حزب الأصالة والمعاصرة : تفاقم البطالة معضلة حقيقية    الخزينة العامة تكشف عن ارتفاع المداخيل الجمركية إلى 14.7 مليار درهم    نشرة إنذارية.. تساقطات مطرية وثلجية قوية في الريف وعدة أقاليم بالمملكة    بلاغ جديد لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة    انطلاق دوري الشطرنج ضمن رمضانيات طنجة الكبرى بمشاركة واسعة وأجواء تنافسية    الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة المغرب للكتاب لسنة 2024    "بصمة التراث".. أول سلسلة رسوم متحركة تعنى بإحياء التراث المغربي    علماء روس يطورون أول دواء مزدوج لعلاج سرطان البروستات    إعادة انتخاب لقجع لولاية ثانية عضوا بمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم    اختفاء قاصر مغربي بعد محاولة للسباحة إلى سبتة والعثور على جثة آخر    رئيس الاتحاد المصري: "أنا فخور باستضافة المغرب لمونديال 2030"    حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    سعد المجرد يجري عملية جراحية على مستوى الأذنين    فوزي لقجع يكتسح انتخابات ممثلي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بمجلس الفيفا    نظام الجزائر يرفض استقبال "الحراكة"    القاهرة .. فوزي لقجع يكتسح انتخابات ممثلي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بمجلس الفيفا    الغلوسي يردّ على وهبي: "أحزابكم لن تتصدر حكومة المونديال إلا بترشيح من فاحت رائحتهم فساداً من إسكوبارات المخدرات وتبييض الأموال"    العامل المرزوقي يقود بنجاح اجتماعًا موسعًا لإيجاد حلول لأزمة الاكتظاظ في ميناء طنجة المتوسط    في مؤتمر صحفي بالفجيرة.. إعلان رسمي عن أكبر دورات مهرجان المونودراما    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات تعلن عن تنظيم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    المغرب يترأس دورة لجنة أممية    لماذا لم تفعل السلطات قانون نزع الملكية قبل تهديم البيوت؟    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يعيد انتخاب موتسيبي رئيسا بالتزكية    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    مصطفى بنرامل ل"رسالة 24″ : نسبة ملء السدود بلغت 34 ,30 بالمائة بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    تقرير دولي: المغرب والجزائر يتصدران قائمة مستوردي السلاح بإفريقيا    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    إحباط عملية تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    الشرقاوي: وكالة بيت مال القدس نفذت أزيد من 200 مشروع كبير لفائدة المقدسيين    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    أنشيلوتي: "أثق بقدرة الريال على إقصاء أتلتيكو"    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    بعد أزيد من 40 يوما من الاعتصام.. مسيرة ليلية ببني ملال احتجاجا على استمرار طرد حراس الأمن بالمستشفى الجهوي    أخنوش يؤكد مواصلة الحكومة تحسين العرض الصحي استجابة لمتطلبات ورش الحماية الاجتماعية    توتر في باماكو بسبب ترحيل المهاجرين غير النظاميين من موريتانيا    روسيا تقصف سفينة "قمح جزائري"    القضاة يحاصرون نتنياهو والأخير يخرج عن طوره أثناء المحاكمة    المعارضة تكتسح انتخابات غرينلاند    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    الذهب يستقر في هذا المستوى    انهيار منزل بحي العكاري يخلّف حالة من الهلع ووفاة سيدة    الأسلحة والمعادن ‬وإنهاء ‬نفقات ‬المينورسو‮!‬ (‬(3    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب بين راشد وسائد وزائد
نشر في المساء يوم 20 - 03 - 2011

يعتبر عمر الشباب أهم مرحلة عمرية في البناء الإنساني، إذ به قوام صناعة الحياة، كما أنه الفئة العمرية التي يمكن الرهان عليها في الشدائد والرخاء، ولا يمكن في أي حال من الأحوال
اعتبار هذه الفئة مستهلكة أو مستهلكة لمغريات الحياة ومتطلباتها المزخرفة، فواقع الحال أبلغ من ألف مقال يمكن أن يسطر يقظة الشباب في ظل الظروف الدولية والإقليمية، هذا الشباب الذي لخص إرادته البيت الشعري:
كل صعب على الشباب يهون هكذا همة الرجال تكون
فكان للتاريخ كلمة سطرها الشباب في الكثير من الدول العربية والإسلامية بثورات سلمية ممنهجة بالتدبير الفطري القويم، بل إن التاريخ الإسلامي ليعطي الأنموذج الأمثل لإرادة الشباب في التغيير وتحدي العقبات، فكان أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زوجه أمنا خديجة رضي الله عنها علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه وكان صبيا صغيرا نام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة وهو يعلم أنه مقتول لا محالة، ثم أبو بكر الصديق الذي أسلم في عمر الثامنة والثلاثين وأنفق ماله كله في سبيل الدعوة الإسلامية، وعمر بن الخطاب الذي كانت قريش توفده إلى القبائل الأخرى للتباحث معها أسلم في السادسة والعشرين وكان إسلامه قوة دافعة للدعوة الإسلامية، و الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة رضي الله تعالى عنهم أجمعين والكثير من الصحابة الكرام الذين قاموا ببناء صرح الحضارة الإسلامية سندا لها ودعاة لصلاحها، إلا أنه وفي ظل انفتاح الأمة الإسلامية والغياب الممنهج للتأطير الديني السليم، أصبحت هذه الفئة تتجاوز في وصفها النعت الحسن إلى نعوت أخرى، مما يدفعنا إلى تصنيف الشباب إلى:
