يبدو أن حرارة الصيف لا تناسب مزاج البعض في المغرب. فبمجرد ما تكتب حول أخبار بعضهم حتى يشهروا لسانهم الطويل ويشرعوا في سبك وشتمك. دون أن ينسوا تطبيق المثل المغربي الذي يقول «ضربني وبكى سبقني وشكى». بحيث «يعرقون» لك وفي الأخير يشرعون في الشكوى للقراء واتهامك بشتمهم وسبهم والتدخل في حياتهم الخاصة. فماذا قلنا حتى يقرر كل هؤلاء تشكيل جسم واحد مرصوص إذا «مرض» عضو واحد فيه تداعت له سائر «الأعضاء» بالسب والشكوى. لنبدأ بسعادة «النقيب» زيان، والذي رفع ضدنا دعوى قضائية الأسبوع الماضي بتهمة نشر خبر زائف، وتهافتت وكالة المغرب العربي للأنباء على تلقف الخبر ونشره، كما لو أنها حققت فتحا إعلاميا كبيرا. كل ذنبنا أننا نشرنا خبرا حول سعادة «النقيب» يتعلق برفع إحدى زبائنه لدعوى قضائية ضده بسبب أرض كان يترافع صاحبنا حولها قبل أن يقرر اقتناءها من أصحابها بدون رغبتهم. والقضية موجودة في المحكمة ولا يستطيع النقيب أن ينفيها، كما أننا تكلمنا مع محاميه وأعطانا تصريحا بخصوص القضية. فهل سيرفع زيان دعوى ضد محاميه بسبب التصريح حول خبر كاذب. وبسبب نشر هذا الخبر اتهمني زيان في الجريدة التي أصبح المالك الرئيسي لأسهمها، وحولها إلى منبر يبتز فيه بكتاباته الركيكة القضاة الذين يترافع أمامهم، بكوني شاذا جنسيا وسلكوط. السيد شباط، عمدة فاس الذي يفتخر بأميته ويعتبرها علامة من علامات النبوة، لم يجد بدوره ما يدافع به عن نفسه بخصوص الاتهامات الموجهة إليه عندما فوت أراض للضحى بأسعار بخسة، سوى أن يصفني بالجدي والمرتشي الذي يقبض من ولي نعمته ويكتب ما يوحى به إليه. وبالإضافة إلى الشتم والقذف يلجأ شباط كعادته إلى التهديد. أما الإخوة في «الصباح» فيبدو أنهم لم يتقبلوا كل تلك المعلومات التي سقتها في عمود سابق حول علاقة نادية صلاح، رئيسة تحرير «ليكونوميست» بمجموعة الضحى وحكاية دخولها إلى الصحافة بالمغرب عبر بوابة «لوبنيون»، ووقفتها «التاريخية» هي وجريدتها مع زميلها في رأسمال الجريدة، السعيدي وزير الاقتصاد والخوصصة، في قضية السب والقذف التي رفعها ميلود الشعبي ضده. وكلفت نكرة اسمه أبو عثمان لكتابة مقال ليس فيه «ما تهز باللقاط»، وصفني بالحطيئة الذي يوظف «جهله وسلاطة لسانه في سب الناس وهجائهم وتلفيق التهم إليهم». فعدت إلى مقالي حول نادية صلاح أبحث عن السب والهجاء والتلفيق فلم أعثر على شيء من ذلك، بل بالعكس، كل ما عثرت عليه هو معلومات حقيقية لم يستطع «مرتكب» المقال أن ينفيها. إلا واحدة أعترف أنني أخطأت فيها وهي جنسية نادية صلاح الفرنسية عوض البلجيكية كما قلت. وأنا أعتذر بسبب هذا الخلط، خصوصا للسيد والدها المتخصص في تربية الخنازير في ضيعته بلابروطون بشمال فرنسا. وبغض النظر عن كون مقال «أبو عثمان» المتشنج والذي كلفته رئيسته بكتابته، لا يتوفر على شروط الرد ولا التوضيح، فإن لديه رغم ذلك مزية واحدة، وهو أنه لا ينفي بوضوح الخبر الذي نشرته «لوجورنال» حول وجود صفقة لشراء أسهم من طرف الصفريوي في مجموعة «إكوميديا» التي تصدر «الصباح» و«ليكونوميست» و«راديو أطلنتيك». وقد كنا ننتظر نفيا قاطعا لوجود هذه الصفقة عبر بيان واضح، فإذا بنا نقرأ الجملة التالية «مجموعة «إكوميديا» ليست في شراكة مع مجموعة «الضحى» وادعاء ذلك هو هراء متعمد». ولسنا نعرف من تحدث عن «شراكة» بين المجموعتين العقارية والإعلامية، لكي يستحق هذا التوضيح. وأنا عندما كتبت حول الموضوع تكلمت عن خبر في «لوجورنال» حول شراء الضحى لأسهم في مجموعة «إكوميديا» ولم أتحدث عن شراكة. فالشراكة موجودة بين المجموعتين منذ سنوات، ويكفي أن يراجع «الإخوة» في «ليكونوميست» رقم معاملاتهم السنوي مع «الضحى» لكي يعرفوا أن شراكتهم مع شركة الصفريوي مبنية على «إسمنت» مسلح. ولعل أكبر كذبة أراد «أبو عثمان» ترويجها عبر رده، هي أن نادية صلاح لم يسبق