حاول مبعوثو المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إقناع لوران غباغبو بالتخلي عن رئاسة ساحل العاج لخصمه الحسن وتارا تحت طائلة تدخل عسكري محتمل, لكنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة فورية على ما يبدو. واكتفى رئيس البنين بوني يايي بالقول للصحافيين بعد لقاء ثان مع غباغبو استغرق ساعتين ونصف الساعة في القصر الرئاسي في أبيدجان أن «كل شيء جرى بشكل جيد». وكان يايي وصل صباح أول أمس الثلاثاء مع نظيريه رئيسي سيراليون ارنست كوروما والرأس الأخضر بدرو بيريس. والرؤساء الأفارقة الثلاثة مكلفون من قبل مجموعة غرب إفريقيا التي تضم 15 بلدا, نقل رسالتها إلى غباغبو التي تتضمن إمكانية لجوئها إلى الخيار العسكري لطرده إذا لم يتخل عن الرئاسة لوتارا الرئيس المعترف به دوليا. وعاد المبعوثون مساء للقاء غباغبو الذي غادرهم قائلا «أشكركم وننتظر عودتكم». وتوجه المبعوثون الثلاثة مساء الثلاثاء إلى ابوجا (نيجيريا) حيث سيعرضون على الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الرئيس الدوري لمجموعة غرب افريقيا, نتائج مهمتهم في أبيدجان, على ما ذكر مصدر قريب من المجموعة في ساحل العاج. والأمر محسوم بالنسبة لمعسكر وتارا. فقد صرح الناطق باسم حكومته أن «الوضع الرئاسي» لوتارا «غير قابل للتفاوض», موضحا أن «الأمر يتعلق الآن بالتفاوض حول شروط مغادرة الرئيس لوران غباغبو» ولا شيء غير ذلك. وبين اجتماعيهم مع غباغبو, التقى المبعوثون الثلاثة وتارا في الفندق الكبير الذي يستخدمه مقرا له والمطوق من قبل القوات الموالية لخصمه بينما تحرسه دبابات وجنود قوة الأممالمتحدة. وفي مؤشر على التوتر القائم حتى الآن, تعرضت قافلة لقوة الأممالمتحدة لهجوم في أبيدجان من قبل «حشد كبير» مما أدى إلى جرح احد جنود حفظ السلام وإحراق سيارة, حسبما ذكرت بعثة المنظمة الدولية. وكان غباغبو طالب برحيل قوة الأممالمتحدة التي يتهمها بدعم وتارا عسكريا. إلا أن معسكر غباغبو قام ببادرة تهدئة بإعلانه إرجاء تجمع كبير لأنصاره «الوطنيين الشباب» كان مقررا أمس الأربعاء في العاصمة الاقتصادية لساحل العاج. وقال زعيمهم شارل بلي غوديه لوكالة فرانس برس «تم التأجيل لإعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية الجارية», موضحا انه لا يريد اعطاء خصومهم «فرصة النجاح في حربهم الأهلية». وخلال أكثر من أسبوع, قام بلي غوديه بتعبئة صفوفه في أبيدجان تمهيدا لهذه التظاهرة من اجل «كرامة وسيادة» ساحل العاج. ويرى غباغبو الذي يأخذ تهديدات مجموعة غرب إفريقيا «على محمل الجد», انه الرئيس الوحيد لساحل العاج ويدين «مؤامرة» يتهم الولاياتالمتحدةوفرنسا القوة المستعمرة السابقة بتدبيرها. وكانت حكومته هددت مساء الثلاثاء بطرد سفراء الدول التي تنوي «إنهاء مهمات بعثاتها» عملا بطلب وتارا, مشيرا بذلك ضمنا إلى فرنسا حيث تجري اجراءات اعتماد سفير عينه خصمه. وحذر معسكر غباغبو من خطر اندلاع «حرب اهلية» اذا جرت عملية عسكرية لمجموعة غرب إفريقيا, مشيرا إلى وجود ملايين من مواطني بلدان غرب افريقيا في ساحل العاج. من جهتها, هددت حكومة وتارا بفرض عقوبات على الموظفين الذين يواصلون التعاون مع نظام الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو. وأعلن وزير الوظيفة العامة غناميان كونان في بيان أن حكومة وتارا كلفته وضع «لائحة شاملة» بالموظفين «الذين سيخالفون» هذا النداء و»تشكيل لجنة انضباط» بهدف إصدار عقوبات إدارية «أو حتى تقرير إمكان إجراء ملاحقات قضائية». من جهة أخرى, لقيت دعوة معسكر الحسن وتارا إلى الإضراب تجاوبا أفضل أول أمس الثلاثاء مما كانت عليه الاثنين, وترجمت في ابيدجان بتراجع كبير في حركة النقل المشترك. وأخيرا, في واشنطن نفت الولاياتالمتحدة الثلاثاء أن تكون أوفدت مرتزقة إلى ساحل العاج للتخلص من غباغبو, معتبرة أن الاتهامات التي وجهها انصاره اليها بشأن التآمر لإبعاده من السلطة «عبثية». وفي مؤتمر صحافي الأحد الماضي, ذكر إميل غيريولو وزير الداخلية في حكومة غباغبو أن طائرة اميركية يفترض أنها تنقل خبراء مكلفين تقييم نتائج إطلاق آر بي جي على سفارة الولاياتالمتحدة في أبيدجان في 16 ديسمبر, حطت بالفعل في بواكيه وسط البلاد معقل رئيس القوات الجديدة المتمردة سابقا الذي يدعم وتارا. وقالت صحف ساحل العاج إن الطائرة تنقل نحو عشرة مرتزقة ألمان تمولهم واشنطن ومهمتهم القضاء على لوران غباغبو. وتشهد ساحل العاج أزمة رئاسية خطيرة منذ إعلان المجلس الدستوري فوز غباغبو في انتخابات 28 نوفمبر وإبطاله نتائج اللجنة الانتخابية المستقلة التي أعطت الفوز للحسن وتارا.