عادت مطالب الاتحاديين للخروج من الحكومة لتطفو على أشغال المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، خلال انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، نهاية الأسبوع ما قبل الأخير، بعدما علت التصفيقات والشعارات في مقر الحزب بحي الرياض بالرباط، مطالبة بانسحاب حزب «الوردة» من الحكومة، إذ صدحت أصوات الاتحاديين بالشعارات الداعية إلى الانسحاب، مرددة «الانسحاب، الانسحاب من الحكومة والبرلمان».. «الانسحاب، الانسحاب هذا هو صوت الاتحاد». أصوات الاتحاديين الغاضبين من مشاركة الحزب في حكومة عباس الفاسي جاءت لتحرج أعضاء المكتب السياسي، بعدما أظهرت وجود صراعات قوية حول موقف الحزب حاليا من المشاركة في حكومة عباس، بعدما أفقدت حكومة التناوب الحزب أصوات الجماهير الشعبية التي ظهرت من خلال نتائج الانتخابات الأخيرة. وفي الوقت الذي اتجهت مطالب أعضاء المجلس الوطني، الذي انعقد لتدارس التطورات التي يعرفها العالم العربي، نحو الانسحاب الفوري من الحكومة، باستثناء الراضي الكاتب الأول وأعضاء من المكتب السياسي، استخدم الكاتب الأول لحزب «الوردة» لغة التهديد لمواجهة غضب الاتحاديين، ملوحا بتقديم استقالته في حال تبني قرار الانسحاب، بالرغم من أن برلمان الحزب الاشتراكي أمهل المكتب السياسي فرصة أخرى إلى حين انعقاد دورة المجلس في 19 مارس من أجل تنفيذ قراراته. مصدر من المجلس الوطني علق في تصريح ل«المساء» على ما عرفته الدورة الاستثنائية للمجلس من مطالبة بالانسحاب من الحكومة بالقول: «المجلس الوطني وضع رجل الاتحاد في المعارضة، لكن، مع كامل الأسف، رجع المكتب السياسي إلى الحكومة وعطل الانسحاب إلى حين انعقاد المجلس في 19 مارس الجاري». وبعدما تعالت أصوات الجهاز التشريعي للحزب مطالبة بالانسحاب حاولت قيادة الاتحاد الالتفاف على مطلب الانسحاب من الحكومة، خلال اجتماع للمكتب دام نحو ساعتين، بعد رفع مؤقت لأشغال المجلس. وهو ما اعتبره محمد بوبكري، عضو المكتب السياسي، تهربا من التصويت على ملتمس الانسحاب. وفي تفسيره لمحاولة المكتب السياسي للحزب الإجهاز على مطالب المجلس الوطني، قال بوبكري في تصريح ل«المساء» إن الأمر «يعكس غياب الديمقراطية الداخلية، حيث يضرب المكتب السياسي بالديمقراطية الداخلية عرض الحائط»، مشيرا إلى أن المكتب السياسي لا يعير اهتماما لأعضاء المجلس الوطني، بالرغم من أنه الجهاز التشريعي للحزب. وقال بوبكري إن الجهاز التنفيذي، أي المكتب السياسي، لا ينضبط لقرارات الجهاز التشريعي، وهو ما يضر بالديمقراطية الداخلية. وأضاف قائلا إنها «قمة الديكتاتورية والاستبداد»، معتبرا أن أعضاء المكتب السياسي لا يحترمون مبادئ الديمقراطية لأن القانون الداخلي للحزب ينص على أنه يجب أن تكون للمجلس الوطني رئاسة مستقلة عن المكتب السياسي. مطالب الاتحاديين بالانسحاب ترجع، حسب بوبكري، عضو المكتب السياسي، الذي يقاطع اجتماعاته، إلى إجهاز السلطات على جميع الميادين الاجتماعية والسياسية، وقال إن المغرب لا يتوفر «على حكومة ولا على برلمان»، داعيا المكتب السياسي إلى الانسحاب من حكومة غير موجودة، والعودة إلى العمل من داخل المجتمع. وقال: «نحن في حاجة إلى الرجوع إلى المجتمع حتى يعود هذا المجتمع إلى العملية السياسية، التي لن تتم إلا بانخراط المغرب بشكل جدي في إصلاحات جيدة». لكن بالرغم من أن أصوات الاتحاديين علت من أجل الدفع بإخراج حزب المهدي بنبركة من الحكومة والتحول إلى المعارضة، فقد حاولت قيادة الاتحاد الالتفاف على مطلب الانسحاب من خلال بيان المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي طالب المكتب السياسي بأن يباشر في أقرب الآجال حوارا صريحا مع حلفاء الحزب ومع الأغلبية الحكومية، لجعل مطالب الإصلاح الدستوري والسياسي برنامجا مشتركا يعرض على أنظار الملك، ويكون قاعدة لتقييم مشاركة الحزب في الحكومة وأساسا لبناء موقفه في الاستمرار فيها.