خرج والي مدينة طنجة، محمد حصاد، من «عزلته» وأعلن أمام الصحافيين الذين استدعاهم أول أمس إلى مكتبه، أنه سيمنع تظاهرة 20 مارس وأن أي جهة، كيفما كان انتماؤها، خرجت إلى الشارع سيكون مصير مناضليها الاعتقال أو أسوأ من ذلك، وفق تعبير الوالي. وقد جاء هذا الإعلان بطريقة مباشرة من والي طنجة في أفق التعبئة المتصاعدة للخروج في مسيرة 20 مارس، والتي تشير كل التوقعات إلى أن أعداد المشاركين فيها قد تفوق بكثير أعداد المشاركين في مسيرة 20 فبراير، التي انتهت سلميا، لولا أن مجموعة مخربين استغلوا انسحاب المتظاهرين و«الغياب» الأمني «الغريب» وقاموا بارتكاب أعمال شغب وتخريب، أمام اندهاش كبير للسكان. ورغم أن الوالي استمع إلى شكاوى الصحافيين وانتقاداتهم حول الطريقة التي دُبّرت بها الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة وحول القوة المفرطة التي استعملها رجال الأمن تجاه المتظاهرين، بمن فيهم الصحافيون، فإنه أصرّ على منع التظاهرة، مؤكدا أنه سيعمل على تنظيم ندوة خاصة حول الأمن، لكنه لم يحدد موعدها ولا مضامينها. وكان صحافيون قد تعرضوا لضرب مبرح خلال مظاهرات جرت في طنجة، رغم أنهم كانوا يرتدون «بادجات» بادية للعيان، مما اعتُبِر استهدافا مقصودا لهم. كما تطرق الوالي للأحداث غير المسبوقة التي عرفتها الجماعة الحضرية لطنجة يوم الأربعاء الماضي وما رافق ذلك من فوضى عارمة اعتبرها السكان بداية النهاية لهذا المجلس. ورغم أنه يتوفر على تقرير شامل حول ما وقع، فإنه فضل التعامل مع الموضوع ب«دبلوماسية» غريبة، وبدا وكأنه لم يطلع على شيء، قائلا «منذ أربعة أشهر كانت الأمور تسير بشكل عادي ولا ندري كيف انقلبت الأوضاع». وقد خلَّف هذا التعبير الذي أطلقه الوالي استغربا كبيرا، على اعتبار أنه لا يُعقَل أن يكون المسؤول الأول في المدينة لا يتتبع المعطيات السياسية التي جعلت الخارطة السياسية في طنجة تتغير جذريا، منذ أن تم انتخاب فؤاد العماري عمدة جديدا للمدينة خلفا للعمدة المستقيل سمير عبد المولى، غير أنه سرعان ما فقد العماري الأغلبية الهشة وغير المتجانسة وأصبح اليوم يعيش «أيامه الأخيرة» كعمدة للمدينة. وفي الوقت الذي كان الصحافيون ينتظرون أن يصدر الوالي قرارا بشأن هذا المجلس أو أن يعلن على الأقل عن فتح تحقيق في الأحداث التي عرفها، فإنه فضل عقد لقاء مع الأطراف السياسية المتصارعة داخل المجلس، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، كما قال. وكان مقر الجماعة الحضرية عرف «مهزلة» حقيقية لم يسبق أن مرت في تاريخ المجالس المنتخَبة في طنجة، وارتفعت دعوات قوية لحل المجلس، بعد أن فقد العمدة أغلبيته التي «تم فرضها بالقوة»، وفق تعبير مستشارين كانوا يشكلون الأغلبية قبل أن يتوجهوا نحو المعارضة. كما وجه الوالي صفعة أخرى لسكان طنجة، عندما أعلن معارضته لطرد شركة «أمانديس»، التي تدير قطاعات الماء والكهرباء والتطهير، على اعتبار أنه لا يوجد بديل لها. وقال الوالي حصاد إن طرد هذه الشركة الفرنسية ليس أمرا هينا وإنه لا يتوفر حاليا على بديل لها وإن لجنة مكلفة، تضم منتخبين وجمعيات وسلطات محلية، تعمل على مناقشة مسألة مراجعة الفواتير وإن النتائج التي ستتوصل إليها سيتم الإعلان عنها في ندوة خاصة. ولم ينس الوالي أن يتأكد مما إذا كان قد قام ب»إنجازات» في المدينة، عندما وجه سؤالا للصحافيين حول ما إذا كانوا يلحظون تغييرا ملموسا داخل المدينة خلال السنوات الأخيرة... غير أن صمت الصحافيين في الندوة خلَّف حيرة لدى الوالي، الذي قرر أن يمارس المدح الذاتي، وقال إن «هناك أشياء تغيرت داخل المدينة وعلينا أن نفتخر بذلك». وقال حصاد إنه على اطلاع بما يجري في المدينة وإنه يتجول في أحيائها وأزقتها ويمشي في الأسواق ويدخل إلى المستشفيات، واعدا بمزيد من الإنجازات والبرامج التأهيلية للمدينة، رغم أنْ لا أحد يشاهده يقوم بزيارات مفاجئة لقطاعات حساسة في المدينة، مثل المستشفيات والإدارات والمدارس النائية. كما لم يتطرق الوالي لقضية خطيرة يعتبر هو «بطلها» الأول، وهي عملية التهديد التي تخضع لها المحمية البيئية في منطقة «السلوقية»، بإشراف مباشر من الوالي حصاد، بالإضافة إلى الخطر المحدق بمحميات ثقافية أخرى، مثل «فيلا هاريس» ومنطقة «ماليبونيون» ومناطق أخرى، وعدم وجود أي مركب ثقافي أو مسرح في المدينة والممارسات المشينة ل»وحوش العقار»، بدعم مباشر من السلطات والجماعة الحضرية.