«نحن ممنوعون من مباشرة أي إصلاح أو زيادة أي بناء بحينا دون موجب حق، وهناك من شرع في عرض منزله للبيع بعدما علم أن سيدة اشترت الأرض سنة 2007 وقامت بتحفيظها على أنها أرض عارية، في حين نحن نسكن منازلنا منذ فترة الستينيات والسبعينيات. طلبنا واحد هو فتح تحقيق نزيه والضرب على أيدي المتلاعبين بالقانون». كان هذا رأي عدد من سكان دوار السهلي بحي الانبعاث بسلا، الذين وجدوا أنفسهم أمام مشكلة تحفيظ الأرض، التي بنيت عليها مساكنهم، وعلموا بدعوى قضائية رفعتها السيدة التي اقتنت الأرض ضد الجماعة الحضرية بسلا أمام المحكمة الإدارية بالرباط. قامت السيدة (ف. ع) عن طريق موكلها المحامي (ج. م) باقتناء الرسم العقاري عدد 50764/ر الكائن بسلا تابريكت لعقار تبلغ مساحته أكثر من 4 هكتارات من ورثة المرحوم بوبكر بن الصغير، مابين 5 يناير 2007 و25 أبريل 2007، بمبلغ لا يتجاوز 14 درهما للمتر المربع على أنه أرض عارية، غير أن الواقع عكس ذلك، إذ أنه يمكن لأي زائر أن يشاهد بأم عينيه أن الأرض ممتلئة عن آخرها بمساكن تعود إلى عقود خلت. ويضم هذا العقار، الذي يحمل اسم دوار السهلي، أزيد من 450 منزلا ويتوفر على كافة التجهيزات الضرورية من ماء وكهرباء وواد حار وطرقات معبدة ، كما يتوفر على ودادية منذ سنة 1984، وهي التي قامت بإنجاز تصميم التهيئة. ويقول عبد الرحمان فوزي، رئيس جمعية «سكان بلاد بن الصغير»، إن «تحايلا وقع خلال التسجيل عندما طلب من القابض تطبيق الفصل 96 من قانون التسجيل والتمبر على أساس أن الأرض عارية، رغم أن هناك مساكن مشيدة عليها منذ سنوات». ويبقى هم السكان الوحيد، يضيف فوزي ل«المساء»، هو «تسوية ملكية الحي الأصلية عن طريق حكم قضائي حتى يتمكن السكان من تحفيظ منازلهم تجنبا لكل تحايل آخر، خاصة أن هناك انعكاسا على عملية الإصلاح والبناء والمعاملات العقارية بعد رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالرباط. كما أن العقود العرفية التي توجد بحوزة السكان لم تعد لها قيمة بعد تحفيظ الأرض التي بنيت عليها مساكنهم باسم المالك الجديد». فتح تحقيق نزيه «لن نتخلى عن طلبنا المتمثل في فتح تحقيق نزيه وشفاف، ومحاسبة كل من سهل عملية تحفيظ أرض على أساس أنها عارية، و كل من يسعى إلى خلق الفتنة بمدينة سلا، وهناك مافيا للعقار ترغب في الاغتناء على حساب المواطنين بنهج أسلوب التحايل، فنحن في عهد دولة الحق والقانون» يقول أمين مال الجمعية. فيما يقول رئيسها إن عددا من شهادات السكان والعقود المتوفرة لديهم تطعن في الوثائق التي حصلت عليها المالكة الجديدة للعقار، ويشرح المصلوحي بن الجيلالي- وهو من المواطنين المتضررين- ل«المساء» أنه اشترى بقعته منذ سنة 1973 وشيد عليها منزله بعد ذلك بسنتين، ليفاجأ مثله مثل سكان دوار السهلي بأن ملكية الأرض تحولت إلى سيدة ناب عنها محام في شرائها، وهو ما عرقل عددا من مصالحهم .