النشيد الرسمي للمارينز يبدأ بسطر «من قاعات مونتزوما وحتى شواطئ طرابلس». الموسيقى الفرنسية، من الأوبرا التي عرضت في باريس في 1859. «قاعات مونتزوما» تتناول المعركة على قلعة شبوتبك في أثناء حرب الولاياتالمتحدةالمكسيك في 1848. القصر الذي استخدمه الملك الاستاكي مونتزوما في القرن ال15. «شواطئ طرابلس» يقصد بها المرة الأولى التي عملت فيها الولاياتالمتحدة في ليبيا. في 1805، في أثناء الحرب البربرية، نزل البحارة الأمريكيون في ليبيا وارتبطوا بالثوار البرابرة المسلمين. كانت هذه المعركة البرية الأولى لقوات أمريكية خارج الحدود الأمريكية. وكانت تلك فترة حكم نابليون، والأيام هي أيام الحروب النابليونية، بعد أقل من 30 سنة على مساعدة فرنسا للثوار الأمريكيين في حرب الاستقلال عن بريطانيا. جمهورية أمريكية واحدة وخمس جمهوريات فرنسية بعد ذلك ومرة أخرى نحن إلى شاطئ طرابلس، ضد البربري القذافي. السؤال المركزي ليس «من قاد الخطوة؟»، سؤال هام ومثير للاهتمام في حد ذاته، بل هو هدف فرنساوالولاياتالمتحدة. هل توجد نية، تخطيط وخطة لإسقاط حكم القذافي؟ أم هل الهدف هو فقط فرض هدنة وشلل عليه مثل صدام حسين بعد حرب الخليج الأولى في 1991؟ وماذا في هذه الحالة سيكون على 1.6 مليون برميل نفط «حلو» (ذي محتوى كبريتي متدن، ومن هنا تكون تصفيته أسهل وأقل كلفة) تنتجه ليبيا كل يوم؟ إيطاليا وفرنسا والنمسا هي الزبائن الأساسية، ومن هنا ثمة بالتأكيد إمكانية لأن يكون ساركوزي يخطط لإسقاط القذافي. وضع تكون فيه ليبيا منقسمة بحكم الأمر الواقع بين القذافي والقبائل المتمردة هو وضع هش، قابل للانفجار ومشحون بانعدام اليقين يمكنه فقط أن يجر إلى مزيد من التدخل من النوع الذي أعلنت الولاياتالمتحدة أنه لا مصلحة لها فيه. قرار مجلس الأمن رقم 1973 بفرض منطقة «حظر طيران» وإلهام من مجلس الأمن لاستخدام القوة العسكرية لمنع القتل وعلى أساس إنساني، وفي أعقابه إطلاق 120 صاروخا جوالا من طراز «توماهوك» والقصف الجوي تضعضع حكم القذافي، وبالتالي فإن مسألة الهدف هامة جدا. القذافي: ليست لحاكم ليبيا حقا قدرة رد عسكرية، ولكن صواريخ «توماهوك» لن تسقط حكمه. وعليه، فإن السيناريو المعقول هو أن الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا ومن ينضم إليها في الأيام القريبة القادمة (إيطاليا والسعودية والأردن تظهر في تقديرات عديدة) تفترض أن الضغط العسكري سيسقط القذافي من الداخل. وهنا يطرح سؤال آخر: بأي قدر، إذا كان هناك على الإطلاق، تنسق الولاياتالمتحدةوفرنسا حقا على المستوى السياسي؟ وهل التعاون الأمريكي الفرنسي في السنوات الأخيرة سيستمر ليخلق محورا أم هل ستؤدي إرادة ساركوزي إلى إسقاط القذافي إلى أن تصطدم بالبرود وانعدام الحماسة لدى الأمريكيين؟ أوباما: في خطابه يوم الجمعة الماضي، أوضح الرئيس أوباما أن للولايات المتحدة دورا «يصمم ويتيح» للنشاط العسكري ضد ليبيا. وحسب التصريحات الواضحة لأوباما، فإن قوات المارينز لن تنزل مرة أخرى في شواطئ طرابلس. وتكبد أوباما في ال48 ساعة الأخيرة عناء تقديم تعبير مفصل عن الخلافات في إدارته وحجم الجدال الداخلي حول السياسة في موضوع ليبيا. من جهة، وزير الدفاع غيتس، مستشار الأمن القومي توم دونيلون، ورئيس وكالات مكافحة الإرهاب، جون برنان، أبديا شكا كبيرا. للولايات المتحدة 140 ألف جندي في أفغانستان وفي العراق. والرأي العام المنشغل بالاقتصاد وبالبطالة لن يؤيد تدخلا عسكريا آخر من جانب الولاياتالمتحدة. وبشكل عام، فإن ليبيا هي الساحة الخلفية لجنوب أوربا: فرنسا وإيطاليا. لماذا يتعين على الولاياتالمتحدة مرة أخرى أن تكون مطفئة الحرائق أو الشرطي الدولي، فقط كي تتعرض للانتقاد والاستياء حين تتشوش الأمور ويكتشف العالم أن الثوار الليبيين ليسوا سوى صيغة شمال إفريقية لطالبان الأفغانيين الذين سلحتهم الولاياتالمتحدة ضد الاحتلال السوفياتي، فقط كي ينموا القاعدة؟ من جهة أخرى، مستشارتان ينصت إليهما أوباما: سمانتا باور، من مجلس الأمن القومي، وسوزان رايس، السفيرة في الأممالمتحدة، سيناتور واحد ذو نفوذ: جون كيري، ومنذ يوم الخميس، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أيضا. حجة هذه المجموعة تقوم على أساس منع الجريمة والمذبحة وعلى أساس الواقعية السياسية: هذه رسالة هامة إلى العالم العربي: الولاياتالمتحدة لن تسمح بمذبحة ولن تؤيد دكتاتورا من نوع القذافي. أيدنا المتظاهرين في مصر، ضحينا بمبارك، نحن نبقى جانبا في البحرين فقط بسبب الدور الإيراني، ولكن في ليبيا سنتدخل. ساركوزي: يمكن ادعاء أنه لولا دفعة الولاياتالمتحدة نحو قرار مجلس الأمن ولولا خطاب يوم الجمعة ولولا تقريب الرئيس لقوات كبيرة من الأسطول نحو شواطئ طرابلس ومنح مظلة قيادة وتحكم لفرض سياسة «حظر الطيران»، ما كانت فرنسا لتعمل وحدها، وبالتأكيد ما كانت لتنجح في بناء تحالف أوربي (ألمانيا امتنعت في التصويت في مجلس الأمن وبريطانيا بدت مقودة وعديمة النزعة القيادية على المستوى الدولي). حتى وإن كانت هذه الحجة صحيحة، فإن الرئيس الفرنسي هو الذي بادر وعمل ودفع وضغط نحو العملية. ولا يزال من السابق لأوانه تقدير آثار البروز الفرنسي، ومن السهل إحالة ذلك على المحاولة السياسية لتحسين مكانته وصورته المشروختين، ولكن يمكن القول بوضوح إنه يوجد لأوباما من الآن فصاعدا حليف أوربي سيرغب ومن المعقول أن يحصل في تدخل أكبر. عن «معاريف»