من يسرق ماشية سكان الجماعة القروية لإمسوان بعمالة أكادير إدوتنان؟ سؤال ظل دون جواب لما يزيد عن شهرين احتار معه السكان والسلطات ودرك تامري، خاصة أن ظاهرة سرقة الماشية تتكاثر دون أن يكون هناك أي أثر للفاعلين أو الفاعل الذي لن يكتشف سوى بعد تجند السكان لحماية ممتلكاتهم بعد ضبط السارق وتسليمه إلى الدرك الملكي بمركز التامري. كغيره من سكان منطقة إمسوان، وبعد أن تقاعد الداموح من عمله كبحري قرر أن يمتهن تربية الماشية بقريته الصغيرة دوار إفرض نشاطر، لكنه في صبيحة الأحد 20 فبراير المنصرم لاحظ عندما تفقد الأسطبل المخصص لتربية الأكباش اختفاء أحدها. ورغم البحث عنه في كل محيط المنزل لم يتمكن من العثور عليه واتجه إلى البحث عنه في الأسواق المجاورة، لكن كان بحثه بدون جدوى. وبعد أربعة أيام فقط من هذا الحادث وحوالي الساعة السادسة صباحا سمع الداموح صياح أحد خرفانه فاتجه فورا نحو الإسطبل حيث وجد نعجة له متوقفة بباب الإسطبل وآثار حبل بقدميها بادية عليها، مما أثار شكوكه فتفقد الإسطبل ليلاحظ اختفاء كبشين آخرين . الفاعل لم يقتصر على زيارة إسطبل داموح الذي زاره مرتين، بل كان يبحث لنفسه عن غنائم في دواوير أخرى مثل دوار الظهران، الذي كان فيه الضحية هو الحسين، الذي سرق له من إسطبله ثلاثة رؤوس من الغنم، غير أن الحسين لم يصرح بهذه السرقة لدى السلطات المعنية. ومن دوار الظهران سينتقل الفاعل المجهول إلى دوار إدوبارود حيث سيتمكن يوم الثالث عشر من مارس المنصرم من سرقة ثلاثة رؤوس من الغنم من إسطبل في ملكية «مينة ح»، التي صرحت في محضر الاستماع إليها أمام الدرك الملكي «إنني من ساكنة إداوبارود. زوجي يعمل بمدينة بوجدور، وأنا أعتني بالمنزل والأولاد في دوارنا ولدينا إسطبل نربي فيه الماشية. صبيحة هذا اليوم لاحظت اختفاء ثلاث نعاج كلها من النوع المحلي، وبعد البحث في محيط الدوار لم أعثر عليها فتيقنت أنني ضحية سرقة»، لكن من حسن حظ «مينة ح» أن سكان الدوار استطاعوا بعد تعبئة دامت عدة أيام، وبعد تكثيف المراقبة في الدوار والدواوير المجاورة، من إلقاء القبض على مشتبه فيه وبحوزته ثلاث نعاج من النوع المحلي تعرفت عليها الضحية «مينة ح» بسهولة وأقرت بأنها هي نفسها النعاج المسروقة منها. تنفس الدرك الملكي الصعداء صبيحة الثالث عشر من الشهر المنصرم بعد أن علم من طرف سكان دوار إدبارود أنهم يحاصرون شخصا في الدوار وبالضبط في الطريق الوطنية أكادير/ الصويرة وبحوزته ثلاث نعاج. ارتاح قائد الدرك الملكي لهذا الخبر الذي سيخفف عنه انتقادات الساكنة بعد مرور عدة أيام على أول سرقة دون التوصل إلى الفاعل، واعتبر أن ضبط هذا الشخص سيكون مفتاحا للتوصل إلى فاعلين آخرين إن كانوا يشكلون شبكة. وعلى الفور انتقلت دورية الدرك الملكي للمكان ووجدت حشدا غفيرا من الناس يتوسطهم شخص مكبل اليدين وجالسا على ركبتيه، وهو يرتدي جلبابا بلاستيكيا ويحمل جرحا عميقا في الجهة اليسرى من رأسه، ووجهه ملطخ بدماء ما تزال طرية، ويشكو من آلام في الجانب الأيمن من جسده وبقربه ثلاث نعاج. وكان أول عمل لعناصر الدرك هو تقديم الإسعافات الأولية