يقول المصلوحي بن الجيلالي: «لم نفهم ما يحدث بسلا. لقد أصبح عدد من الناس يرغبون في بيع مساكنهم بعدما علموا بأن الأرض أصبحت في ملكية سيدة، وهو ما يعيق تحفيظ منازلهم التي اشتروها منذ سنوات». وبدوره اقتنى عبد الكبير أوبقدير مسكنه منذ 36 سنة، ليجد نفسه غير مسموح له بأي إصلاح بمنزله بعدما صدر حكم ضد المجلس الجماعي يقضي بمنع وتوقيف جميع أشغال الحي. دليل السكان في شكايتهم توفرهم على عقود للبيع عرفية ومنازلهم، التي يقطنون فيها منذ سنوات. وبالرجوع إلى عقد بيع على سبيل المثال تتوفر «المساء» على نسخة منه، نجد أن البائع هو ابن الصغير الحاج أبو بكر، الذي باع قطعة أرضية مساحتها أربعة وسبعون مترا بتاريخ 8 فبراير من سنة 1968 للحسن بورجيلة. وعبر عدد من السكان ل«المساء» عن استيائهم من هذا الملف، الذي يسعون إلى وضع حد له، ومنهم سليمان المستحيي، مهاجر بالخارج، الذي فوجئ ذات مرة بعد عودته إلى المغرب باستدعائه سنة 2007 عن طريق عون قضائي ليخبره بأن سيدة اشترت الأرض وأنها ترغب في تسوية الملف، فلما سأل عن الطريقة، أجابه بأن الأمر يتطلب مالا إذا رغب في تحفيظ مسكنه، فما كان من المهاجر إلا أن لجأ إلى رئيس المحكمة الابتدائية، ليخبره بالموضوع ويعرض عليه مشكلته ليخبره بأن يطمئن مادام يتوفر على عقد منزله. وحسب مقال وجهه دفاع السيدة (ف. ع)، التي اشترت العقار، والذي وجهه إلى رئيس المحكمة الابتدائية بسلا، ذكرت السيدة أنه تبين لها أن هناك «بنايات في طور التشييد تقام فوق عقارها وأن من حقها المطالبة بإجراء معاينة للبنايات التي تشيد فوق عقارها ووصفها وصفا دقيقا مع إجراء إنذار استجوابي لمساءلة الأشخاص الذين قاموا بإنشائها وتسجيل أسمائهم الكاملة». واعتبر مقال الدفاع أن «طلب العارضة عادل ومشروع وأنه يتعين الاستجابة له ويستمد مشروعيته من شهادة ملكيتها». شهادة الملكية، التي تتحدث عن أرض عارية، وشهادة المحافظة العقارية، هما اللتان جعلتا السكان يطالبون بفتح تحقيق في الموضوع ومحاسبة كل من تورط في منح شهادة ملكية لأرض باعتبارها عارية، في حين أن منازلها مشيدة منذ عقود خلت. علاقة السنتيسي بالورثة بيع الورثة الملكية من جديد جعل أحدهم يتقدم بإشهاد، خلال شهر مارس الماضي، وهو يوسف بن الصغير, أكد فيه بأنه «يصرح بشرفه وحسن نيته وصدق قوله ودون إرغام عنه وهو في كاملة قواه العقلية والإدراكية بأنه لم يسبق له أن أبرم أي عقد بيع بخصوص الملك ذي الرسم العقاري (عدد 50764 راء) بخصوص نصيبه من أرض «بلاد بن الصغير»، لعلمه أن والده قد باع قيد حياته كل الملك المذكور». واعتبر يوسف بن الصغير، في الإشهاد الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، أن كل ما نسب إليه في عقد التوثيق المؤرخ يوم 15 من يناير 2007 هو «تزوير وتلفيق، خاصة أن الملك المذكور قد تم بيعه وبناؤه منذ زمن طويل». وحسب العقد، فإن ورثة ابن الصغير باعوا ملكية الأرض على أساس أنها فارغة لسيدة ناب عنها في الشراء محام بهيئة الرباط سنة 2007مقابل مبلغ مالي قدره 620 ألف درهم وتم تحفيظها بمحافظة سلا دون إجراء معاينة لهذه الملكية المشيدة كلها. وبالبحث في العلاقة التي تربط ورثة ابن الصغير ببعض الشخصيات، بدا أن أرملة هذا الأخير تربطها علاقة تجارية مع إدريس السنتيسي، عمدة مدينة سلا السابق، والتي سبق لها أن أوكلت السنتيسي بصفته الممثل القانوني لمجموعة مدارس الأمانة ليقوم مقامها ومقام أبنائها في التوقيع والإنكار والقبض والأداء والبيع والشراء والتصرف بجميع أنواع التصرف في حقوقها وحقوق أبنائها مع الشركاء في شركة باب مراكش بجميع أنواع التصرف والتوكيل، حسب نص التوكيل. وإذا كان هذا التوكيل يهم شركة ولا علاقة