عادت البقعة الأرضية المعروفة ب«G8» المطلة على الشاطئ البلدي بطنجة، إلى الواجهة، بعدما صدر حكم بإفراغ كل المصانع الموجودة فوق هذا الوعاء العقاري، الذي يملك صاحبُها أصلَها التجاري، من أجل هدمها وإعادة بنائها لصالح إحدى الشركات العقارية. ويأتي هذا القرار في الوقت الذي ما زالت وزارة الثقافة لم ترفع يدها عن هذا الوعاء العقاري، باعتباره مسجلا ضمن المآثر التاريخية لمدينة طنجة. كما جاء هذا القرار بينما منحت الجماعة الحضرية أصحاب هذه الشركة العقارية رخصة بناء عمارات سكنية متكونة من سراديب و24 طابقا ومحلات تجارية وترفيهة فوق نفس العقار المذكور، رغم أنه، أي هذا العقار، مسجل في عداد الآثار التاريخية، بموجب قرار لوزير الثقافة رقم 07/1723. وكانت الشركة العقارية قد رفعت دعوى قضائية ضد أصحاب المصانع لإفراغهم من أجل هدم بناياتهم بعدما تسلمت رخصة من المجلس الجماعي لبناء مشروع سياحي. وقال الممثل القانوني للشركة العقارية إن قرار وزير الثقافة يقضي بتقييد جزء من العقار في عداد الآثار وليس العقار ككل، بينما يؤكد أصحاب المصانع أن الوعاء العقاري كله مصنف ضمن آثار المدينة. وكانت هيأة دفاع أصحاب المصانع الذين صدر في أصحاب الأصول التجارية منهم حكم بالإفراغ قد وجهت رسالة لعمدة مدينة طنجة تنبهه فيها إلى خطورة تسليم رخصة البناء دون أن يطلب رأي وزارة الثقافة بخصوص الطابع الأثري للعقار المذكور، الذي يمنع إدخال أي تغيير على هيئة الأماكن الكائنة داخل المنطقة المحدودة والمعلومة كمعلمة أثرية. وأشارت نفس الرسالة، التي توصلت «المساء» بنسخة منها، إلى أن إعطاء الرخصة دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة العقار تعتبر رخصة مخالفة للقانون ومن شأنها حذف معلمة تاريخية تفتخر بها طنجة. من جهتها، أكدت مصادر مسؤولة في وزارة الثقافة ل«المساء» أن الوعاء العقاري المتنازَع بشأنه بين أصحاب المصانع وشركة عقارية مصنف ضمن الآثار التاريخية للمدينة. وأضافت نفس المصادر أن المنطقة كلها مصنفة وأن هناك طلبا من أجل إعادة النظر في التصنيف أودعته الشركة العقارية صاحبة المشروع السياحي لدى مصالح الوزارة، لكنها لم تجب عليه إلى حدود اليوم. من جانبه، وجه الوكيل القضائي، بصفته نائبا عن الدولة المغربية، في شخص الوزير الأول، وعن وزير الثقافة، مقالا استئنافيا للرئيس الأول في محكمة الاستئناف التجارية في فاس بإلغاء الحكم المستأنَف، المتعلق بأحد المحلات موضوع الإفراغ، تمهيدا لإجراء خبرة قصد تحديد مدى ترابط هذا العقار مع الأجزاء الأخرى من نفس العقار، المصنَّفة كمآثر تاريخية. وفي نفس البقعة الأرضية التي من المرتقَب أن يقام فوقها مشروع سياحي، توجد مدرسة «وادي المخازن»، وهي بدورها مهددة بالهدم، لأنها موضوع دعوى بين وزارة التربية الوطنية وبين أصحاب الشركة العقارية التي اقتنت الوعاء العقاري المسمى «8G». وبينما تؤكد مصادر تعليمية أن المدرسة لها تاريخ قديم ولا ينبغي أن تهدم، فإن أصحاب العقار يعتبرون أن مشروعا سياحيا وترفيهيا هو أفضل من بقاء هذه المدرسة التي قالوا إن الدراسة فيها توقفت لسنوات، بينما الواقع أنه تمت ممارسة احتيال واضح، بتواطؤ من ولاية طنجة، حيث تم إفراغ المدرسة من تلاميذها بدعوى الإصلاح، ثم تم إقفالها لبناء مشروع تجاري.