طالبت نقابةُ الصحافة الحكومةَ المغربية بتفعيل إصلاح شامل في قطاع الإعلام، بمختلف أصنافه. واعتبرت النقابة، في مذكرتها التي سلمت إلى الوزير الأول مؤخرا، أن مطلب الإصلاح يتقاطع مع المطالب الديمقراطية التي تعلن عنها مختلف القوى السياسية والنقابية والحركات الشبابية، مؤكدة أنه "لم يعد ممكنا الاستمرار في نهج سياسة أنصاف الحلول، التي لم تؤد في الواقع إلا إلى إبقاء الأمور على ما هي عليه وإلى تكريس الجمود ومقاومة التغيير". وكانت المذكرة الموجهة للحكومة المغربية موضوع ندوة صحافية عقدت صباح الخميس المنصرم في الرباط، حيث ذكّر يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بالنقاشات التي دارت في المؤتمر الدراسي الذي نظمته النقابة خلال العام الماضي، وتم فيه التأكيد على أن عملية إصلاح الإعلام ينبغي أن تتماشى مع التطورات العميقة التي يعرفها المغرب والعالم، بالنظر إلى الثورة التكنولوجية الكبيرة التي أصبحت تنافس وسائل الإعلام. وأشار مجاهد إلى أن المذكرة المشار إليها جاءت في سياق العمل الذي دأبت عليه النقابة وكذا في سياق جلسات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، وأكد أن رياح الديمقراطية التي تهب بقوة على العالم العربي حاليا هي رياح إيجابية، وسيكون لها أثر كبير على قطاع الصحافة وعلى الإعلام. كما تطرق يونس مجاهد لمضامين الإصلاحات الدستورية والسياسية والقانونية المعبَّر عنها في الخطاب الملكي الأخير، معتبرا أنها أساسية لتطور قطاع الصحافة والإعلام. وستكون الآن السيرورة التي سيدخل فيها المغرب إيجابية ولا يمكن تصور تطور حقيقي في هذا القطاع بدون ديمقراطية عميقة في مجال الإعلام. وأضاف قائلا: "نعتبر أن الصحافة رافعة أساسية لدفع عملية الإصلاح والتطور في بلادنا. ولا يمكن أن نتصور مسارا قويا للنقاشات والحوارات من أجل إصلاح المنظومة السياسية والقضائية والتشريعية دون وجود إعلام قادر على مواكبة هذه النقاشات بكفاءة وحرية". ولذلك، أوضح رئيس نقابة الصحافة أن "الإعلام ينبغي أن يحظى بالأولية في هذه الإصلاحات الآن وليس غدا". وسجلت النقابة، في مذكرتها، غياب إستراتيجية واضحة لدى مسؤولي مؤسسات قطاع السمعي -البصري العمومي، تتجلى في عدم القدرة على مواكبة مختلف التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي والعالم. كما سجلت غياب آليات الاشتغال المهني التي تشجع على المبادرة والإبداع وإبراز الكفاءات، بالإضافة إلى الإشكالات المرتبطة بمسطرة التعامل مع قطاع الإنتاج والشركات العاملة فيه. ودعت، بهذا الخصوص، إلى مراجعة مسطرة التعامل مع شركات الإنتاج بما يضمن مبادئ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص وجودة المنتوج. واعتبرت النقابة، في مذكرتها الموجَّهة للحكومة، أن موضوع الحكامة الرشيدة يطرح بقوة على المؤسسات الإعلامية العمومية، كما هو مطروح بقوة في كل مقاولات الصحافة والإعلام. وجاء في المذكرة، أيضا، أن إشكالية المضمون تظل مطروحة بحدة في قنوات الإذاعة والتلفزة المغربية وأن اقتناء الآلات والتجهيزات التكنولوجية الحديثة لا يمكنه أن يتم، في أي حال من الأحوال، بمعزل عن الاهتمام الخاص بالموارد البشرية، التي تشكل عماد كل عمل مهني، عبر التكوين المستمر والتأهيل وتوفير ظروف عمل مهنية ومشجعة على العطاء وعلى المبادرة وتستجيب للمعايير المعتمدة دوليا في هذا الإطار، من خلال تحسين الظروف المادية للعاملين في المؤسسات الإعلامية العمومية. وقالت النقابة كذلك إن التذرع بضعف التمويل وبالضغط الذي يمارسه المعلنون لطلب منتوجات الترفيه والإثارة لا يبرر نهائيا الفقر المتزايد في المضمون وغلبة الطابع الرسمي على الأخبار. وارتباطا بموضوع تنظيم الإعلام السمعي -البصري، رأت النقابة أن الهيأة العليا للاتصال السمعي -البصري تعاني من عدة نواقص، معتبرة أنه من اللازم مراجعة أسلوب عملها ومدى التزامها بالمبادئ الأساسية الواردة في ظهير تأسيسها، وأيضا بمراجعة مقاييس تعيين أعضاء الهيأة والتدقيق فيها، بما يضمن أن تكون فعلا هيأة للحكماء، مستقلة عن أي سلطة خارج القوانين المنظمة لها، والالتزام بالقانون المنظم للهيأة في ما يتعلق بمدة انتداب الأعضاء.