يوما بعد يوم، يظهر المزيد من المفاجآت التي تتعلق باللحظات الأخيرة التي سبقت هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من البلاد، فقد كشف أحد المقربين منه أنه غادر «بعدما غدر به الجيش، حيث حاصره في القصر الرئاسي وطالبه بالتنحي عن الرئاسة»، فغادر «بحماية خاصة من ضباط الأمن الرئاسي». لا يزال الغموض يحيط باللحظات الأخيرة التي عاشها الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته، قبيل مغادرتهم تونس، كما تكثر التكهنات حول البلدان التي طرق بابها لاستقباله ورفضت طلبه. وتحدث أحد أفراد طاقم الخدمة الرئاسي فأشار إلى أن بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي تعمدا عدم إظهار ما يلفت الأنظار إلى اعتزامهما الفرار إلى خارج البلاد، مشيرا إلى أن زوجة الرئيس طلبت الغذاء من طاقم الخدمة، لكنهما لم يتناولاه بل استقلا مروحية، قبل أن يدخل رجال الجيش التونسي إلى مقر الرئاسة، في وقت لاحق من اليوم نفسه، ويطلبوا من أفراد طاقم الخدمة الذهاب إلى منازلهم. في سياق متصل، كشف مقرّب من بن علي، في مقابلة مع صحيفة «سبق» الإلكترونية، أن «الرئيس التونسي غادر البلاد بعدما غدر به الجيش، ففي يوم الجمعة حوصر القصر الرئاسي من قِبل وحدات وقادة للجيش للإطاحة بزين العابدين، وطالبوا بتنحيه عن الرئاسة»، وأشار إلى أنه خُيِّر بين الرحيل عن تونس أو الإطاحة به وقتله، «فاختار أن يرحل عن تونس للمصلحتين الخاصة والعامة بشكل مؤقت». وردا على سؤال حول كيفية مغادرة بن علي البلاد، أشار المقرّب في إفاداته للصحيفة إلى أنه «عند الخامسة من مساء يوم الجمعة، غادر الرئيس تونس بحماية خاصة من ضباط الأمن الرئاسي، وحراسة فرنسية سهّلت له ركوب الطائرة»، موضحا أنه «استقل طائرة خاصة تابعة للطيران التونسي، فلم يكن بمقدوره أن يستقل الطائرة الرئاسية، لضيق الوقت، ومفاجأة الرحلة». وحول تفاصيل رحلة المغادرة من تونس وتحديد وجهة الرحيل، تحدث العديد من المصادر عن رفض فرنسي وإيطالي لاستضافة بن علي، لكن المقرّب من الرئيس التونسي أكد أنه «قبل مغادرته تونس لم يحدد وجهته»، مشددا على أنه «لا صحة للكلام عن اعتزامه الذهاب إلى فرنسا، ولم يكن ينوي ذلك». ولفت المقرّب، في تصريحاته لصحيفة «سبق»، إلى أنّ بن علي فضّل أن يكون بعيدا عن المغرب العربي»، كما لفت إلى أن تحليق الطائرة التي كانت تقل الرئيس في أجواء مالطا «كان رغبة من طاقم الطائرة في تزويدها بالوقود الكافي لمواصلة الرحلة»، مؤكدا أنه لم تكن هناك «نية لدى الرئيس للإقامة في مالطا». لكن الأغرب كان ما كشفته مصادر مطلعة لصحيفة «الوفد» المصرية المعارضة من أن مصر رفضت لجوء بن علي إليها، مشيرة إلى أنه مكث في مدينة شرم الشيخ لبعض الوقت حتى حسم مكان لجوئه. لكن الصحيفة أشارت إلى أن الأمر تحول إلى «استضافة مؤقتة للرئيس المخلوع إلى حين حسم الدولة الخليجية التي ستقبل بلجوئه إليها»، موضحة أن «السعودية قبلت باستضافة بن علي بشرط أن يوقف كل أنشطته السياسية». ولفت الشخص المقرّب من الرئيس التونسي إلى أن بن علي «أجرى اتصالا بمسؤول سعودي، فأبدى القبول والترحيب به»، بعد أن رفضت دول خليجية أخرى استضافته «ولم تستجب إلا المملكة السعودية، والأخرى اعتذرت». ورفض المقرب الحديث عن الوقت الذي قضاه بن علي في الأجواء وتفاصيل الرحلة، واكتفى بالقول: «لقد كانت رحلة مرهقة، ولقد بدا على الرئيس بن علي الإعياء وعلامات الإرهاق». في سياق آخر، رفض متحدث باسم السفارة التونسية في الرياض الرد على استفسارات الصحافيين حول مكان إقامة الرئيس التونسي المخلوع، قائلا: «إن الاهتمام بأمر بن علي ليس من مهام السفارة». ونقلت وسائل الإعلام أن الرئيس زين العابدين قام بأداء العمرة ليلا، خوفا من أضواء الإعلام الذي يبحث عنه هذه الأيام، وهذا ما أكده المقرب منه، فأشار إلى أن «الرئيس وأفراد عائلته قاموا بأداء العمرة والطواف حول الكعبة المشرفة، ويعتزم زيارة المسجد النبوي قريبا»، موضحا أن «الرئيس سيخرج قريبا للإعلام، وهو يتابع ما يُنشر ويُذاع». وأشارت المصادر إلى أن بن علي وزوجته ليلى سيسافران خلال أسابيع لزيارة ابنتهما الكبرى، نسرين، في كندا حيث تقيم حاليا بانتظار استقبال مولودها الجديد. لكن الحديث الكثير حول مستقبل بن علي في المنفى وإمكانية عودته إلى تونس دفع بالمقرب منه إلى تأكيد أن «الرئيس سيتفرغ لحياته الأسرية والعائلية بعيدا عن تونس، ولا رجعة له إلى تونس، وهو يتابع مجريات التغييرات في بلاده». ويوضح ردا على سؤال حول ما إذا كان بن علي لا يزال رئيسا لدولة تونس بعد مغادرته البلاد: «بن علي غادر البلاد، ولم يعد رئيسا لها -حسب الدستور- بعدما أطاح به الجيش، ولا نية لديه للرجوع إلى تونس، وقد أعلن سابقا أنه لن يترشح لولاية أخرى».