ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من أداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - ماذا تذكر عن طفولتك؟ < كنت أدرس في مدرسة كريط الابتدائية لكن الوقت الفارغ كنت أخصصه للعب كرة القدم، خاصة وأن فضاءات درب السلطان بالدارالبيضاء، كانت تتيح الفرصة لنا كأطفال للعب دون انقطاع، ومن الصدف الغريبة أنني قطعت نفس المسار الدراسي الذي مر منه اللاعب مصطفى الحداوي، فقد درس في مدرسة كريط وإعدادية الجاحظ ثم ثانوية مولاي عبد الله، وهو مشواري أيضا. - هل كنت تعتقد بأن مستقبلك في ممارسة الكرة؟ < لا لكنني كنت مهووسا بالكرة، وذات صباح باكر كنت أخوض مباراة في ملعب الفداء، ولم يكن في المدرجات أي متفرج باستثناء المنقب الرجاوي المرحوم، وفي نهاية المباراة دعاني للالتحاق بصغار الرجاء بملعب بوسيجور، لكنني لم ألب الدعوة وبعد إلحاح منه التحقت بالنادي ولعب بقميص الرجاء في دوري استعدادي، حيث بصمت على أول رخصة مع الفريق. - هل أثر اللاعب الدولي السابق مصطفى يغشا في مسارك علما أنه خالك؟ < بالتأكيد فقد كان يلعب في صفوف الدفاع الجديدي وكان يتدرب بين الفينة والأخرى مع الرجاء، رافقته مرارا للملعب بل إن مصطفى عندما لعب للمنتخب الوطني، كان يتردد على منزله لاعبون دوليون وكنت لا اخلف الموعد، بل أنصت لأحاديثهم وامني النفس بمستقبل كروي، خاصة بعد أن احترف يغشا في سويسرا وبالضبط بشنوا جنيف وكان أول لاعب مغربي يحترف في الدوري السويسري. - هل كان والدك يمنعك من ممارسة الكرة؟ < والدي رحمه الله لم يكن يعلم بأنني ألعب في صفوف الرجاء إلا بعد أن التحقت بالفريق الأول، بل إنني كنت أجد مبررا يسهل مأموريتي ويجعلني ألعب الكرة دون موانع، حيث كنت دائما أقول له أنني مدعو للمشاركة في الألعاب المدرسية، وطبعا كل ما يرتبط بالمدرسة غير محظور. - رغم ذلك واصلت دراستك الجامعية؟ < بعد أن حصلت على شهادة الباكلوريا كنت أود استكمال دراستي في مجال مرتبط بالرياضة، وأن احصل على الدكتوراه في إحدى التخصصات لكن الظروف حالت دون ذلك، وكنت مضطرا للالتحاق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية لابن امسيك، وعيني وقلبي وعقلي على مركز تكوين أساتذة التربية البدنية. - ما هي هذه الظروف؟ < ظروف عائلية طبعا حتمت علي البحث عن مصدر عيش من كرة القدم، وكنت سعيدا حين توفقت في ولوج مركز تكوين أساتذة التربية البدنية بعين السبع، على الأقل شعرت بأنني ضمنت شغلا، مادامت الكرة غير مضمونة خاصة في الثمانينات، قضيت سنتين في المركز وأصبحت المعيل الثاني للأسرة بعد والدي رحمه الله. - بعد التخرج ظهرت محنة التعيين أليس كذلك؟ < تم تعييني في مدينة العيون لكنني لم ألتحق بمقر عملي لأنني كنت مرتبطا بالرجاء البيضاوي، وبذلت مجهودات من أجل استبدال مدينة العيون بمدينة أخرى، وبفضل تدخل المرحوم عبد اللطيف السملالي وعبد العزيز لمسيوي تغير القرار، وأصبحت مدرسا بالدارالبيضاء، في إعدادية الرشيد ثم بلقرشي قبل أن أنتقل إلى البئر الجديد بإقليم الجديدة. - لماذا اخترت البئر الجديد؟ < بساطة لأنني انتقلت للعب للدفاع الحسني الجديدي، وكان من الضروري تغيير التعيين، وبعد انتهاء فترة الانضمام للفريق الدكالي عدت إلى الدارالبيضاء، والتحقت بمقر عمل جديد في سيدي معروف، لقد كنت ابن بطوطة المدرسين من إعدادية إلى إعدادية حسب محطتي الكروية، حيث لعبت لكل من الرجاء البيضاوي والدفاع الحسني الجديدي وشباب المحمدية ولافارج قبل أن أدرب صغار الرجاء والفريق الرديف للنادي ثم اتحاد سيدي معروف، وكان الانتقال إلى الخليج حيث عينت مديرا تقنيا للشباب القطري ونادي الظفرة الإماراتي ثم النادي العربي. - ما هو الشيء الذي ندمت عليه في حياتك؟ < ندمت على شيء واحد هو عدم تمكني من استكمال مشواري الدراسي، وتوقفي عند عتبة مركزى تكوين الأساتذة، لقد كان طموحي أكبر من جسدي وكنت أود أن أنهي مساري الدراسي بدكتوراه لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه. - هل جرت الرياح بما لا يشتهيه منعم؟ < بالتأكيد خاصة وأن إصابتي ضد جاندارك السينغالي برسم كأس إفريقيا للأندية البطلة، أثرت سلبا على مساري، إضافة إلى عدم تحقيق العديد من الأمنيات كالاحتراف في سويسرا، الذي قطع شوطا كبيرا رفقة نادي كان يلعب له ويدربه خالي مصطفى. - ما هي ميولاتك الأخرى خارج النطاق الرياضي؟ < لي ميولات للعمل الجمعوي والإنساني بالخصوص، حيث سبق لي أن دربت بشكل تطوعي فريقا لكرة اليد تابعا للجمعية الخيرية للجديدة، وكنت حينها لاعبا للدفاع الحسني الجديدي، كما التحقت بإحدى جمعيات الأوراش المغربية المهتمة بالعمل التطوعي، بل إن الصدفة قادتني إلى تعيين بمؤسسة يشكل فيها أبناء خيرية عين الشق نسبة كبيرة.