لقد هبت رياح التغيير لتشمل العديد من المجالات الحيوية، حيث دخل المغرب مسلسلات التغيير البنّاء، وعندما نقول التغيير لا نستثني أي مجال، ولهذا يشمل التغيير أيضا الجانب الصحي. وما دام حس التغيير قد سكن كل البيوت المغربية، فلا بد أن نؤكد أن تغييرا من نوع خاص يجب أن ينتبه إليه المغاربة وهو العادات الغذائية السيئة التي أصبح المغاربة يتبعونها، فيجب مراجعة هذه العادات، والهدف هو الرجوع إلى العادات المغربية الأصيلة، والتي تمكننا من مواجهة الأمراض المترتبة عن العولمة... لقد أصبحنا نعاين، في الآونة الخيرة، «موضة الريجيمات» على أغلب المواقع الإلكترونية، حيث إن العديد من المتتبعين يجدون هذه المواقع مرجعا لاتباع حمية قد تخرجهم من أزمة مرضية أو تحسين الوزن ومحاولة منهكة للوصول إلى الوزن المثالي أو حلا لمشكل المعاناة مع الوزن الزائد. وتعتبر النظرة إلى الوزن من الأسباب الرئيسية التي تجعل أغلب المصابين بزيادة الوزن والسمنة يفقدون الثقة في النفس، إذ يجدون ملاذهم في هذه المواقع التي هدفها، قي أغلب الأوقات، هو جلب عدد كبير من الزوار، ولو على حساب الرصيد المعرفي للفرد، حيث يقومون بتزويد الزوار بمعلومات أقل ما يقال عنها أنها خاطئة، والكل أصبح يتكلم عن التغذية بدون رصيد معرفي ويجعل مصدر معلوماته موقع إلكتروني أو مجلة ما، فمثلا إذا ما دخلنا موقعا صحيا، وخصوصا فقرة «الريجيم» نجد «ريجيمات» موحدة، متناسين فيها العديد من العوامل التي قد تغير تماما نوعية الحمية، نذكر -على سبيل المثال- نوعية النشاط، الوزن, الطول والعادات الغذائية... كلها عوامل نعتمد عليها، نحن كأخصائيين، لتحديد السعرات الحرارية الواجب أخذها بعد إجراء تحقيق في نوعية الأغذية التي يعتمد عليها الفرد في نظامه الغذائي. ونجد ضحايا اتبعوا «ريجيمات» المواقع فانتهى بهم المطاف إلى أسوأ مما كانوا عليه، فنحن، كأخصائيين، نعتمد على القاعدة الذهبية، وهي التعامل مع كل حالة على حدة، وكل حالة هي حالة خاصة بالنسبة إلينا ولا يمكن أن نعطي حميات موحدة، لأن لكل فرد خصوصياته، التي تتحكم بشكل مباشر قي نوعية الحمية الواجب اتباعها، ولهذا ليس العيب أن يدفعنا فضولنا إلى القراءة والاستطلاع، إنما العيب أن ننشر معلومات خاطئة يمكن أن يذهب ضحيتَها أفراد.. ولهذا، إذا اضطررنا إلى اتباع حمية ما، فلا بأس أن نستشير أخصائيَّ تغذية، الذي هو الوحيد الذي يمكنه وصف حمية تتناسب وظروف الفرد، مراعيا فيها جميع العوامل المحيطة بالفرد. والأطفال هم ضحايا عادات الآباء الغذائية السيئة، التي تتمثل في عدم اجتماع الأسرة على مائدة الطعام، عدم احتواء وجبة الإفطار على العناصر الغذائية المتكاملة، الدعاية والإعلانات التلفزيونية لكثير من المواد الغذائية مرتفعة السعرات الحرارية ومنخفضة القيمة، والتي تقوم بإلغاء دور الأنزيمات الهاضمة التي تفرزها المعدة، ومن ثم تؤدي إلى عرقلة عملية الهضم وإلى عدم استفادة الجسم من المغذيات. ويكمن الحل في تعزيز المفاهيم الصحيحة حول العادات الغذائية السليمة وأهمية تناولهم وجبة الإفطار والتقليل من المشروبات الغازية. والآباء والأمهات هم قدوة للأبناء في هذا الإطار، بالإضافة إلى تكثيف عملية التثقيف حول التغذية لطلبة المدارس، عن طريق المحاضرات ومن خلال البرامج التلفزيونية ودعم البحوث والدراسات، للتعرف على مشاكل التغذية. لذلك، لماذا لا نستغل رياح التغيير التي تهب على بلادنا ونحاول تجنب العادات السيئة ونبتعد عن المواد المصنعة (السموم) ونعمل على توعية أطفالنا وتربيتهم على التعامل الجيد مع الغذاء وعلى تغيير العادات التي قد توصلهم إلى ما لا تحمد عقباه، والتوعية واكتساب عادات غذائية سليمة، في محاولة منا لتحسين الثقافة الغذائية وزرعها في الجيل الجديد، والتغيير يبدأ بالنفس ثم الأسرة ثم الوسط المحيط، فالمجتمع, فبأبسط الأشياء يمكن أن نكوّن نظاما غذائيا سليما خاليا من السموم والمواد المضرة... ولا تنسوا أن المرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج...