خصصت القناة الفرنسية -الألمانية «ARTE»، مساء أول أمس الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي للماء، ملفا حول «تجار الماء»، على امتداد ساعات، وقدّمت، عبر تحقيقات، العديد من التجارب الفرنسية والأجنبية التي ترصد مسار شركات التطهير. وقد وقفت التحقيقات حول المسارات التي ارتبطت بخوصصة هذا القطاع وبتغييب القطاع العام. وإلى جانب التجارب الفرنسية، خصصت القناة تحقيقا حول شركة «ليديك»، التي تشتغل في المغرب، وكشفت القناة عن كيفية هيمنة الشركات متعددة الجنسيات على ما وصفته ب»تحويل الماء إلى مال»... واعتبر التحقيق أن خوصصة هذا القطاع لم يكن ليخلو من النتائج العكسية التي تكرست في ارتفاع أسعار الاستهلاك واحتجاج المغاربة على التسعيرة، كما يحدث مع الشركات الفرنسية، فضلا علىتحميلها المسؤولية عما حدث عقب فيضان المدينة قبل أشهر. وقد أتبعت القناة الروبورطاج بتقرير عن شهادات لمواطنين وجمعويين تحدثوا فيها عن استيائهم من عمل الشركة وعن تذمرهم من البنية التحتية للشركة، مع إعطاء الفرصة لمسؤولي الشركة للرد على ما جاء على لسان المحتجين بأرقام ومؤشرات لنجاح الشركة في التدبير، مع تلميح الملف في مجمله على ما أسماه في الورقة التقديمية «النجاح الذي لا يمكن إنكاره» للشركات الخاصة في الخارج. وفي السياق ذاته، كشفت القناة الفرنسية -الألمانية عن مشاكل شركتي «فيلوليا» و»سويز» اللتين تحتكران 80 في المائة من سوق تطهير المياه في فرنسا، وفق شراكة عقد -تدبير ترتبط بتقوية البنية التحتية وتدبير الشركات الخاصة لاستعمال الماء وتدبيره. وقد وقف الروبورطاج، بشكل دقيق، على مشاكل الشركتين مع الفرنسيين، من بينها ارتفاع تسعيرة استهلاك الماء وضعف شبكة التطهير، فضلا على الكواليس التي تحيط بشكل عقود التدبير المفوض. وأضاف التقرير أن سكان مدينة بوردو احتجوا على الارتفاع الصاروخي لتسعيرة الماء، مقارنة مع السابق، واتهموا مسؤولين بالتلاعب في هذه التسعيرة اعتمادا على خبراء في المحاسبة، ليجد المستهلك نفسه أمام أطماع شركات متعددة الجنسيات لا تهتم لا بالصحة العامة ولا بمستقبل الكون. وذكر التقرير أنه رغم هذه المشاكل، تحاول الشركات أن تنقل الاستثمار في بلدان خارج فرنسا، من بينها المغرب. وأشار التقرير إلى أن الإطار القانوني للتدبير للمفوض لهذا القطاع في فرنسا يقوم على تقديم الشركات الخاصة مقابلا ماديا على أساس تقوية البنية التحتية واستغلال عائدات المياه، إلا أن هذه المعطيات -حسب التقرير- لا تحترم في الغالب، وما يزيكي هذا هو الاحتجاج في مدينتي غرونوبل وباريس وفي مختلف المناطق في فرنسا، وذكر التقرير أنه في العديد من الدول التي تشتغل فيها الشركات متعددة الجنسيات، قرر فاعلون سياسيون دق ناقوس الخطر حول المخاطر المتعلقة بارتباط الشركتين بوسائل الإعلام، دون أن تتم الإشارة إلى المغرب بشكل صريح. ويأتي هذا التقرير بالتزامن مع استمرار احتجاجات البيضاويين على شكل أداء الشركة الفرنسية، التي حمّلها تقرير لجنة المراقبة الدائمة مسؤولية الأحداث الخطيرة التي أعقبت الأمطار الغزيرة التي كانت قد «أغرقت» البيضاء قبل أشهر وأفضت إلى العديد من الخسائر، كما حمّل البعض مسؤولية حادثة تداخل الواد الحار بالماء لشركة «ليديك»، فضلا على استياء البيضاويين من ارتفاع تسعيرة الاستهلاك في العاصمة الاقتصادية. قال رضوان علي، رئيس المجلس الإداري لجمعية آباء وأصدقاء الأطفال المعاقين بدار بوعزة، إن الأطفال المعاقين ذهنيا بالمركز التابع لهذه الجمعية سيحرمون من الماء والكهرباء في حال تطبيق حكم قضائي لفائدة شركة «ليديك». وكانت المحكمة الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء قد أصدرت بتاريخ 31 ماي 2006، حكما قضائيا يقضي بأداء أكثر من عشرة آلاف درهم كواجبات استهلاك الماء والكهرباء، وتعويض قدره مليون سنتيم لفائدة شركة «ليديك»، في الوقت الذي لا تؤدي شركة «ليديك» ما بذمتها من أموال لفائدة مجلس مدينة الدارالبيضاء منذ سنة 2008، والتي تصل قيمتها إلى أكثر من 20 مليار سنتيم. وقال رضوان علي في اتصال مع «المساء» صباح أمس الأربعاء، إن مفوضا قضائيا حضر، مؤخرا، إلى مقر الجمعية من أجل تطبيق هذا الحكم القضائي، مشيرا إلى أن من شأن تطبيق هذا القرار حرمان أكثر من 600 طفل معاق ذهنيا من الماء والكهرباء. وناشد رضوان علي الجهات المسؤولة بمدينة الدارالبيضاء التدخل من أجل إيقاف تنفيذ هذا الحكم القضائي، خاصة وأن جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص المعاقين ذهنيا تتمتع بالمنفعة العامة.