ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من أداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - لماذا اخترت كرة القدم دون سواها من الرياضات؟ < كجميع أبناء الأحياء الشعبية فقد مارست كرة القدم في المساحات الفارغة لحي سيدي البرنوصي، قبل أن يقترح علي مونييك وهو شخص معروف بتأطير الفئات الصغرى الانضمام لفريق السلام البرنوصي بالقسم الشرفي، لعبت للفتيان والصغار قبل أن يتم حل الفريق سنة 1975، لعبت في صفوف شبان الرشاد برخصة مزورة برغبة من أستاذ التربية البدنية الولجي، لكن حبي لكرة القدم كان يوازيه عشقي لكرة اليد. لقد ألح علي البعض كي أوقع للرشاد بعد تحقيق الصعود للقسم الثاني سنة 1978، لكنني فضلت التوقيع لفريق جماعة عين السبع، بعد أن طالبت الرشاد بمنحة توقيع قدرها ألفي درهم وقوبل الطلب بالرفض، بينما منحني عبد الرزاق أفيلال المبلغ ذاته لأوقع لفريق الجماعة، وحين اقترح علي الانضمام للاتحاد البيضاوي رفضت. - لكنك لم تتردد في التوقيع لدفاع عين السبع؟ < كان محمد شاوف وراء استقطابي نحو دفاع عين السبع، لقد كان الرجل إطارا في إحدى الشركات وساهم في تشغيل العديد من اللاعبين، كنت حينها طالبا وفضلت متابعة دراستي واللعب للدفاع، خاصة وأن التداريب كانت تجرى في الفترة الزوالية. - تحملت بالتأكيد شتائم أبناء البرنوصي حين تخوض مباريات ضد الرشاد أليس كذلك؟ < حين ألعب ضد الرشاد وأنا أحمل قميص دفاع عين السبع أتعرض لسيل من الشتائم، لكن بعد سنوات انتقل العديد من أبناء البرنوصي للدفاع، وكنا ثمانية نشكل أغلبية في الفريق كعينوس وبوهو والجيلالي وغيرهم من الأسماء. - لم تفرط رغم بعد المسافة بين البرنوصي وعين السبع في واجباتك الدراسية أليس كذلك؟ < تصور أنني كنت مقبلا على اجتياز الدورة الاستدراكية لامتحانات الباكلوريا سنة 1984، وكان الامتحان مقررا يوم الإثنين على الساعة الثامنة صباحا، وفي يوم الأحد كنت أخوض مباراة نصف نهائي كأس العرش أمام الجيش الملكي، المباراة استمرت إلى حدود الساعة الثانية صباحا، وكانت الأمسية رمضانية، عدت منهكا إلى البيت في حدود الساعة الثالثة وكانت والدتي توقظني صباحا وأنا أحاول أن ألغي من مفكرتي الامتحان لأنني كنت في حالة إنهاك، لحسن الحظ اجتزت الاختبارات ونجحت بمعجزة. - من كان وراء التحاقك بالمركز الجهوي لتكوين أساتذة التربية البدنية؟ < بعد أن نلت شهادة الباكلوريا تقدمت بترشيحي للالتحاق بمدرسة تكوين أساتذة التربية البدنية المجاورة لملعب دفاع عين السبع، لكن الانتقاء كان يتم بالكومبيوتر فلم يحالفني التوفيق، التحقت حينها بكلية الآداب بعين الشق ودرست اللغة الإنجليزية لسنتين، كانت كلها معاناة مع وسائل النقل من البرنوصي إلى عين الشق، صراحة عجزت عن التوفيق بين الدراسة والكرة. - لم تفقد الأمل واجتزت اختبارات ولوج مركز تكوين الأساتذة؟ < المرة الثانية كانت ثابتة والتحقت بالمركز، حيث قضيت سنتين كلها نشاط وتداريب ومثابرة، خاصة وأننا كنا نملك فريقا مهاب الجانب فيه منتخب من اللاعبين الممارسين بالقسم الأول والثاني، كالتهامي وبهلاوي وأخ العرب وغيرهم من اللاعبين، وكان المدرس هو فيكي الذي كان حريصا على الاهتمام بهذه المجموعة سيما وأنه مدرس لمادة كرة القدم. - بعد تخرجك كنت تحمل قميص الرجاء لماذا لم تلتحق بمقر عملك؟ < بعد سنتين من التكوين جاءني التعيين الذي حمل لي مفاجأة، حيث طلب مني تدريس مادة التربية البدنية في مدينة سيدي سليمان، عرضت المشكل على المرحوم عبد اللطيف السملالي الذي وعدني بتغيير التعيين، وكلف عبد العزيز المسيوي بحل المشكل، فعلا توصلت بتعيين جديد حولني من سيدي سليمان إلى ثانوية المختار السوسي التي لا تبعد عن منزلي إلا ببضعة أمتار، كنا أربعة أساتذة فقط وكنا نتناوب على الحصص قبل أن يعفيني النائب خلا السعيدي وهو شخصية رياضية، من معاناة المزاوجة بين الكرة والتدريس، ولقد لعب العربي كورة دورا في تليين مواقف النائب الإقليمي للتربية البدنية. - لكنك سرعان ما قدمت استقالتك من التعليم والتحقت بمكتب استغلال الموانئ من كان وراء هذا التحول؟ < حين كان فريق الرجاء البيضاوي يخوض منافسات كأس إفريقيا، اقترح علي حصاد المدير العام لمكتب استغلال الموانئ، وكان عضوا في المكتب المسير للرجاء، الانضمام للوديب، وقال لي بالحرف أنت كضيع أولاد الشعب، وشرح لي مزايا التحول من الوظيفة العمومية إلى القطاع الخاص، قدمت استقالتي من التدريس وبدأت مسارا مهنيا آخر، لكنني وكباقي اللاعبين لم أكن أذهب للعمل بل كان عملي في الملعب. - هل ندمت على التفريط في الوظيفة؟ < ندمت في الأول خاصة وأنه بعد استقالتي عشت على إيقاع البطالة لمدة عام كامل، فالإجراءات كانت بطيئة ولطالما غضبت وقاطعت الكرة بسب هذا المشكل، قبل أن يتم حله وحصلت على متأخراتي المالية بالكامل. - لكنك غادرت لوديب مرة أخرى هل ضقت درعا بالوظيفة؟ < كانت علاقتي متوترة مع رئيس قسم المعلوميات الذي لا علاقة له بالكرة، ويحسد اللاعبين على هذه الامتيازات، بل ويمارس جبروته بشكل يومي، لهذا انتظرت فرصة المغادرة الطوعية لأنهي مساري في المؤسسة. - هل تنصح ابنك بلعب كرة القدم؟ < انضم ابني لمدرسة الرجاء لكنه لا يحمل ميولات للكرة، لهذا قررت أن أضمه لنادي للتيكواندو يمكنه من التدريب مرتين كل أسبوع، على أن يخصص الوقت الكافي للدراسة.