كشفت مصادر متابعة لمشروع الإصلاح الرامي إلى تخفيض أسعار الأدوية في المغرب، أن هناك ضغوطا تمارس من قبل مصنعي الدواء من أجل «تأليب» الصيادلة ضد المشروع، من خلال ترويج أن تطبيق المشروع سينعكس سلبا على مصالح الصيادلة في المغرب، مشيرة إلى أن هناك حملة منظمة يقودها مصنعون عنوانها الرئيس التخويف من أن هامش ربح الصيادلة مهدد بالتراجع بشكل كبير، في حال تطبيق ما انتهت إليه دراسة مكتب دراسة دولي من إمكانية تخفيض ثمن الأدوية الأصلية ب 14 في المائة والأدوية الجنيسة ب 26 في المائة. واستغربت نفس المصادر الحملة التي تشن حاليا ضد ما انتهت إليه نتائج الدراسة التي أنجزها «مكتب الدراسات بوستن للاستشارات BCG»، لفائدة وزارة الصحة، كما استغربت «تحول هيئة تمثل الصيادلة إلى محام وناطق باسم المصنعين». وقالت المصادر: «أكثر من علامة استفهام تثار حول سر مهاجمة مصنعي الدواء لنتائج دراسة قام بها مكتب الدراسات الأمريكي، وهو ثاني أكبر مكتب للدراسات في العالم، والتخويف منها والتشكيك فيها، مع أن الجمعية المغربية لمصنعي الأدوية اختارت المكتب ذاته من أجل إنجاز دراسة حول تطوير صناعة الأدوية الموجهة للتصدير، أدت عنها 12 مليون درهم»، مضيفة في حديثها ل«المساء»: «كيف لبعض الجهات أن تحارب الإصلاح وتتهرب منه بذريعة تراجع هامش الربح، في حين أن مجرد الإطلاع على الأسعار التي تقدمها المختبرات والمصنعون بمناسبة طلب العروض الخاصة بالصفقات العمومية يؤكد أن الربح مضمون في كل الأحوال، بالرغم من أن الأسعار المقدمة تكون منخفضة بالمقارنة مع أسعار البيع للعموم؟». «صحيح أن قطاع الصيدلة يعيش حاليا مشاكل مادية عدة إلا أن لا أحد يمكنه أن ينكر أن الأدوية هي عنصر رئيس في المنظومة الصحية بالمغرب، وأن تشجيع الولوج إليها متعلق بأثمنتها»، تقول مصادر «المساء»، مبدية استغرابها من محاربة تخفيض أسعار الدواء في ظل تخفيض وزارة الصحة خلال 3 أشهر من أسعار 301 دواء وذلك بتوافق مع المصنعين. وتكشف دراسة مكتب الدراسات حول برنامج تشجيع الأدوية الجنيسة، أن أسعار الأدوية في المغرب ستنخفض بشكل فوري بنسبة 7 في المائة بمجرد بدء تنفيذ الإصلاح القائم على اعتماد الأدوية الجنيسة بدل الأدوية الأصلية. وبخلاف ما وصفته الدراسة بالأوهام التي ينسجها البعض حول ما سيشكله خفض الأسعار من خسارة للصيادلة ومصنعي الدواء، أبرزت الدراسة أن هناك ربحا فوريا في هامش الربح سيصل إلى 11 في المائة بالنسبة إلى الصيادلة، ليرتفع إلى 53 في المائة في أفق 2015. وتوقعت الدراسة، التي لم تفرج عنها ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، إلا مؤخرا، بالرغم من توصلها بها في نهاية شهر أكتوبر الماضي، (توقعت) نموا طبيعيا على المدى المتوسط لسوق الأدوية، وتحقيق كافة الفاعلين تقريبا لأرباح من جراء هذا النمو مقارنة بالوضع الحالي. وفيما توقع واضعو الدراسة، ظهور جهات ستعرقل الإصلاح وأطرافا فاعلة ستدلي بحجج مضادة لإجراءات الإصلاح المقترحة، أكدت نفس الدراسة أن القيام بخفض ملموس للأدوية يقتضي الاعتماد على الأدوية الجنيسة في أغلب الحالات، مشيرة إلى أن هذه الأدوية لم يتم استغلالها حيث لا تتجاوز نسبة انتشارها حاليا 29 في المائة، وأنه يمكن الرفع من هذه النسبة إلى 55 في المائة في ظل الوضعية الحالية، وإلى 75 في المائة إذا قام منتجو الدواء بصنع دواء جنيس لكافة الجزئيات الدوائية الموجهة للعموم، والهدف هو بلوغ 50 في المائة في أفق 2015. إلى ذلك، اعتبر المجلس الوطني لهيئة الصيدلة، والمجلس الجهوي لصيادلة الجنوب، والمجلس الجهوي لصيادلة الشمال، «أن سعر الدواء يكتسي أهمية قصوى بالنسبة إلى المواطن، إلا أنه لا يشكل إلا حلقة واحدة داخل سلسة المنظومة الصحية بالمغرب»، معلنين في رسالة موجهة إلى وزيرة الصحة الاستقلالية ياسمينة بادو، حصلت الجريدة على نسخة منها، أن الهيئات الثلاث أرجأت اتخاذ أي موقف بخصوص ما انتهت إليه دراسة مكتب الدراسات، إلى حين إجراء خبرة ودراسة لمعرفة انعكاسات الدراسة على الصيدليات، مع مراعاة مختلف التباينات والخصوصيات سواء بين صيدليات المدن وصيدليات القرى وكذلك داخل المدن. وطالبت الهيئات المذكورة بادو، خلال اجتماع عاجل عقد للبحث في طلب الوزيرة بإبداء الرأي في مضمون الدراسة داخل أجل 15 يوما، بتمديد السقف الزمني المحدد في الرسالة، للقيام بإجراء الدراسة، والوقوف على انعكاسات التقرير على مختلف الصيدليات مقارنة مع البلدان الأخرى، ثم تدشين حوار مع مصالح الوزارة بغية التوافق على مسطرة تحديد أسعار الأدوية تتسم بالوضوح والشفافية من أجل تسهيل ولوج المواطن للدواء.