أصدر قاضي الجنايات بمحكمة الاستئناف بطنجة قبل يومين حكما بالسجن 20 سنة نافذة في حق مسؤولين أمنيين، بينما متّع مسؤولا ثالثا، وهو رئيس قسم الموظفين بالبراءة، بعدما كان يحاكم في حالة سراح. ووجهت إلى الظنينين، أحدهما يعمل محاسبا ماليا داخل ولاية الأمن، والثاني مساعده، تهما تتعلق باختلاس أموال عمومية وخيانة الأمانة والتزوير في وثائق إدراية. ومثل المتهمان أمام قاضي الجنايات بمحكمة الاستئناف، واستمع إلى تصريحاتهما، حيث أكدا ما جاء على لسانهما، سواء في محضر الضابطة القضائية أو خلال الاستنطاق التفصيلي أمام قاضي التحقيق. ونفى المحاسب المالي التهمة الموجهة إليه، وهي «اختلاس أموال عمومية» تهم تعويضات رجال الأمن منذ سنة 2006، مؤكدا في تصريحات أمام القاضي بأن من كان يقوم بالتزوير واختلاس الأموال هو مساعده. ووجه القاضي سؤالا إلى المتهم يتعلق بمسؤوليته عما جرى باعتباره مسؤولا عن القسم الذي يعمل فيه رفقة مساعده، وكيف أن الوثائق التي كانت تحمل أسماء رجال الأمن يتم التوقيع عليها دون علمه، وهو رئيس القسم، فأجاب المتهم بأن اللائحة التي كان يعدها لم يكن يشوبها أي اختلال وكانت ترفع إلى الآمر بالصرف، وهو والي الأمن محمد أوهاشي، الذي كان يوقع عليها دون أن تثار حولها أي ملاحظة، مضيفا أن اللائحة التي كان يعدها مساعده كانت مزورة وتشوبها خروقات. وفي جلسة سابقة سأل أحد المحامين المترافعين في هذه القضية المحاسب المالي عما إذا كان والي الأمن يعلم بأن اللائحة التي تحمل أسماء رجال الأمن، الذين سيتم تعويضهم عن مهمات خارجية، لائحة صحيحة وغير مزورة، متسائلا أيضا عما إذا كان يراقبها، فأجاب المتهم بأن الوالي عندما ترفع إليه اللائحة كان يوقعها كالعادة، وبأنه لم يكن لديه الوقت من أجل التحقق من الأسماء إن كانت لرجال أمن أم لأشخاص آخرين. وكان مساعد المحاسب المالي، الذي فجر قضية الاختلاسات بولاية أمن طنجة، وجه اتهامات إلى والي الأمن بكونه متورطا في هذا الملف. وفُجّر هذا الملف داخل ولاية أمن طنجة قبل شهور عندما وجّه مساعد المحاسب المالي رسالة إلى الإدارة العامة للأمن الوطني بالرباط يتهم فيها مسؤولين أمنيين بضلوعهم في اختلاسات مالية كبيرة. وعلى إثر هذه الرسالة انتقلت لجنة مركزية تابعة لمفتشية الأمن الوطني للتقصي حول هذه الاختلاسات، وأنجزت بناء على ما سجلته من ملاحظات تقريرا مفصلا رفعته إلى المدير العام للأمن الوطني، الذي لم يتردد في إرسال الفرقة الوطنية إلى ولاية أمن طنجة للتحقيق في هذا الملف. وكشفت الفرقة الوطنية وجود اختلاسات مالية بولاية أمن طنجة، تتعلق بتعويضات رجال الأمن عن مهمات خاصة يقومون بها، وتبين لهم بعد التحقيق مع المتهمين أنهم كانوا يصرحون ببعض رجال الأمن على أساس أنهم في مهمات خارج المدينة، حتى يمنحوا التعويض، والواقع أنه لم تكن لديهم أي مهمة. واستمرت عملية الاختلاسات سنوات عديدة، حيث تشير بعض المصادر إلى أن عملية الاختلاس طاولت أزيد من مليار سنتيم بطرق غير قانونية، وهو ما حققت فيه الفرقة الوطنية من خلال الاستماع إلى ما يقارب 30 رجل أمن لم يتسلموا تعويضاتهم.