نجحت ياسمنة بادو، وزيرة الصحة، خلال لقاء عقد، صباح يوم الأربعاء الماضي، في امتصاص غضب الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، التي كانت قد عبرت عشية لقائها بالوزيرة الاستقلالية عن رفضها المطلق، وبإجماع أعضاء مجلسها الفيدرالي، لنتائج الدراسة التي أنجزها مكتب الدراسات الأمريكي «بوستن للاستشارات BCG»، لفائدة الوزارة بغية تخفيض ثمن الدواء بالمغرب، مهددة بخوض إضراب عام لمدة 3 أيام مع إغلاق الصيدليات. وحسب ما كشفت عنه مصادر «المساء»، فقد كان لافتا خلال اللقاء حزمة التطمينات التي تلقاها ممثلو الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب من بادو، إذ أكدت لهم أن الإصلاحات الرامية إلى تخفيض أسعار الأدوية في المغرب ستراعي «الوضعية المالية والاقتصادية للصيادلة»، مشيرة إلى أن هامش الربح، الذي يشكل هاجسا يؤرق فيدرالية الصادلة، خاصة في ظل حديثها عن الانعكاسات السلبية المرتقبة لخطة الإصلاح على رقم معاملاتهم، ستتم إعادة مناقشته خلال اللقاءات القادمة بين الفيدرالية ومكتب الدراسات «بوستن للاستشارات». وفي الوقت الذي أكدت بادو أن خريطة الطريق لتخفيض أسعار الأدوية بالمغرب، قابلة للنقاش وإدخال كل ما من شأنه خدمة مصلحة الصيادلة، معبرة عن استعدادها مباشرة العمل فورا في حال توحد الفيدرالية وهيئات المجلس الوطني للصيادلة، علمت «المساء» أن لقاء الوزيرة الوصية على القطاع بالصيادلة انتهى بتشكيل 3 لجان ستشرع في العمل ابتداء من الأسبوع القادم. ويتعلق الأمر بلجنة سيكون من مهامها فتح النقاش بين الفيدرالية ومكتب الدراسات BCG خاصة في ظل سيادة سوء فهم من قبل الصيادلة للمعطيات التي جاءت بها الدراسة في ما يخص تخفيض أسعار الأدوية وانعكاساته على هامش الربح. وتتكلف اللجنة الثانية بإعداد مشاريع القوانين التطبيقية للمنظومة الإصلاحية، فيما ستركز اللجنة الثالثة خلال عملها على موضوع تنظيم قطاع الصيدلة والأدوية في ما يخص المدار القانوني لبيع الدواء. وكانت الفيدرالية قد اعتبرت الدراسة التي أوصت بتخفيض أسعار الأدوية باعتماد الأدوية الجنيسة عوض الأدوية الأصلية، التي تمثل حاليا ثلاثة أرباع سوق الدواء في المغرب، تشكل «التفافا على المشاكل الحقيقية التي يعيشها قطاع الصحة بالمغرب، من قبيل عدم وجود خريطة صحية وسياسة دوائية في مستوى تطلعات المغاربة، وتجاهلا لتوصيات اللجنة البرلمانية التي أعدت دراسة دقيقة في الموضوع سنة 2009 أكدت على عدم مسؤولية الصيدلاني عن غلاء الأدوية، وكشفت عن الحالة المزرية التي يعيشها الصيادلة، إذ إن ثلثهم يعيش على حافة الإفلاس». من جهة أخرى، وصفت مصادر «المساء» وضعية مصنعي الأدوية الأصلية المغاربة والأجانب، بالحرجة خاصة في ظل تزايد الانتقادات الموجهة إليهم، مشيرة إلى أن مراهنتهم على تخوفات الصيادلة لدفعهم إلى معارضة الإصلاح باءت بالفشل، على الأقل في الوقت الراهن، في ظل نمو وعي في صفوف الصيادلة بضرورة الفصل بين ما هو صيدلي وما هو مصنع. وحسب المصادر، فإن هناك تحركات «لوبي» يروم الإبقاء على وضعية تتيح له جني أرباح كبيرة دون بذل أي مجهود، على حساب صحة المغاربة. إلى ذلك، هاجم الائتلاف الوطني لصيادلة حزب العدالة والتنمية بادو وخطتها لخفض ثمن الدواء، معتبرا أن مقترح بادو بتخفيض الأثمنة ب 12 في المائة استخفاف بعقول المواطنين والصيادلة، وأن مضامين الدراسة تشكل حلولا غير واقعية لمشروع كبير هو تحسين معدل الاستهلاك السنوي للأدوية للمواطن المغربي الذي لا يتجاوز 300 درهم. وقال الائتلاف، في بيان حصلت الجريدة على نسخة منه، إنه كان من المفروض أن تتم معالجة الواقع الاجتماعي بفعالية أكبر عن طريق إحداث تغطية صحية شاملة لكل المواطنين، والرفع من الأجور، وتوسيع صندوق المقاصة ليشمل الأدوية الباهظة الثمن كأدوية السرطان والالتهاب الكبدي... أو على الأقل إبداء حسن النية في التعامل مع ملف ثمن الدواء عن طريق إلغاء الضرائب المباشرة وغير المباشرة المفروضة على الأدوية، والتي تصل إلى أكثر من 50 في المائة، والتي تعتبر العامل الرئيسي في ارتفاع ثمن الأدوية.