له وفك الحبل الذي كان مكبلا به ونقله في البداية إلى المركز الصحي بالتامري. بعد ذلك تم نقله إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير على متن سيارة إسعاف، لكن أحد لم يعترف للدرك الملكي بمن اعتدى على السارق، ونفى كل الحاضرين أن يكونوا قد شاهدوا المعتدي. بعد تلقيه العلاجات الضرورية تم إخضاع المشتبه فيه «عبدالهادي ه»، لبحث معمق، أوضح خلاله بأنه يسكن حي معلا بمدينة بيوكرى بشتوكة / أيت باها، اعترف فيه بأنه صاحب سوابق قضائية بسبب نفس الفعل، حيث قضى سنة 1989 أربعة أشهر حبسا نافذا بسجن أسفي بعد سرقته بعض الدواجن. و أضاف بأنه قضى بنفس السجن سنة 1993 سنة واحدة إثر تورطه في سرقة المواشي، ونفس المدة قضاها بسجن الصويرة في السنة الموالية بسبب نفس الفعل، وعاد سنة 2005 للتورط في سرقة الدواجن، وقضى على إثرها تسعة أشهر بإصلاحية بنجرير.كما قضى آخر عقوبة له بسجن إنزكان في السنة الماضية، كانت مدتها أربعة أشهر بسبب سرقة الماشية أيضا. رغم كل هذه العقوبات الحبسية، ورغم أنه متزوج وأب لطفلين، لم يتراجع «عبدالهادي ع» عن أفعاله الجرمية، مصرحا بأنه كان يساعد والده في الأشغال الفلاحية بمنطقة سبت جزولة، التي غادرها بعد بلوغ سن الرشد نحو منطقة أولاد تايمة حيث اشتغل بالضيعات الفلاحية، ثم اشتغل بائعا متجولا بمدينة إنزكان، وبعد ذلك وسيطا في بيع المواشي بأسواق أكادير والضواحي، ولما اكتسب خبرة جيدة في الميدان قرر سرقة المواشي، مما جعله يتجول بين الفينة والأخرى في الدواوير يترصد أماكن تربية الماشية من أجل سرقتها وبيعها بالأسواق الأسبوعية. وعن عمليته الأخيرة، التي على إثرها ضبطه سكان دوار إدبارود، قال: «خرجت من منزلي بمدينة بيوكرى حوالي الساعة العاشرة ليلا، وركبت حافة عمومية تربط بين إنزكان والصويرة، ونزلت بعد وصول الحافلة إلى الجماعة القروية لإمسوان، ثم شرعت في جولة استكشافية بحثا عن أماكن تربية الماشية، وحوالي الساعة الرابعة صباحا أثار انتباهي إسطبل غير محروس، وبابه لايتوفر على قفل ففتحته دون إثارة الانتباه وتسللت إلى داخله فأخرجت ثلاثة رؤوس من الغنم سقتها نحو الطريق الرابطة بين أكاديروالصويرة من أجل نقلها وبيعها بالسوق الأسبوعي لمركز تمنار، لكن لسوء حظي بعد تكبيلي رؤوس الأغنام وطرحها أرضا، وبينما كنت أنتظر وسيلة نقل تقلني إلى مركز تمنار فأجأني حشد من الناس حاصروني واعتدوا علي بالضرب والجرح وكبلوا يدي». وأضاف «أعترف أنني اقترفت بمنطقة إمسوان العديد من السرقات المماثلة في غضون الشهور الماضية، وكنت في الغالب أبيع المسروقات لأشخاص لا أعرفهم بسوق تمنار». قبل وصول الدرك الملكي إلى مكان تجمهر السكان لتسلم «عبدالهادي ع»، كان يستعطفهم لمسامحته، مقسما أنه استوعب الدرس، وأنه سيبحث من الآن عن الرزق الحلال، لكن السكان أو جزءا كبيرا منهم أصر على ضرورة تسليمه للدرك، الذي كرر أمامه أكثر من مرة ندمه على فعلته والتمس من العدالة الصفح عنه، لكنها رأت أنه من الضروري معاقبته بعد أن لم يتعظ في المرات السابقة، وأدانته بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم.