لم تنته بعدُ تداعيات التدخلات الساخنة التي عبّر عنها بعض العاملين في القناة الثانية خلال الجمع العام الأخير لمكتب نقابة المستخدَمين داخل هذه المؤسسة، حيث انتقد هؤلاء المستخدَمون طريقة العمل المنتهَجة حاليا على الصعيد النقابي وكذا ما أسموه «ازدواجية الخطاب» في العلاقة مع الإدارة العامة ل«دوزيم». وبهذا الخصوص، أفاد مصدر حضر الجمع العام ل«المساء» أن بعض أطر القناة تساءلوا عن سر «صمت» مكتب نقابة المستخدمين عن البلاغ الصادر مؤخرا عن المجلس الإداري للمؤسسة، و«المغرق في التفاؤل»، حيث تحدث عن تحسن إيجابي في أداء القناة وفي وضعيتها المادية والاجتماعية، وهو ما يتناقض، من جهة، مع خلفيات الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها أسبوعيا المكتب النقابي، ومن جهة أخرى، مع الحراك الاجتماعي الحالي، الذي ينتقد أداء «دوزيم». وبَدَل صدور موقف واضح تجاه بلاغ المجلس الإداري لشركة «صورياد -دوزيم»، اعتبر المنتقدون أن «نقابتهم» لجأت إلى «سياسة الهروب إلى الأمام»، أولا من خلال الحديث عن قضايا بعيدة عن الانشغالات الأساسية والمستعجَلة للمستخدَمين في القناة، كمطالبة الحكومة باعتماد أرضية لإصلاح الإعلام العمومي، وثانيا من خلال التنسيق مع نقابات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. وقال أصحاب هذا الموقف: «هل بمقدور نقابيي «دار البريهي» أن يتضامنوا معنا في الميز الذي يمارسه الرئيس المدير العام، فيصل العرايشي، ضد «دوزيم»، التي لا تستفيد سوى من دعم ضئيل جدا بالمقارنة مع القناة الأولى؟ كما أنه «يدلل» هذه الأخيرة على حساب القناة الثانية، إنْ على مستوى صفقات الإنتاج أو على مستوى طريقة التعامل خلال التظاهرات الرياضية والفنية الكبرى»... من جهة أخرى، استهجن بعض المتدخلين ما اعتبروه «صمت» مكتب نقابة المستخدَمين، بل و«تواطؤه» مع الإدارة العامة في الكيل بمكيالين في ما يتعلق بالأجور والترقيات ومناصب المسؤولية وأعطوا مثالا على ذلك بتقنيين ومستخدَمين عاديين يتلقّوْن أجورا عالية ويترقون إلى رؤساء أقسام ومصالح، في حين يُحرم ذوو الكفاءات والخبرات والشهادات العليا من ذلك. وقد فتحت هذه النقطة بالذات النقاش حول كيفية التحاق الكثيرين بالقناة الثانية ومدى ارتباط ذلك بالزبونية والحزبية ومسؤولية قياديين حزبيين في هذه المسألة بالذات، وكذا التداخل الموجود في نظرهم بين النقابي والحزبي في القناة الثانية. وفي ارتباط بهذا الموضوع، أفاد مصدر مطّلع أن بعض العاملين يهددون بالكشف عن أسماء «الأشباح» الموجودين في المؤسسة، سواء الذين لا تطأ أقدامهم بناية «عين السبع» إلا عند طلب العطل السنوية أو الذين يقتصر «عملهم» فيها على شرب القهوة في «الكافتيريا» وتدخين السجائر والنميمة في الناس، على حد قول المصدر. وتساءل أحد قيدومي المؤسسة حول من له مصلحة في تجاهل الاقتراح الذي اشتغل عليه أطر المؤسسة ومسؤولوها، والمتمثل في الاستفادة من منتوج ل«التقاعد التكميلي» يتيح للعاملين الاستفادة من عائدات شهرية لهذا التقاعد عند بلوغهم سن ال55، مقابل الزيادة في مبلغ المساهمات الموجهة لهذا الصندوق. أما بخصوص قرار الزيادة في الأجور، التي أعلن عنها مكتب نقابة المستخدمين، فقد اعتبر بعض العاملين أن النسبة المعلن عنها (7 في المائة) ستكون أساسا في صالح ذوي الرواتب العليا، أما الباقي فلن يستفيدوا إلا من زيادة ضئيلة لن تتعدى، في كثير من الحالات، 200 أو 300 درهم، حتى وإنْ تم حصر الحد الأدنى في 500 درهم، تُقسَّم على مرحلتين، باعتبار أن الزيادة ستكون في الراتب الخام وليس الصافي. وقالوا: «يحدث هذا في الوقت الذي تعلن الحكومة عن زيادة عامة في أجور موظفي القطاع العام تصل إلى 600 درهم في الراتب الصافي وليس الخام، كما أكد ذلك وزير تحديث القطاعات العامة. والحال أنه كان حريا ب«دوزيم»، كشركة كبرى ذات أرباح، أن تعتمد هذا المبدأ، فبعملية حسابية بسيطة، يتضح أنه إذا تم اعتماد زيادة عامة بنفس المبلغ ولكل العاملين في «دوزيم»، ستكون تكاليف هذه الزيادة أقل ومردوديتها أكثر على العاملين، وخاصة من ذوي الرواتب الضعيفة والمتوسطة، وهم كثيرون، أما إذا تم إقرار زيادة بنسبة 7 في المائة من الكتلة الأجرية، توزع بشكل غير شفاف، فستكون النتيجة تضخُّم الكتلة المذكورة في ميزانية المؤسسة ولن يستفيد منها، في نهاية المطاف، سوى أصحاب الرواتب العليا». وقال أحد «الغاضبين» على الصيغة التي اعتُمِدت في الزيادة مؤخرا: «إذا ما تم إقرار زيادة عامة لكل العاملين في القناة، وبالتساوي، قدرها 1500 درهم، فستكون الحصيلة أخفَّ على المؤسسة ويستفيد منها الجميع، وخصوصا ذوو الرواتب الهزيلة». وعلمت «المساء» أن مجموعة من العاملين داخل القناة الثانية بصدد تهيئ عريضة مَطالب مستقلة، فاق عدد الموقعين عليها، إلى حد نهاية الأسبوع الماضي، 200 شخص. فهل يتعلق الأمر بحركة تصحيحية؟ كما تساءل البعض.