يبدو أن ساحل العاج لم يتسن لها الاحتفال بالسنة الجديدة في سلم وسلام، حيث تشهد حاليا احتقانا غير مسبوق في الأجواء السياسية الداخلية، خصوصا بعد أن صرح الرئيس لوران غباغبو، في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي، بأنه لن يتنحى عن كرسي الرئاسة، متجاهلا بذلك ضغوط الأسرة الدولية وضغوط الحسن واتارا الذي أمهله حتى منتصف الليل للتخلي عن منصبه مقابل «ضمانات» بعدم المساس به. وقبل ساعات من بدء العام الجديد، قال غباغبو في خطاب ضمّنه تهانيه للأمة: «لن نذعن للضغوط»، منددا ب»المحاولة الانقلابية التي تجري تحت راية المجتمع الدولي». إلا أنه مد يده إلى الحسن وتارا الذي اعترفت به الأممالمتحدة وعدة دول، إفريقية خصوصا، رئيسا، وقال: «ولى زمن الحرب، اليوم هو زمن الحوار». وأعلن غباغبو عن إنشاء «لجنة مكلفة بوضع حصيلة أعمال العنف التي تلت الانتخابات». أوضح أن «هذه اللجنة ستضع تقريرا مفصلا قدر الإمكان حول انتهاكات حقوق الإنسان على كل الأراضي الوطنية قبل وخلال وبعد الاقتراع». وتقول الأممالمتحدة إن أعمال العنف أسفرت عن سقوط 179 قتيلا منذ منتصف ديسمبر، واستهدفت خصوصا المؤيدين لوتارا. أما معسكر غباغبو فيؤكد أن عدد القتلى هو 53 منذ نهاية نوفمبر، بينهم 14 من أفراد قوات الأمن الموالية له. وكان وتارا قد أمهل غباغبو حتى منتصف ليل الجمعة (بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش) للتخلي عن السلطة مقابل «ضمانات» بعدم المساس به. واستبعد غيوم سورو، زعيم حركة التمرد السابقة للقوات الجديدة ورئيس حكومة وتارا، احتمال انسحاب غباغبو بهدوء، مؤكدا أنه «مقتنع بأن القوة وحدها» يمكن أن تبعده. وأضاف سورو، الذي كان يتحدث في الفندق الكبير الذي تحول إلى مقر لوتارا: «نجحنا في فرض قبول حكم صناديق الاقتراع في بلدنا أي في إحلال الديمقراطية»، محذرا من أن «الفشل في إحلال الديمقراطية في ساحل العاج يمكن أن يؤثر على إفريقيا بأكملها». ويفترض أن يعود وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى أبيدجان للتحاور بهذا الصدد. ويضم هذا الوفد رؤساء البنين (بوني يايي) وسيراليون (ارنست كوروما) والرأس الأخضر (بيدرو بيريس). وحذرت سيراليون، من جهتها، من احتمال أن يكون اللقاء المقبل مع غباغبو هو «الأخير». وكانت مجموعة غرب إفريقيا هددت غباغبو باستخدام القوة ضده في حال رفضه التخلي عن السلطة، وبدأت الاستعداد لتدخل عسكري محتمل «كخيار أخير» للإطاحة به. ومع أن الغلبة تبقى للحوار، أعلن المتحدث باسم الجيش النيجيري الكولونيل محمد يريماه أن القادة العسكريين في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «التقوا الثلاثاء والأربعاء لبدء الإعداد للعملية». وتابع قائلا: «إذا فشلت جميع وسائل الإقناع السياسية»، فإن المجموعة «ستنتزع بالقوة السلطة من لوران غباغبو وتمنحها للحسن وتارا»، إلا أنه أكد أن ذلك سيكون «الخيار الأخير». ومن جهته، أكد غيوم سورو، رئيس وزراء ساحل العاج، الذي عينه الرئيس المعترف به دوليا الحسن واتارا، أن «استخدام القوة الشرعية» بات الحل الوحيد لإبعاد الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو عن السلطة بعد فشل مساعي الأسرة الدولية والاقتراحات السلمية لواتارا. وقال متحدث باسم الحسن واتارا، الفائز في انتخابات الرئاسة في ساحل العاج، يوم السبت الأخير، إنه يتعين على المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) أن تتدخل بشكل عاجل للإطاحة بالرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو وإلا فإنه سيثبت أقدامه في السلطة. ومن المقرر أن يجري ثلاثة من رؤساء الدول الأعضاء في (إيكواس) جولة ثانية من المحادثات هذا الأسبوع مع غباغبو -الذي يحكم البلاد منذ 10 سنوات- لإبلاغه بأنه يجب عليه أن يتنازل عن السلطة لواتارا أو أن يواجه «استخداما مشروعا للقوة». وأضاف ميت سيندو، المتحدث باسم واتارا: «هناك حل وحيد فقط وهو استخدام القوة». وقال سيندو إن قوة قوامها 2000 إلى 3000 جندي ستكون كافية للإطاحة به. وقال غيوم سورو: «الرسالة واضحة.. هذه هي الفرصة الأخيرة للسيد غباغبو ليحصل على رحيل سلمي عن السلطة وضمانات الحصانة». وأضاف سورو قائلا للصحفيين في فندق الجولف: «لم تنجح العقوبات الدولية ولا الضغط الدولي في إقناع غباغبو بترك السلطة... أنا أدعو إلى استخدام القوة الشرعية. لم نر حتى الآن دكتاتورا يترك السلطة بشكل سلمي». هذا، وقد اجتمع قادة جيوش دول (إيكواس) في نيجيريا الأسبوع الماضي لمناقشة خطة محتملة للتدخل، بينما ينتظر الجميع تعقيب غباغبو على هذا التصعيد. لكن لا يبدو أن أيا من الخصمين سيتراجع. نبيلة ضريف