سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الداخلية ترصد «خروقات وتجاوزات مالية» تضع عمدة أكادير في قفص الاتهام مشاريع قدمت للملك دون أن تنفذ وتوقيف مشاريع وهمية للتهرب من أداء الضرائب وتفويت فيلات دون سمسرة عمومية
كشفت مصادر مطلعة أن اللجنة التي أوفدتها، مؤخرا، المفتشة العامة لوزارة الداخلية إلى الجماعة الحضرية لأكادير، التي يرأسها الاتحادي طارق القباج، عن العديد من الخروقات والتجاوزات في التدبير الإداري والمالي للجماعة. وذكرت مصادرنا في هذا السياق أن اللجنة سجلت تأخيرا في تنفيذ مشروع ترميم أسوار «سوق الأحد» حوالي تسعة عشر شهرا عن التاريخ الوارد في بنود الاتفاق، وخلصت إلى أن المشروع الذي رُصد له مبلغ 5 ملايين درهم، قُدِّم للملك في 17 ماي 2006 في شكل تصميم أولي دون دراسة ولا تصور واضح لكلفته المالية ولا للمدة الزمنية اللازمة لتنفيذه. وكان من المنتظَر ، حسب المصادر ذاتها، أن تنتهي أشغال هذا المشروع الذي بُرمِج في إطار المشاريع الكبرى للمدينة في 2008، إلا أن المشروع ما زال يراوح مكانه، بعد مضي أكثر من أربع سنوات. وأضافت المصادر ذاتها أن العقد الخاص بالمشروع حُدِّد 12 نونبر 2006 كحد أقصى لانطلاق الأشغال، لكن الشطر الأول للأشغال لم يبدأ إلا في 12 فبراير 2007، فيما تأخر الشطر الثاني إلى يوليوز 2008، على الرغم من أن المساحة الإجمالية التي تمت تهيئتها خلال الشطرين الأول والثاني لا تشكل أكثر من 10 في المائة من مجموع مساحة السوق، فيما تأجل تنفيذ الشطر الثالث للمشروع الذي يشكل 90 في المائة من مساحة السوق إلى شتنبر 2010، على أن يتم إنهاء الأشغال في ماي 2011. وتبين للجنة، حسب المصادر ذاتها، أن الشطر الأخير رُصِد له مبلغ 80 مليون درهم، منها 60 مليون درهم منحت من طرف صندوق التجهيز الجماعي و20 مليون درهم بتمويل ذاتي، وأن نجاح المرحلة الأخيرة مرهون بضرورة فتح حوار مع ممثلي التجار المعنيين بالترحيل إلى المحلات الجديدة. وطبقا لنفس المصادر، فقد وقفت اللجنة على اختلالات تتعلق بالتخلي عن بعض المشاريع التي تم الالتزام بتنفيذها طبقا لاتفاقيات شراكة وتتعلق بتجهيز الطرق والتهيئة الحضرية والمناطق الخضراء والمآثر التاريخية ومشاريع أخرى، لاسيما برنامج التنمية الحضرية لمدينة أكادير، الذي يهدف إلى إنجاز 48 مشروعا من طرف 5 شركاء خلال الفترة 2006 و2008، بكلفة إجمالية تقدر ب1.046 مليون درهم. وتلتزم بموجبه الجماعة الحضرية لأكادير، والتي أوكل إليها إنجاز 41 مشروعا في البرنامج، برصد غلاف مالي قدره 240 مليون درهم من مواردها الذاتية، كما تستفيد في إطار هذا البرنامج من قرض بقيمة 525 مليون درهم، يمنحه صندوق التجهيز الجماعي. ولاحظت اللجنة أن عددا من المشاريع تخلت الجماعة الحضرية عن إنجازها، من بينها تهيئة «ساحة الأمل» و»وادي الطيور»، التي رصد لها مبلغ 40 مليون درهم، ومشروع إنشاء مناطق نشاط للحرفيين، الذي رصد له نفس المبلغ، وإنجاز المحور الرئيسي ل»تالبورجت» وربطه مع قصر البلدية وساحة ولي العهد وتهيئة منطقة أنزا، واللذين رصد لكل منهما مبلغ 30 مليون درهم، وموقف السيارات في «تاوادا» وفي المنطقة الشاطئية وتهيئة «ساحة السلام» والطرق المؤدية إلى تجزئة السكة وبئر أنزران وكذا المركب الرياضي الداخلة. كما تبين للجنة، تضيف مصادرنا، أن الجماعة الحضرية لأكادير أوقفت عددا من المشاريع بشكل وهمي، من أجل تمكين المقاولين من تبرير التأخير في إنجاز الأشغال والإفلات من أداء ذعائر التأخير، وأن بعض هذه التوقيفات الوهمية استمرت لما يزيد على عشرة أشهر، رغم أن الأشغال ظلت مستمرة على أرض الواقع. وكشفت المصادر في هذا الصدد عن عدد من الأشغال التي تم إيقاف الأشغال فيها بشكل وهمي، من بينها الصفقة التي تخص أشغال بناء المكتب الصحي البلدي، والتي تم إيقافها لمدة ثلاثة أشهر، والصفقة المتعلقة ببناء المركز الثقافي في بن سركاو، التي تم إيقافها صوريا لمدة شهرين. وأوضحت المصادر أن الدراسات المعمارية الخاصة ببعض