أن تكون «فايسبوكيا»، اليوم، في المغرب، فالأمر قد لا يتطلب منك غير 5 دقائق وبلا شروط، فالحساب مجاني وهناك العديد من الصديقات والأصدقاء في انتظار إضافتك لهم ومن مختلف بقاع العالم. أن تكون ابن زمانك، اليوم، يعني، أوتوماتيكيا، أن لديك حسابا على «فايس بوك» أو «تويتر» أو «ماي سبايس» أو غيرها من المواقع الاجتماعية، الأقل شهرة. وإن كان العكس، فأنت ما زلت «بدائيا» و«خارج التغطية» ولا علاقة لك بالتكنولوجيا الحديثة، التي زاحمت الكتاب، الصحف والتلفزيون والأسرة وغيّرت الكثير من المفاهيم، التي كانت تعني، إلى وقت قريب، الشيء الكثير، لكن مع «تسونامي فايس بوك»، فقدت معانيها التقليدية ولبست لبوسا جديدا، مغايرا، عن دلالاتها السابقة. فهل «الزمن» و«المكان» وغيرهما من المفاهيم، التي لا تعد ولا تحصى، التي تغيرت التكنولوجيا والثورة المعلوماتية، بقوة، هي نفسها في زمن النت؟ ف«الفايسبوكي» قد يحاور في الآن نفسه، حيث هو، شخصا في أمريكا وآخر في الصين، في الزمن نفسه، باللغة التي يتقنها، والتي غالبا ما تكون لغة عالمية. وقل الشيء ذاتَه عن الصحافة الإلكترونية، فهي متجددة، متفاعلة وآنية، ساهمت بدور كبير في سحب البساط من الوسائط التقليدية وأصبحت، في فترة وجيزة من الزمن، البديل والمتنفَّسَ للعديد من شابات وشباب اليوم. فعبر النت والشبكات الاجتماعية، على الخصوص، وجدت «ثورة الياسمين» المرور عبر العالم، بسهولة وبدون رقابة أو مقص الرقيب، الذي غالبا ما كان يحول دون وصول «المعلومة»، كما هي، لا كما أريد لها أن تكون. وما حدث ويحدث وسيحدث، اليوم، ما كان له أن يعرف طريقه إلى العالم بأسره لولا تسونامي «يوتوب»، «فايس بوك»، «دالي موشن» و«تويتر»، الوسائل الأكثر تطورا وحداثة في التواصل والإخبار. فأن تكون «فايسبوكيا»، اليوم، في العالم العربي، يعني، أوتوماتيكيا، أنك معنيّ بالذي يحدث من حولك، من متغيرات وتحولات، قد تخطئ طريقها إلى الصحافة الورقية كما إلى الإعلام العمومي التقليدي، لكنها، حتما، ستجد من يحتضنها، وبالمجان وبلا شروط، على الشبكة، الشبكة التي «هزمت» كل أشكال الرقابة واستطاعت، في ظرف وجيز، أن تجد لها مبحرين، ومن مختلف الأعمار والجنسيات واللغات، لا لشيء إلا لأنها تنقل الحقيقة، كما هي، ب«الكلمة»، ب«الصوت» وب«الصورة»، خاصة أننا نعيش زمنا سمعيا –بصريا، وبامتياز... أن تكون «فايسوبوكيا» في مصر، في تونس، في فلسطين، في الأردن وفي غيرها من الدول العربية، التي تعيش على إيقاع الاحتجاجات اليومية، بسبب غلاء المعيشة، البطالة، الفقر، الدونية، المحسوبية، الزبونية واختر ما شئت من الكلمات التي تنهل من معجم «الذل»، «المهانة « و«الحكرة»، التي لها وقع شديد، على قلوب الكثير من «الفايسبوكيين»، اليوم، لا لشيء إلا لأنها كلمات لا تشبه كل الكلمات ولا علاقة لها، البتة، بلغة الخشب و»كولو العام زين»... فأن تكون «فايسبوكيا» فاعلا، اليوم، في العالم العربي، لا يعني أن تكون «نامبر وان» في «اصطياد» الفتيات القاصرات أو في ممارسة التحرش الجنسي أو في نشر صور أفلام الجنس وفي «الشات»، من أجل قتل الوقت، أو في النصب والاحتيال على الآخرين وفي ما شئت من السلوكات الهجينة، التي انتشرت كالنار في الهشيم، على الشبكة العنكبوتية، من أشخاص مرضى نفسانيا، يعانون من الهوس والشذوذ الجنسي، وهم في النت «أكثر من الهمّ على القلب»... أن تكون «فايسبوكيا»، اليوم، يعني أن تقول كلمتك في الذي حدث ويحدث وسيحدث، أن تقول الحقيقة كما يُفترَض أن تقال، بلا زيادة ولا نقصان أو لخدمة جهة على حساب جهة أخرى أو تزوير الحقائق وفبركتها لمصلحة ما، هي أبعد ما يكون عن خدمة للقارئ «الإلكتروني» وتنويره، عوضا عن تمويهه وتعتيمه. فأن تكون «فايسبوكيا».. أو لا تكون؟! ذلك هو سؤال المرحلة.