يبدو أن حالة الهدنة، التي طبعت العلاقات بين قطبي التحالف المسير للمجلس الجماعي للقنيطرة، والمشكل من حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، قد أوشكت على نهايتها، بسبب تصاعد حدة الانتقادات، التي ما فتئ يوجهها أعضاء من التحالف نفسه إلى عبد العزيز رباح، رئيس المجلس، محملين إياه مسؤولية التدبير الفاشل لمجموعة من المصالح والمرافق الحيوية التي تكتوي ساكنة المدينة يوميا بخدماتها الرديئة. وكشفت مصادر حزبية أن العديد من مستشاري حزب المصباح، ذي الأغلبية العددية داخل البلدية، باتوا غاضبين من رباح، العضو القيادي في الحزب نفسه، لتجاهله مواقفهم وآراءهم، وانفراده بإدارة التحالف الذي يربطهم بحزب الميزان، إلى درجة تعالت معها الأصوات المطالبة بفك هذا الارتباط، بسبب بروز خلافات شديدة حول طريقة تدبير مختلف القطاعات، كالنظافة مثلا، الموزعة بينهم في إطار «كعكة» التفويضات. وإذا كانت هذه الانتقادات متبادلة بين أعضاء الحزبين معا، فإن ما يحرص الطرفان على عدم البوح به في اجتماعاتهم الرسمية، يتم الإعلان عنه بصراحة مطلقة وجرأة أكبر، من قبل العديد منهم، في مجموعة من المجالس الخاصة في المقاهي. المصادر عينها اعتبرت ما يجري خلف أسوار القصر البلدي استهدافا مباشرا للتجربة التي وحدت أعداء الأمس، ومحاولة حقيقية لنسفها، خاصة بعد الكشف عن وجود تنسيق غير معلن بين أعضاء من الأغلبية وأطراف من المعارضة، بمباركة من بعض الجهات المنتمية إلى جهاز السلطة، التي ما زالت وفية لأسلوب تدبير عبد اللطيف بنشريفة، الوالي السابق، للشأن العام المحلي. ورغم حرص قياديي الحزبين على إضفاء نوع من الود والتفاهم على العلاقة بين الطرفين، ولو ظاهريا، فإن كل ذلك يبقى مجرد مساحيق تجميلية سرعان ما ينكشف زيفها مع أول هبة ريح، فالاستقلاليون لن يستسيغوا بالمرة إقدام رباح على استدعاء لجنة تفتيش للتحقيق في ملفات وصفقات فترة النصف الثاني من الولاية السابقة الممتدة من 2008 إلى 2009، وهي المرحلة التي كان فيها حزب الميزان في موقع المسؤولية، لأنهم يعتبرون هذا التصرف بمثابة طعنة غادرة من الخلف ونقضا للاتفاق المبرم بين الطرفين. وفي ظل الحرب الخفية بين العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، وترقب ما ستسفر عنه، تبقى المدينة، وساكنتها، التي تعد الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، في صراع مرير مع البناء العشوائي والحيوانات الضالة والباعة المتجولين والنقل الحضري واستفحال الذبيحة السرية والتماطل في تطبيق برنامج إعادة الهيكلة وفوضى سوق الجملة وتفاقم المشاكل المرتبطة بحركة السير والجولان وانعدام الإنارة في مختلف الأحياء وانتشار مقاهي الشيشة والمخدرات، وهي الاختلالات التي يساهم في تكريسها، إضافة إلى ممثلي السكان، تقاعس العديد من مسؤولي الإدارة الترابية والأمن في القيام بواجبهم.