سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إدانة زوجة بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ بعد إدلائها بشهادة عزوبة «مزورة» بنواحي مراكش الزوج اكتشف أن زوجته كانت متزوجة مرتين قبله ويلح على ضرورة معاقبة عون السلطة
لازال «محمد س» لم يستسغ بعد قرار المحكمة الابتدائية بمراكش، القاضي بالحكم على زوجته «جميلة» بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم، وتبرئة أهلها والولي، الذي تولى زواجها، بعدما أدلت بشهادة إدارية تثبت بأنها عازبة، ليكتشف الزوج بعد ذلك أنها كانت متزوجة برجلين قبله. بعد فترة قصيرة ستحكم المحكمة ذاتها بتطليق الزوجة للشقاق وتحميل الزوج «محمد س» نفقتها ونفقة ابنه «عبد الهادي». قصة «محمد س»، القاطن بدرب المحارمي بمراكش، بدأت منذ سبع سنوات، حينما قرر وضع حد لحياة العزوبة، بعد أن بلغ من العمر 47 سنة. عقد «محمد س» العزم على البحث عن شريكة عمر تشاركه مسيرة الحياة الشاقة، وتنسيه ما يزيد عن أربعة عقود من الوحدة، لكن شاءت الأقدار أن يتحول الحلم إلى كابوس، لازال يطارده ليل نهار، بعدما عاش قصة زواج أقرب إلى سيناريو فيلم طويل يغري بالمشاهدة. قادت الأقدار «محمد س»، المزداد سنة 1957، الذي يمتهن مهنة الصباغة، ويسكن بمراكش، إلى منطقة أيت أورير إقليمالحوز نواحي مراكش ليخطب «الآنسة» «جميلة»، بعدما أشار إليه بها بعض الأقارب. مرت أجواء الخطبة كما يحكيها «محمد س» في أجواء عائلية، وفق أعراف وتقاليد العائلتين، وضرب الجميع موعد 13 ماي 2004، لتوثيق عقد الزواج. أتم «محمد س» ملفه المطلوب لعقد قرانه برفيقة عمره الجديدة «جميلة» في حماس كبير، بعد أن قضى 47 سنة وحيدا، لا يجد من تشاركه حلاوة ومرارة الحياة، وبقي ينتظر حلول اليوم الموعود، الذي سيصبح فيه زوجا له حقوق وعليه واجبات. «جميلة» بدورها قامت بالمتاح والمستحيل، وحصلت على جميع الوثائق الضرورية للعقد، بما في ذلك شهادة إدارية تثبت أنها «عازبة». في يوم 13 ماي 2004 حضر العريسان، «محمد س» و«جميلة»، رفقة بعض أفراد العائلة، عقد القران، وشرع العدلان، التابعان لقسم التوثيق بالمحكمة الابتدائية بمراكش، في تحرير الميثاق الغليظ (عقد الزواج)، بعد استيفاء الملف كافة الوثائق المطلوبة، وتوفر كل أركان الزواج المطلوبة شرعا. تولى «عمر ج»، وهو أحد أقارب «جميلة» تزويجها، على صداق حدده الزوجان في 2000 درهم، تسلمت «جميلة» نصفه، وبقي النصف الآخر في ذمة الزوج «محمد س». كما هو متعارف عليه في مناطق متعددة من المغرب، تجرى طقوس الزواج المغربية بحضور الأهل والأحباب من أقارب العريسين، إلا أن حدث ليلة «الدخلة» وطقوسها التي تختلف تفاصيلها من شخص لآخر، ومن منطقة لأخرى، سيكون وبالا على الأسرة المبتدئة. بالنسبة إلى «محمد س»، فتقاليد أهله وبلده تلزمه في ليلة الزفاف بإخراج سروال أبيض عليه قطرات دم حمراء كشهادة موقعة على عفة وطهارة من اختارها لمقاسمته كل شيء. جاءت تلك الليلة «المشؤومة»، كما وصفها «محمد س»، وهو يحكي تفاصيلها ل«المساء»، بعد