يعيش المغرب، منذ أواخر السنة الماضية وبداية السنة الجارية، على وقع الإضرابات والاحتجاجات في مختلف القطاعات، ولن يشكل الأسبوع الحالي استثناء، بعدما قررت مجموعة من الهيآت النقابية في قطاع التعليم والنقل، إضافة إلى الجماعات المحلية، الإضراب عن العمل. وعليه، فقد أعلنت النقابات التعليمية الخمس خوض إضراب إنذاري لمدة 48 ساعة، يومي 16 و17 مارس الجاري، ينضاف إلى سلسلة الإضرابات التي عرفها قطاع التعليم، بمختلف مستوياته، والتي أدت إلى تعثر السير الطبيعي للدراسة. وعليه، يشهد قطاع التعليم في المغرب أزمة حادة بسبب فشل السياسات التعليمية المتعاقبة وفشل ما يسمى «مشاريع الإصلاح»، التي كان آخرها المخطط الاستعجالي، «الفوقي والارتجالي»، حسب ما جاء في بيان مشترك توصلت «المساء» بنسخة منه. وتُحمّل النقابات التعليمية مسؤولية تدهور التعليم والإضرابات المتوالية للحكومات المتعاقبة وللوزارة الوصية على القطاع، كما تطالب بافتحاص التدبير المالي للبرنامج الاستعجالي وبمحاسبة كل المتورطين في الفساد وإهدار المال العام، مع إعفاء القائمين على مشاريع الإصلاح «التي تَبيَّن فشلها الذريع والخطير، والمتمثل في إيصال القطاع إلى السكتة القلبية». وأكدت كل من الجامعة الوطنية للتعليم والمنظمة الديمقراطية للتعليم والهيأة الوطنية للتعليم والنقابة المستقلة والفدرالية الديمقراطية للتعليم، تمسك الأسرة التعليمية بملفها المطلبي، قصد إنصاف المتضررين من رجال ونساء التعليم وإحقاق العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص. كما شددت على ضرورة إشراك الأسرة التعليمية في إصلاح حقيقي ينقذ المدرسة العمومية من الانهيار. من جهتها، مددت اللجنة الوطنية لأساتذة الثانوي -الإعدادي، المدمجين -فوج 2005 إضرابها الوطني إلى غاية 16 مارس 2011، مع خوض اعتصام يوم أمس الاثنين، 14 مارس، أمام مقر وزارة التربية الوطنية، وكذا اعتصام اليوم الثلاثاء، 15 مارس، أمام مديرية الموارد البشرية في الرباط، وهي قرارات ستحرم أزيد من 70 ألف تلميذ من حقهم في التمدرس، حسب ما صرح به نور الدين مبارك، المنسق الوطني لأساتذة التعليم الثانوي -الإعدادي المدمجين -فوج 2005، في اتصال مع «المساء». ويخوض الأساتذة المدمجون -فوج 2005 أشكالا نضالية متعددة، منذ فاتح مارس الجاري، احتجاجا على «وزارة تتعامل معهم بمنطق التهميش والتسويف» ومن أجل «انتزاع» حقوقهم المشروعة، التي تتمثل في اعتراف وزارة التربية الوطنية بالحيف الذي لحق فوج 2005 وتصحيح تاريخ إدماجهم واحتساب سنوات الأقدمية العامة منذ اشتغالهم كعرضيين، مع التصريح بهذه السنوات لدى الصندوق الوطني لمنح رواتب التقاعد وإعادة الترتيب، فضلا على فتح الباب لتغيير الإطار إلى أستاذ الثانوي -التأهيلي واعتماد نقطة التفتيش بالنسبة إلى أساتذة الثانوي -الإعدادي العاملين في الثانوي التأهيلي والابتدائي وغيرها من المطالب. من جهة أخرى، ستشهد الجماعات المحلية إضرابا عن العمل لمدة 48 ساعة، تتعطل معه مجددا مصالح المواطنين، بعدما دعت النقابة المستقلة للجماعات المحلية إلى خوض إضراب وطني يومي الأربعاء والخميس المقبلين، احتجاجا على إقصاء وتهميش الشغيلة الجماعية وغياب الإرادة الحقيقية لإصلاح مؤسسة الجماعات المحلية. ورغم أن احتجاجات موظفي الجماعات المحلية بدأت منذ شهور طويلة، فإن الحكومة والوزارة الوصية لم تعيرا ذلك اهتماما ولم تستمعا إلى مشاكلهم المتعقلة باستفحال الاستغلال والتعسف الإداري والسياسي وهزالة الأجور والتعويضات والخدمات الاجتماعية، مع تدهور شروط وبنيات العمل، حسب ما جاء في بلاغ للنقابة المستقلة للجماعات المحلية. وتدعو هذه الأخيرة الحكومة إلى إحداث وزارة خاصة بالجماعات المحلية، تعنى بمطالبهم وتنهي «وصاية» وزارة الداخلية عليها، مع التخلي عن سياسة فرض الأمر الواقع، التي تنهجها ضد النقابات، باستصدار مراسيم جديدة للتضييق على العمال والموظفين. إلى جانب ذلك، خاضت الهيآت التمثيلية لقطاع النقل في المغرب إضرابا وطنيا مفتوحا يوم أمس، استنكارا لسياسة الإقصاء الممنهج لقطاع النقل والتعامل معه بمنطق «الحكرة» واللا مبالاة، وانتفاضا ضد وزارة التجهيز والنقل، التي لم تلتزم بالمحاضر الاجتماعية التي وقعتها مع المهنيين. وأعلنت النقابات، من خلال هذا الإضراب، عن فشل كل المحاولات الرامية إلى فتح حوار جدي ومسؤول مع الجهات المعنية، قصد وضع حد لحالة الاحتقان الاجتماعي والمهني والاقتصادي، التي تهدد القطاع. ويعاني السائقون والناقلون من سوء تدبير قطاع النقل، الذي تغيب فيه المنافسة الشريفة وتحتكر فيه شركات الوزارة الوصية أزيد من 60 في المائة من القطاع، وهو ما دفع 38 في المائة من العاملين في القطاع إلى التوقف عن العمل.