دعا الملك محمد السادس إلى إعطاء مضمون ملموس للعمل التنموي العربي وإلى إقامة تعاون وتكامل واندماج حقيقي، في نطاق رؤية شمولية كفيلة بتطوير برامج العمل الوطني، وإلى الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والطبيعية الهائلة التي تتوفر عليها البلدان العربية. وقال الملك، في خطاب وجه إلى القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية، التي افتتحت أشغالها أول أمس الأربعاء في شرم الشيخ في مصر: وألقاه الوزير الأول عباس الفاسي «إن النهوض بالتنمية، كأسبقية ملحة لشعوبنا ورفع تحديات العولمة والأزمة لاقتصادية الدولية تسائل أمتنا: هل بإمكان أي دولة عربية بمفردها تحقيق التنمية الشاملة؟ وإلى متى ستظل الأخوة العربية مختزَلة في أبعاد عاطفية وتاريخية أو شعارات رنانة ووعود وهمية، لا تسمن ولا تغني من جوع؟». وجاء في الخطاب الملكي كذلك: «إن الأمر ليس مجرد طموح سياسي، وإنما يعد حتمية استراتيجية، لانبثاق قطب اقتصادي إقليمي، يستجيب لتطلعات شعوبنا، ويعزز مناعتنا التنموية، أمام أزمات الاقتصاد العالمي وتقلباته، ويساهم في إرساء نظام اقتصادي دولي، منصف ومتوازن». وأبرز الخطاب جهود المغرب في تفعيل قرارات قمة الكويت الاقتصادية، بالتركيز على الجوانب الهيكلية للتنمية البشرية، من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها الملك محمد السادس منذ سنة 2005، للتصدي لكل مظاهر العجز الاجتماعي. وقال الملك في خطابه أمام القمة إن هذه المبادرة مكّنت من تحقيق تحسن نوعي في ظروف عيش أزيد من 5 ملايين مواطن، وخاصة من خلال خلق فرص الشغل المدر للدخل القار وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، مضيفا أن المغرب عمل على تفعيل إستراتيجيات قطاعية، في مجالات الفلاحة والصيد البحري والسياحة والصناعة والتجارة والخدمات اللوجستية والطاقات المتجددة والنظيفة والماء والبيئة، لدورها الجوهري في دعم التنمية الوطنية والاندماج العربي، وأبرز استعداد المغرب، علاوة على مساهمته في صندوق دعم وتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة للقطاع الخاص، لتقديم الدعم التقني لإنجاز أهدافه، وخاصة بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي كأداة للمتابعة والتنفيذ «غايتنا الجماعية جعله آلية ناجعة، لانبثاق نخب عربية منتجة جديدة والإسهام في تأهيل مقاولاتنا». واقترح الخطاب الملكي، في نفس الوقت، إحداث آلية رفيعة تقوم بدراسة جدوى وتناسق المشاريع، لتفادي التضارب بينها، في مراعاة للخصوصيات والأوضاع التنموية لبعض البلدان العربية، وذلك لضمان ما تتوخاه جميع البلدان العربية من تكامل واندماج تنموي عربي، كما أكد أهمية دعم حركية الاستثمارات ورفع حجم المبادلات التجارية البينية، تمهيدا لإقامة اتحاد جمركي عربي سنة 2015، كخطوة أساسية لإقامة سوق عربية مشتركة، في أفق سنة 2020. ودعا الملك محمد السادس، أيضا، إلى ترسيخ الثقة وإزاحة معيقات التنقل المنظم للأشخاص والسلع والخدمات بين البلدان العربية، بعيدا عن أي انغلاق أو حواجز مفتعَلة « كما هو الحال، مع كامل الأسف، في منطقة المغرب العربي، وخاصة بين المغرب والجزائر الشقيقة»، مضيفا أن ذلك لن يتأتى إلا بانتهاج حكامة عربية جماعية جيدة، كفيلة باستيعاب الفوارق، وبالأخذ بنموذج تنموي بشري ومستدام ومتضامن، لتسريع إنجاز أهداف الألفية للتنمية، ورفع تحديات المخاطر المحدقة بالمجال الطبيعي، كما أكد حرص المغرب، باعتبار ملكه رئيسا للجنة القدس، على مواصلة إنجاز المشاريع التنموية لفائدة المقدسيين والفلسطينيين عامة، لأثرها الملموس على دعم صمودهم في مواجهة الممارسات الإسرائيلية العدوانية المرفوضة.