أن اجتمع الأهل والأقارب، في جو من الفرحة والبهجة، ممزوجة بشيء من الخوف والتردد. أهل الزوج ينتظرون من عريسهم «الفحل» مدهم ب«السروال» المنقط بالأحمر، وفي ظرف وجيز، حتى يثبت للجميع أنه «راجل» بما تحمل الكلمة من معنى، فيما أهل الزوجة يضعون أيديهم على قلوبهم، وهم ينتظرون «شهادة البراءة» بشوق، يثبتون بها للعدو قبل الصديق شرف وعفة ابنتهم. كانت صدمة «محمد س» قوية، حينما اكتشف أن عروسه ليست بكرا، كما هو متضمن في الشهادة الإدارية، التي أشرت عليها السلطات المحلية بأيت أورير، مستعينة بعونها، الذي ليس سوى قريب من عائلة الزوجة. لم يفكر «محمد س» كثيرا، لأنه يعرف أن الجميع في انتظاره خارج البيت، وعمد إلى الطريقة التي تريح الكثيرين من أقوال الناس، وهي إحداث جرح صغير في أصبعه ليغير به بياض سروال «الدخلة»، والاحتفاظ بالجرح الكبير داخل قلبه إلى أجل غير مسمى. مرت سنة على زواج لم تكن بدايته على ما يرام، لكن ازديان فراش الزوجين بمولود ذكر، اختارا له من الأسماء اسم «عبد الهادي»، أنست «محمد س» كل شيء، وجعلته يلتمس لزوجته ألف عذر، حتى جاء اليوم الذي تلقى فيه صفعة أشد من الأولى، حولت مجرى حياته الأسرية إلى الاتجاه الآخر. يقول «محمد س» الذي كان الأسى يشوه معالم وجهه: «بينما كنت بالبيت ذات يوم، سمعت طرقا على الباب، فإذا بأحد أفراد أسرتي يريد الحديث معي على انفراد، فأيقنت حينها أن أمرا عظيما يخفيه وراءه، فملامحه توحي بالغضب، كما أنه أصر على الحديث معي وحدي لأن الأمر يخصني بالدرجة الأولى. بدأت نبضات قلبي تتسارع حتى كدت أفقد الوعي لما أخبرني قريبي بأن زوجتي «جميلة» كانت متزوجة من رجلين قبلي، وأن الشهادة التي أدلت بها في ملف الزواج كانت مزورة، وساعدها على ذلك عون السلطة الذي هو قريبها». بعد اكتشاف «محمد س» أمر زوجته، ما كان لها سوى أن تختفي عن الأنظار صحبة ابنه «عبد الهادي» ليبدأ مسلسل البحث عن الحقيقة، الذي قاد الزوج إلى مجموعة من المؤسسات الإدارية والإعلامية والقضائية، توج بالحكم على الزوجة «جميلة» بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 500 درهم، وعلى الولي وأهل الزوجة بالبراءة. بعد ذلك رفعت الزوجة «جميلة» دعوى طلاق للشقاق ضد الزوج «محمد س» لكونه لا ينفق عليها، ويعتدي عليها بالضرب، كما امتنع عن تسجيل ابنه في دفتر الحالة المدنية، إضافة إلى أنه يتعاطى المخدرات. اقتنعت المحكمة بتعذر الصلح بين الزوجين بعد تدخل الحكمين، وحكمت بقبول طلب الزوجة القاضي بالتطليق للشقاق، وحددت لها ما مجموعه 17 أف درهم كتعويض عن النفقة والمتعة والسكن، ولابنها بمبلغ 700 درهم شهريا. وبعد مرور أكثر من سنتين عن الحكم، لم يتقبل الزوج قرار المحكمة، ولازال متشبثا بضرورة مقاضاة عون السلطة الذي يتهمه بتزوير شهادة الخطوبة، كما يطالب بحقه في حضانة ابنه «عبد الهادي»، ويرفض الأحكام الصادرة في حقه، من خلال مجموعة من الشكايات الموجهة إلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، يطلب فيها التدخل من أجل إنصافه.