شباب «قائد»: وهو ما تم الإلماع إليه في بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغالب أمره أنه شباب تجري معالم التغيير في واقعه على يديه، وهو نعت نخبوي أكثر منه عام، ويشترط فيه شرطان أساسيان، الأول يكمن في القوة البدنية والثاني يكمن في القوة العقلية وهو ما جاء مفصلا في كتاب الله تعالى حول نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقوته البدنية تكمن في قوله تعالى: «قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم، قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون». وقد جاءت هذه الآية الكريمة ردا على سؤال قومه حول كسر الأصنام، والتي تحتاج إلى شرط القوة البدنية، ودليل القوة العقلية جاءت في نفس الآية عندما أحال عطالة عقولهم على أصنامهم بتوجيههم نحو سؤالهم، فكان الوصف القرآني لهذه الفئة الشبابية القائدة بصفة «الفتوة» قال تعالى «سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم» وقال تعالى «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى» التي وردت في شباب أهل الكهف. والتاريخ الإسلامي قد أعطانا نماذج كثيرة من هذه الفئة التي كان لها مفتاح التغيير والنصر في الأمة الإسلامية، كأسامة بن زيد ذي السابع عشر من العمر الذي قاد جيش المسلمين وفيه كبار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ومحمد بن القاسم الثقفي.
شباب «سائد»: وهو وصف مأخوذ من السيادة، أي الشباب الذي يسود قومه بالعلم والصلاح والعمل الهادف، والسيادة هي وصف ظاهر منضبط بشرط العلم والأخلاق، ولفظ السّيّد مشتقّ من السّؤدد، وهو: المجد والشّرف، ويطلق على المتولّي للجماعة. ومن شرطه وشأنه أن يكون مهذّب النّفس شريفاً. وعلى من قام به بعض خصال الخير من الفضل والشّرف والعبادة والورع والحلم والعقل والنّزاهة والعفّة والكرم... وروي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل: من السّيّد ؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام قالوا : فما في أمّتك من سيّد؟ قال: بلى، من آتاه اللّه مالاً، ورزق سماحةً، فأدّى شكره، وقلّت شكايته في النّاس» وبقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار وبني قريظة : «قوموا إلى سيّدكم» يعني سعد بن معاذ. وقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن عليّ رضي الله عنهما - كما ورد في الصّحيحين «إنّ ابني هذا سيّد، ولعلّ اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» ومن ثم يكون هذا الوصف أكثر شمولية للشباب الذي لا يستهلك عمره في القيل والقال، وحديث المقاهي السافر المهلك للوقت، بل هو شباب هادف يعي ما يعمل ويعرف ما يريد وينأى بنفسه من الوقوع في حب الذات.
شباب «راشد»: وهي فئة من الشباب يغلب عليها مبدأ المقاومة، مقاومة النفس عند انسياقها إلى الشهوات، ومحاورة الفكر عند انجرافه إلى الثغرات، وتجاوز الرغبة في الاستهلاك حتى لا يجد نفسه في سكة الهلاك، فئة تحتاج إلى من يقومها لأن طبيعتها مفطورة على التجاوب مع من له قوة الإقناع قولا وعملا، كما أنها مجبولة على قبول الخير وكره الظلم، وحب التعايش وكره الرفض، والفرح بالبناء واستنكار الفوضى، وهي ممن تعرف إيمانا ما بين الازدياد والنقصان، إلا أن لسان حالها عنوان التوافق مع كل خير.
شباب «زائد»: وهو الشباب الذي سخر طاقته كلها في خدمة الرغبات الشهوانية، والانحرافات الأخلاقية، والسلوكيات الهدامة، والمعاملات البرغماتية، والنفعية الذاتية المطلقة التي لا تعرف في سلوكياتها إلا مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان»، وغالبا ما تنساق هذه الفئة من حيث لا تدري إلى خدمة أجندة الغير، دون دراية منها بعواقبها ومآلاتها، فإن هي ثارت دمرت، وإن هي استنكرت حول واقع معين فإنما هو استنكار تبعي للغة الإعلام، وإن هي أبدت رأيا فلا قيمة معرفية تحكمه، وإن هي عبرت عن قناعة غاب عنها معنى ما تقول، وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم حينما قال «لا تكونوا إمَّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس، أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا» رواه الترمذي.



عبد الله أبوعوض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.