لها أن عملت في وزارة المالية، وكأنني قلت أن نادية صلاح كانت موظفة في هذه الوزارة. والحال أنني كتبت أن نادية صلاح كانت تذهب إلى وزارة المالية على عهد برادة لكي تأحذ الوثائق والإحصائيات الرسمية لكي تشتغل عليها في إعداد صفحتها الأسبوعية الاقتصادية بجريدة «لوبنيون». ومن كثرة ترددها على الوزارة خصص لها برادة مكتبا صغيرا تجلس فيه كلما جاءت لكي تشتغل. كما أن «أبو عثمان» الذي اتهمني بالافتراء على خالد الجامعي عندما قلت بأنه هو الذي أخذ بيد نادية صلاح عندما بدأت في «لوبنيون»، وبأن خالد الجامعي لم يكن رئيس تحرير وإنما كان مجرد صحافي مثلها عندما بدأت نادية صلاح مشوارها الصحافي. فليسمح لنا «الزميل» أبو عثمان أن نذكره نحن أيضا بأنه لا يمكن الإفتراء سوى على الأموات، فخالد الجامعي لازال حيا يرزق وما عليه سوى أن يسأله هل كان رئيسا للتحرير أم لم يكن، والحال أن الجميع يعرف، بما في ذلك نادية صلاح التي كان لخالد الفضل في إنزالها من مكتب مغبر للأرشيف إلى هيئة التحرير، أن الجامعي كان يدير رئاسة تحرير «لوبنيون». ولكي يختم «أبو عثمان» شرحه للواضحات، دون أن يدري أن شرح الواضحات من المفضحات، يقول بأنني عندما دخلت إلى معمعة الصراع بين الفاعلين الاقتصاديين الشعبي والصفريوي فعلت ذلك انطلاقا من دور «كاري حنكو»، كما تبين للجميع بعد هدوء العاصفة. «فالاقتصاد له قواعده والبوليميك لديه أسسه المبنية على تبادل الحجج العلمية والبراهين والنظريات والمرجعيات الفكرية والاطلاع الواسع على المراجع. لكن هذا يبدو بعيد المنال عن إدراك صاحبنا بسبب جهله المركب وسلاطة لسانه دون احترام للأحياء والأموات». انتهى كلام العالم العلامة، بحر العلوم الفكرية، الحجة الاقتصادي التحرير، السيد أبو عثمان. قبل أن يقرر إبراز مواهبه «الأدبية» في حفظ الشعر العربي ويسوق بيت الحطيئة الذي يصدق علي والذي يقول فيه الحطيئة في هجاء نفسه «فقبح من وجه وقبح من حامله». ويبدو أن «ليكونوميست» و«الصباح» طبقتا بالحرف هذه الدروس الصحافية التي يشنف بها «أبو عثمان» أسماعنا عندما نشرت أربع صفحات كاملة للتعريف بمجموعة الضحى في الوقت الذي كانت فيه المهنية تقتضي أن تكتب الجريدتان حول الأسباب التي كانت سببا وراء اندلاع «قضية الضحى»، فمن هو «كاري حنكو» الحقيقي يا أستاذنا الجليل أبو عثمان. إن القاسم المشترك بين كل هؤلاء الشتامين الذين تخصصوا منذ صدور العدد الأول من «المساء» في سبي وقذفي بأقذع النعوت والأوصاف، هو أنهم جميعهم يلجؤون إلى السب والشتم كطريقة وحيدة للرد على الانتقادات والأخبار التي تتعلق بهم والتي لا يروقهم محتواها. ومن خلال ردودهم المتشنجة يحاولون إعطاء الإنطباع لقرائهم بأنني لا أفعل طوال الوقت سوى شتم الناس وسبهم والمس بحياتهم الشخصية وتلفيق التهم لهم. والحال أن ما ننشره ليس سوى أخبار ووقائع حقيقية نتحرى حولها ونعززها بالأدلة الدامغة. وعندما يشعر هؤلاء بالإحراج يلجؤون إلى أبسط الحلول وهي السب والشتم. ثم بعدها يلصقون هذه التهمة بنا، مع أن من يراجع مقالاتنا لا يعثر على كلمة سب أو قذف واحدة في حق أي واحد منهم. اللهم إذا كان نقل أفعال بعضهم وسلوكاتهم و«صفقاتهم» للرأي العام يعتبر في نظرهم قذفا وسبا. والغريب في ردود فعل هؤلاء الإخوان أنهم جميعهم يختمون ردودهم بالتهديد بالعودة إن عدت من جديد للكتابة عنهم. ف«الزميل» شباط ختم مقالته بالعبارة التالية «لعلنا نكتفي الآن بهذه الملاحظات، وإن عدتم عدنا»، و«الزميل» أبو عثمان ختم رده هكذا «ونكتفي بهذا عل صاحبنا يصحح معلوماته ويراجع حساباته، وإن عاد إلى الموضوع، عدنا لدراسة وضعيته الشاذة». أقول للسيد أبو عثمان، يمكنك أن تعود متى أحببت، لكن هذه المرة إذا عدت لا تنسى اسمك الحقيقي في البيت. لأننا سنكون سعداء بالتشرف بمعرفة اسمك الكامل يا سيد أبو عثمان.