ما يزال البحث جاريا عن الجاني، الذي ارتكب جريمة قتل بمقهى «الحافة» بطنجة الجمعة الماضي، رغم مرور ثلاثة أيام على فراره، بينما توجد الأجهزة الأمنية في حالة استنفار قصوى من أجل إلقاء القبض عليه. ووقعت الجريمة مساء الجمعة الماضي في مقهى «الحافة»، المطل على البحر، الذي عادة ما يقصده الطلاب من أجل مراجعة دروسهم ومقرراتهم. كما أن المقهى يعرف إقبالا كبيرا للأجانب بسبب موقعه المتميز. وخلفت هذه الجريمة البشعة خوفا ورعبا كبيرين في صفوف روادها، كما أن حالة من الهستيريا أصابت جميع من تابعوا فصول هذه الجريمة. ورغم أن بعض الأشخاص حاولوا الاقتراب من الجاني لإلقاء القبض عليه، فإن خوفهم من السكين كبيرة الحجم، التي كان يحملها بيده حال دون اقترابهم منه، وبالتالي نجح المجرم في الهرب دون أن يتمكن أحد من اعتقاله. وقالت مصادر أمنية إن الجاني (ع. ز)، البالغ من العمر34 سنة، دخل مهرولا إلى المقهى، بشكل هستيري، حاملا معه سكينا من النوع الكبير، وبدأ يلوح بها نحو الضحايا، قبل أن يوجه طعنة قاتلة أصابت ظهر الهالك (25سنة)، فيما أصيب زميله بجروح بالغة، أما المصاب الثالث فهو فرنسي، كانت تربطه علاقة مع الهالك، غير أن إصابته كانت خفيفة، تلقى على إثرها الإسعافات الأولية قبل مغادرته المستشفى. وأوضحت نفس المصادر أن الأصدقاء الثلاثة كانوا يتابعون دراستهم في مدرسة «الملك فهد للترجمة» بطنجة، وأن الضحية الذي قضى حتفه في هذه الجريمة البشعة يتحدر من مدينة الرباط. وحسب معطيات توصلت بها «المساء»، فإن الجاني اعتقل سابقا في خلية كانت متوجهة إلى العراق، قبل أن تعمل وزراة الداخلية على تفكيكها، وقضى على إثر ذلك عقوبة حبسية، إذ لم يخرج من السجن سوى في شهر نونبر من السنة الماضية. وقالت مصادر إن أسرة الجاني تعاني ظروفا اجتماعية صعبة، وإن علاقاته مع إخوته كانت دائما تتسم بالاضطراب والصراع، كما ألمت به خلال الأشهر الأخيرة بعض الاضطرابات النفسية الحادة، وتبين ذلك من خلال خروجه عن سياق الكلام في أكثر من مناسبة، عندما كان يتحدث إلى أصدقائه، تقول نفس المصادر. وأوضحت بعض المصادر،التي عاينت جريمة مقهى الحافة، أن الجاني كان يحمل أداة الجريمة داخل محفظة كان يحملها على ظهره، ولم يشهر السكين إلا عندما اقترب من الضحايا الثلاثة، وهمشابان مغربيان وشاب فرنسي كان برفقتهما، وهو ما أثار استغراب المصالح الأمنية، ذلك أن اقترابه من هؤلاء الشباب دون أشخاص آخرين يدل على وجود علاقة بينهم، غير أن فرضيات أخرى تؤكد غياب أي علاقة تربط الجاني بالضحايا. وأفادت نفس المصادر بأن الجاني كان معتقلا سابقا في إسبانيا، وحوكم بسبب ارتباطه بشبكات وصفت ب«الإرهابية»، قبل أن يرحل إلى المغرب حيث أعيد اعتقاله، فقضى سنتين حبسا في سجن بسلا على خلفية ارتباطه بشبكة للهجرة السرية نحو العراق. وفي الوقت الذي ما يزال الجاني هاربا نحو وجهة غير معروفة، تبدو دوافع الجريمة غامضة، في انتظار استكمال البحث حول ظروف وملابسات هذه الجريمة. وأكدت المصادر الأمنية أن هوية الجاني باتت معروفة، وأن عائلته تقطن في منزل قريب من المقهى، وأن عملية اعتقاله لا تتطلب الكثير من الوقت. وينتظر أن يستكمل التحقيق، الذي تباشره الفرقة الجنائية الأولى للشرطة القضائية بطنجة، خلال الساعات المقبلة، حتى تتضح تفاصيل أخرى عن هذه الجريمة، سيما أن دوافع القتل بقيت غامضة لحد الآن. ومهما تكن الفرضيات المفسرة لهذه الجريمة، فإن ما حصل يوم الجمعة الماضي داخل مقهى «الحافة» جاء بعد بضع ساعات فقط عن الإفراج عن عشرات المعتقلين الإسلاميين، الذين حوكموا بفعل قانون الإرهاب، وهو ما جعل التساؤلات كثيرة حول دواعي ومسببات هذه الجريمة، وما إذا كانت هناك أطراف معينة شحنت القاتل للقيام بذلك لحسابات سياسية.