المشاريع تمت قبل مصادقة سلطات الوصاية على العقد المبرم مع المهندس المعماري وأن بعض الأشغال بدأت قبل المصادقة على العقود. وسجلت اللجنة، استنادا إلى نفس المصادر، سوء تدبير واضح في المصاريف الخاصة بهذه المشاريع ولاحظت، في هذا السياق، أنه تم الإشهاد، في بعض المشاريع، على التسلم النهائي للصفقة قبل التسلم الفعلي لكل الكميات المقتناة الواردة في العقد. وذكرت المصادر في هذا السياق الصفقة المبرمة مع إحدى شركات بيع صباغة الطرقات، والتي سجلت عدم تسليمها كل المقتنيات إلى حدود شهر غشت 2010، بينما يشير محضر التسلم النهائي إلى شهر ماي من نفس السنة كآخر موعد لتسلم المقتنيات. كما سجلت اللجنة خروقات تتعلق بالشروع في إنجاز بعض الصفقات قبل المصادقة عليها من طرف سلطات الوصاية المختصة، خلافا لمقتضيات القانون الجاري به العمل والذي ينص على أن صفقات الأشغال لا تعد صحيحة ونهائية إلا بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة. من جانب آخر، لوحظ وجود تأخر في الشروع في إنجاز أشغال الصفقات المتعلقة بصيانة الطرقات الحضرية، لمدة بلغت في بعض الحالات خمسة أشهر، دون مبررات لهذا التأخير. وذكرت المصادر ذاتها أن الجماعة الحضرية عمدت إلى منح إعانات مالية لعدد من الجمعيات دون التقيد بالمقتضيات القانونية، إذ تم منح إعانات مالية سنوية تتجاوز قيمتها 10 آلاف درهم لفائدة عدد من الجمعيات، رغم عدم تقديم حساباتها لمصالح الجماعة، إضافة إلى الإخلال بالالتزامات المتعاقَد بشأنها بخصوص اتفاقية الشراكة المتعلقة بتنشيط المدينة، والمبرَمة بين الجماعة الحضرية لأكادير والمجلس الجهوي للسياحة. ووقفت لجنة التفتيش، في الجزء الخاص بتدبير الممتلكات، على خروقات تتعلق بتفويت عدد من أملاك الجماعة الخاصة دون اللجوء إلى السمسرة العمومية، إذ تم تفويت عدد من الفيلات والشقق إلى مكتريها دون إجراء سمسرة عمومية، علما أن القوانين المنظمة لقطاع الممتلكات العقارية الجماعية لا تتضمن مقتضيات تسمح بإمكانية التفويت المباشر لفائدة المكترين لعقارات جماعة، إضافة إلى عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المتقاعسين في أداء واجبات كراء ممتلكات الجماعة، فضلا على السماح باستغلال المحطة الطرقية دون الإدلاء بالضمانة النهائية من طرف الشركة المستغلة، والتي يبلغ قدرها 500.000,00. وبخصوص تدبير المداخيل، أشارت مصادرنا إلى أن الجماعة لم تقم بأي عملية إحصاء خلال سنتي 2008 و2009 لجبايات الجماعات المحلية، خلافا للقانون الذي يفرض إجراء إحصاء شامل للأراضي الخاضعة للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، واعتبرت المصادر أن التهاون في إجراء الإحصاء يعد هدرا لموارد مالية مهمة للجماعة. كما أن الجماعة الحضرية لأكادير قامت، على حد قول هذه المصادر، بعدة تجاوزات في مجال التعمير، إذ منحت شهادة المطابقة لمشروع المركز التجاري «أسواق السلام»، رغم مخالفة التصميم المرخص وقبل الحصول على التصميم التعديلي. كما منحت ترخيصا لمشروع تجزئة «الكويرة» لشركة «العمران»، رغم عدم تسوية الوضعية القانونية للعقار، كما هو مشروط في محضر لجنة دراسة المشاريع الكبرى، ورغم عدم تقديم شركة «العمران» الملف التقني لأشغال التجزئة، كما أن هذه الأشغال بدأت قبل الحصول على الترخيص بالتجزيء، دون اتخاذ الرئيس أي إجراء في حق شركة «العمران». وسجلت اللجنة، استنادا إلى المصادر ذاتها، وبعد دراسة الملفات المتعلقة بالمخالفات في ميدان التعمير، تماطل الجماعة في إصدار الأوامر بإيقاف الأشغال بعد التوصل بالمحاضر المنجزة، رغم أن القانون يؤكد على فورية الإجراء. ورصدت في هذا الصدد 15 حالة خلال 2009 و19 حالة خلال السنة الماضية، إضافة إلى عدم تعميم طلبات استصدار قرارات الهدم والاقتصار على 18 حالة من بين 118 مخالفة خلال 2009. ولم تستبعد بعض المصادر أن يتم تحريك المساءلة القضائية ضد كل من ثبت تورطه في هذه الخروقات والتجاوزات التي رصدتها المفتشة العامة للداخلية.