سرد عادل حسن الحراري، وهو مواطن ليبي من سكان مدينة الزاوية، بعيون دامعة وقلب متألم، كيف عجز عن توفير المأكل والمشرب لأسرته الصغيرة، بعد أن أريد له أن يكون هنا في المغرب أثناء اندلاع الثورة الليبية، التي ما زالت مستمرة، وكيف أنه وأسرتَه الصغيرة يعانون من ظروف اجتماعية قاسية للغاية، بل إنه مهدَّد بالطرد من المنزل الذي يؤويه في الدارالبيضاء هو وأسرته، المتكونة من زوجة من أصل مغربي وطفلين «عبد الرحمن» (4 سنوات) و»سالمة» (سنة واحدة). وقد توجه عادل في البداية إلى القنصلية الليبية، حسب تصريحه ل»المساء»، وطالبها بتقديم المساعدة له ولأسرته، لأنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة هنا في المغرب، نظرا إلى صعوبة ذلك، بعد أن استحالت عليه العودة إلى ليبيا، لأن هذه العودة ترتبط بشروط، بل إن طلبه لم يصل إلى «التوسل» بإعطائه قرضا ماليا للخروج من الأزمة الخانقة التي يمر بها، بل طالب فقط بمساعدة مالية، على سبيل السلف، «لأطعم صغاري»، يقول «عادل» (من مواليد 1975). وقد تودد «عادل» لقنصلية ليبيا عدة مرات، وكان طلبه في البداية هو تجديد جواز سفر زوجته، غير أن طلبه قوبل بالرفض، بذريعة أنها تحمل الجنسية المغربية وأن الحكومة المغربية هي التي من المفروض أن تتكفل بها، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها ليبيا. دافع «عادل» عن طلبه ضرورة تجديد جواز سفر زوجته، لأن مصيرها أصبح مرتبطا بمصيره، غير أن طلبه قوبل بالرفض البات، إلى درجة أن «عادل» حاول الانتحار في القنصلية هو وطفلاه، لولا أن زوجته منعته من ذلك بالقوة، كما أن طفله فر من بين يديه، بسبب الهلع الذي أصابه، نظرا إلى حالة الهيجان التي كان عليها والده... طلب «عادل»، أن يعود إلى ليبيا، هو وأسرته، غير أن القنصلية كان لها تفسير آخر لهذا الطلب واعتبرت «عادل» من الثوار، لذلك ربطت عودته إلا بشروط رفضها «عادل»، الذي لم يرغب في الدخول إلى ليبيا عن طريق تونس حتى في ظل الحالة النفسية غير المستقرة التي يوجد عليها، بعد أن فقد أفراد من عائلته، بسبب الثورة وما زال يجهل أوضاع والدته وأشقائه الذين يعجز حتى عن محادثتهم والاطمئنان عليهم عن طريق الهاتف، بسبب الفقر. وطالب «عادل» الدولة المغربية بتمكينه من الجنسية المغربية للخروج من الأزمة الخانقة التي يمر بها، وبتوفير ملجأ لأسرته وعمل يكفيه سؤال الغير، خاصة بعد أن «تخلت» عنه القنصلية الليبية في المغرب، التي حمَّلها مسؤولية ما يمر به من ظروف، لأنه لم تكن له نية الاستقرار في المغرب، بل كان في مرحلة نقاهة فقط بعد تعرضه لحادثة سير مفجعة في ليبيا، فقد إثرها بعض أفراد عائلته وأصيب بعدة كسور في جسده.