سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القصة الكاملة لاكتشاف مستودعات تعمل على إعادة تلفيف مواد غذائية منتهية الصلاحية بضواحي برشيد اتخذوا من ضيعة فلاحية فضاء لممارسة أفعالهم الإجرامية المضرة بالصحة العامة
إذا كانت لوبيات كبيرة تركب على اقتصاد الريع لتحقيق أهدافها الانتهازية، فإن عبد العالي عمور، رئيس مجلس المنافسة، أكد من خلال تصريحه لبعض وسائل الإعلام أن هذه اللوبيات (مافيات) تعيش على فضائل اقتصاد الريع والاقتراب منها أشبه بالتقرب من عش الزنابير، وبالتالي فإن الإصلاح الحقيقي للاقتصاد المغربي لا يمكن الحديث عنه دون مواجهة أعشاش الزنابير هذه، علما أن اقتصاد الريع تستفيد منه مجموعة من المحظوظين الذين يجنون من ورائه أرباحا طائلة دون بدل أي مجهود، والذي إذا كانت بدايته سليمة، عندما كان الهدف منه تعويض ومكافأة من أسدوا للوطن أعمالا جليلة، بدءا بمنحهم رخصا مختلفة للنقل (مأذونيات سيارات أجرة، حافلات..)، فإن المستثمرين وسعوا دائرة الاستفادة من هذه الرخص التي أصبحت مصدرا للثراء لتشمل ميادين أخرى أكثرمردودية، طالت العقار والخدمات ومخادع الهاتف العمومي، بل في الآونة الأخيرة توسعت لتشمل أيضا المستودعات التي تنتشر كالفطر في ضواحي المدن الكبرى وتشكل مرتعا خصبا لممارسات مشبوهة بعيدة عن الأنظار، والتي يمكن أن تشكل بؤرا جديدة لأعشاش الزنابير التي لا تهمها سوى مصالحها الشخصية. وإذا كانت مقاومة هذه الأعشاش مطلبا لمؤسسات وجمعيات ومواطنين فإن مسؤولية القيميين على الشأن المحلي في تتبع ومراقبة مثل هذه الأنشطة بات أمرا ملحا، خاصة عندما يتعلق الأمر بحماية وصحة المواطنين، وينبغي ألا ينحصر دور مراقبة هذه المستودعات في إطار محاربة البناء العشوائي وقوانين التعمير وإنما في إطار نشاطها الاقتصاد العشوائي وغير المهيكل، وهذه المسألة لا تهم إقليما معينا وإنما تهم جميع الأقاليم الأخرى، وفي هذا الشأن فإن الضربة الاستباقية التي أقدمت عليها السلطات الإقليميةببرشيد تنسجم والحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد وما تبعه من تفعيل أدوار المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس المنافسة، وذلك بتشجيع الاستثمار ومحاربة الفساد بإحداث تنافسية شفافة منتجة للثروة وخالقة لفرص الشغل. ضبط مستودع بأولاد حريز إذا كان ما يقع في مدينة القنيطرة من لي للأذرع بين أصحاب المحلات التجارية مع شركة كبيرة لإنتاج مشروب غازي (كوكاكولا) بمقاطعتهم لمنتوجات هذه الشركة، لاستغرابهم كون الشركة تمتنع عن تبديل القنينات المنتهية الصلاحية والمنكسرة، والتي تشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلكين ومستنكرين الدس العمدي لبعض القنينات المضروبة «في الصناديق الجديدة»، فإنه، وفي نفس السياق، تناهت إلى علم السلطات الإقليميةببرشيد أخبار تتعلق بنشاط مشبوه يروج بمستودع داخل ضيعة فلاحية بدوار أولاد مومن جماعة الساحل أولاد حريز(42 كيلومترا عن الدارالبيضاء)، هذه الضيعة تتوفر على ثلاثة مستودعات مساحة كل واحد منها تتراوح بين 200 إلى 300 متر مربع، حيث تقوم مجموعة من العمال بتلفيف وإعادة تلفيف منتوجات غذائية وتجميلية مختلفة ذات استهلاك شعبي واسع (البيسكويت-رقائق البطاطس) أكياس السكر المسحوق-علب السردين-الصابون-المشروبات الغازية..)