له بالأرض فقد تبين بجلاء، حسب المتضررين، النفوذ الذي تتمتع بها السيدة التي قامت ببيع أرض شيدت عليها مبان، حسب تعبيرهم. دعوى ضد الجماعة ما دفع السكان يتحركون ويقدمون شكايات عديدة لعدد من الجهات هو علمهم بالدعوى القضائية التي رفعتها السيدة (ف ع) ضد الجماعة الحضرية لسلا لتطلب التعويض عن قيام الجماعة، دون علمها، بشق الطرق والأزقة في أرضها العارية التي اقتنتها سنة 2007 . وقضت المحكمة في المرحلة الابتدائية بتعويض السيدة (ف ع) ب 3000 درهم لكل متر مربع، غير أنه بعد استئناف الحكم قضت المحكمة برفض الحكم الابتدائي وإعادته من جديد إلى المرحلة الابتدائية. وقد قامت الجماعة الحضرية بوضع طلب فتح تحقيق لدى وزير العدل في الملف، وراسلت المحافظ العام، كما طالبت الجماعة بتوجيه إنذار استجوابي للموثقة. وقد تمت عملية البيع ما بين السيدة (ف ع) وورثة المرحوم بوبكر بن الصغير مابين 5 يناير 2007 و 25 أبريل 2007 بمبلغ لا يتجاوز 14 درهما للمتر المربع على أنه أرض عارية. واعتبر دفاع الجماعة الحضارية في المقال الاستئنافي أن «المدعية تسعى إلى الإثراء عن طريق التدليس، وقالت إن ملكها تعرض لاعتداء مادي من طرف المدعى عليهم، رغم أنها كانت تعلم وقت شرائها لعقار ابن الصغير أنه عبارة عن حي سكني اقتصادي مبني عن آخره من طرف ساكنيه الذين شيدوا فوقه منازل من طابق أو طابقين أو ثلاثة طوابق» واكتمل بناء هذا العقار في إطار تجزئة غير منظمة خلال الثمانينيات. وبعد صدور قانون التجزئات 25.90 سيتقدم المالك الأصلي للعقار بوبكر بن الصغير بطلب التسوية القانونية لهذه التجزئة، التي ستصير مرخصة بتاريخ 24 /12/1996 تحت عدد 316 على أنها تتضمن آنذاك 480 بناية مكتملة ومجهزة بالماء و الكهرباء و التطهير وكذا الطرق و الأزقة .
خوف من نفس المصير بعد اقتناء السيدة ( ف. ع ) حقوق ورثة بوبكر بن الصغير في الرسم العقاري، اعترضت على رخص تعلية البناء أو إضافة طابق وفق تصميم تهيئة الحي، لتتوجه بعد ذلك إلى رفع دعوى ضد الجماعة الحضرية لسلا, طالبة التعويض عن قيام الجماعة، دون علمها، بشق الطرق والأزقة في أرضها العارية التي اقتنتها سنة 2007، مع العلم أن المالك الأصلي والمستفيدين من العقار هم من أنشؤوا تلك التجهيزات قبل سنة 1996. ويثير الملف بعض المعطيات، حيث تم تسجيل عقود الشراء، التي أنجزتها المدعية وكذا تحفيظها على أن العقار أرض عارية، على اعتبار أن الوثائق التي ستدلي بها السيدة (ف ع) لا علاقة لها بواقع العقار المستغل عن آخره، إضافة إلى أن المبالغ المصرح بها في عقود الشراء تتطلب المراجعة الضريبية، التي من المفترض أن تتم وفق مرجعية أثمان السوق، إذ كيف يمكن تصور اقتناء أرض عارية بوسط مدينة سلا سنة 2007 ب 14 درهما للمتر المربع?. واقع دوار السهلي ينطبق على عدد من الأحياء السكنية بالمدينة، إذ جرت العادة أن يتم بيع أراض فلاحية بدون تحفيظ من قبل أصحابها لتفادي أداء الضرائب، وإذا ما رغب الذين اقتنوا الأراضي في تحفيظ ما اقتنوه فإنهم بحاجة إلى عقد ملحق من المالك الأصلي يتضمن الرسم العقاري ورقم البقعة، وهذا الملف يجعل عددا من السكان بسلا يتخوفون من أن تعرف منازلهم نفس مصير دوار السهلي ويتم التلاعب بالعقار من أجل الاغتناء على حساب السكان، كما جاء على لسان عدد منهم.