وبلغة الحقوقيين أندد تنديدا لا حدود له بهذا الاعتقال، وبلغتي أولا ولغة الشعب أقول لك: «الله يطلق سراحك»، وقد كان عمر بن الخطاب يقول وهو أمير للمؤمنين «رحم الله عبدا أهدى إلي أخطائي»، وما أظنني بك إلا قلما يهدي الأخطاء.. ويرتكبها أيضا.