، وسألت اللجنة الإقليمية، المتكونة من رئيس الشؤون الاقتصادية وممثل السلطة المحلية وعناصر الدرك الملكي وممثل المجلس القروي وممثل المكتب الصحي الجماعي وممثل المكتب الوطني للصحة والسلامة الغذائية، التي انتقلت إلى الضيعة المذكورة صاحب المستودعات المشبوهة عن الرخصة المسلمة إليه لمزاولة هذا النشاط، فادعى صاحب الوحدة أن شركته «انديستار» تتوفر على جميع الوثائق القانونية لممارسة العمل الذي يقوم به في إطار المناولة وفق طلبيات شركات المنتوجات الغذائية والتجميلية، وأضاف أن شركته تقوم بتشغيل يد عاملة مهمة وتساهم بذلك في برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي ادعاءات سرعان ما اكتشفت اللجنة عدم صحتها حينما طلبت منه الإدلاء بما يثبت قوله برخص مسلمة من طرف الجهات المختصة، خاصة أن الأمر يتعلق بسلامة وصحة المواطنين، ولو توفرت حسن النية ما كان لوحدته أن تقوم بنشاطها بشكل سري بعيدا أن أعين المراقبة، وبإعادة تلفيف منتوجات قد تكون منتهية الصلاحية وتعرض المستهلكين للخطر منذ سنة 2005، وقد عاينت اللجنة وجود سلع مختلفة تحمل علامات تجارية لشركات معروفة بالمستودع معدة لإعادة التلفيف من طرف بعض المستخدمين. وحسب مصدر موثوق فإن المعني بالأمر توسل اللجنة قصد منحه مهلة لتسوية وضعيته القانونية، وهي قرينة كانت كافية لإثبات أنه كان يمارس نشاطه بشكل عشوائي ودون سند قانوني، وقررت اللجنة إغلاق الوحدة وتوقيف نشاطها إلى حين إدلاء صاحبها بما يثبت حصوله على إذن بمزاولة هذا النشاط أو تسوية وضعيته القانونية، ويمكن اعتبار هذا النشاط، كما صرح أحد المسؤولين، نموذجا عن إنشاء المستودعات المريبة بالعالم القروي التي قد تشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين، بل تفضح بعض المعاملات المشبوهة التي تقوم بها اللوبيات الاقتصادية من الشركات الكبرى في التحايل على القانون من أجل الكسب السريع بتواطؤ مع مثل هذه الوحدات عن طريق المناولة وإعادة تلفيف سلع منتهية الصلاحية وتقديمها سموما للمواطنين، إذ يمكن اعتبار العملية في نهاية المطاف جريمة تتوفر فيها جميع الأركان. بداية الحملة ضد المستودعات المشبوهة إن ضبط حالة مستودعات أولاد مومن بجماعة الساحل أولاد حريز التي انتهت بإغلاق شركة انديستار، التي عجز صاحبها عن الإدلاء بالوثائق التي تبرر قانونية عمله، كانت بداية جبهة جديدة فتحها محمد فنيد، عامل إقليمبرشيد، لمراقبة نشاط المستودعات في الإقليم، وذلك خلال اجتماع عقد بحر هذا الأسبوع بمقر العمالة مع رجال السلطة بالإقليم، حيث أفاد مصدر موثوق أن عامل الإقليم أعطى تعليمات صارمة بخصوص المستودعات مصنفا إياها إلى نموذجين: مستودعات ذات نشاط مرخص تقتضي مداومة تتبع نشاطها، ومستودعات يجهل نشاطها يجب مراقبتها ومطالبتها بمعرفة نشاطها وإخضاعها إلى مساطر الترخيص حتى لا يؤدي أي تقصير أو تغافل إلى نتائج لا تحمد عقباها. كما يضيف نفس المصدر أن ذلك يدخل في إطار تشجيع الاستثمار القانوني وفق شروط الاستثمار الناجح الذي يتوفر على عناصر الشفافية والموضوعية والمنافسة الحرة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحملة تبعتها مراسلة عامل إقليمبرشيد لوالي جهة الدارالبيضاء الكبرى في موضوع الشركة التي تم إغلاقها وتوقيف نشاطها والبحث في حقيقة المعاملات التي كانت تقوم بها الشركات الكبرى مع هذه الشركة «انديستار» المتواجدة بدوار أولاد مومن بجماعة الساحل أولاد حريز إقليمبرشيد.