الأمور لا تسير على ما يرام داخل حزب بنكيران بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، حيث يسود اعتقاد لدى الكثيرين بأن استقالة العضو القيادي عبد الرحيم وطاس وانضمامه إلى التجمع الوطني للأحرار بعد لقاء مع صلاح الدين مزوار ومحمد حدادي، رئيس جماعة سيدي عثمان، وبورحيم، مستشار عن مقاطعة سيدي مومن، ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. ويشدد عضو قيادي في «العدالة والتنمية» في حديث مع «المساء» على أن «يد الهمة واضحة المعالم في هذه اللعبة المكشوفة، وسبق له أن تدخل بوضوح بعيد انتخابات 12 يونيو الجماعية لصنع تشكيلة المجلس، وبعد أن فوتت الفرصة عليه وقتئذ ها هو يعود هذه المرة من خلال بوابة أخرى». وحسب القيادي نفسه، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن الهدف هو إخراج العدالة والتنمية من تشكيلة العمدة ساجد «وما يؤكد لنا هذا السيناريو هو أن أعضاء من الأغلبية المسيرة ما انفكوا يعقدون اجتماعات متتالية منذ الكشف عن الاستقالة داخل المنازل بغرض مناقشة التطورات الجديدة وبحث سيناريوهات إعادة النظر في التحالفات القائمة». الحكاية بدأت مع لقاء خاص جمع وطاس وصلاح الدين مزوار وعضوين قياديين آخرين في حزب »الحمامة»، حيث أنهى عبد الرحيم وطاس آخر «الروتوشات» على استقالته وقدمها «شفهيا» إلى قيادات الحزب، أياما قليلة قبل تحريرها وتوجيهها إلى عبد الرحمن اليعقوبي الكاتب الإقليمي لمنطقة الحي المحمدي عين السبع. وبالرغم من أن أعضاء كثيرين داخل حزب «المصباح» كانوا يعلمون بنية وطاس الاستقالة قبل فترة طويلة، إلا أن الحدث شكل «صدمة مفاجئة» للجميع، إذ تحركت الهواتف ونشطت الاتصالات بين القيادات، وقرر البعض البدء بمناقشة الاستقالة مع وطاس قبل الاتفاق على عقد اجتماع عاجل يحضره الأمين العام عبد الإله بنكيران، لبحث الحدث وتفاصيله وتداعياته وسيناريوهات الرد. وعلمت «المساء» أن لقاء قيادات الحزب بعبد الرحيم وطاس امتد إلى ساعات الصباح الأولى، وسط أجواء مشحونة، حيث أجهش أحد المستشارين الجماعيين المقربين من القيادي المستقيل بالبكاء قبل أن ينهره قيادي آخر بالحزب قائلا «إلى بقا فيك سير تبعو». وقد حاول أعضاء العدالة والتنمية في اللقاء الذي وصف ب«الاستعطافي» ليلة 28 دجنبر 2010 ثني وطاس عن استقالته، لكن دون جدوى، وتحدثت مصادر «المساء» عن أن موقفه «طبيعي لكونه كان قد حسم رأيه بالاستقالة في هذه الظرفية بالذات يوم الأحد 26 دجنبر خلال اللقاء الذي ضم صلاح الدين مزوار، الأمين العام للتجمع الوطني للأحرار. وفي الوقت الذي كانت فيه الأعناق مشرئبة نحو لقاء المستشارين الجماعيين للحزب مع الأمين العام بنكيران ولجنة الكتابة الجهوية والكتاب الإقليميين «منتظرة الخطوات التي سيتم الاتفاق عليها للرد على صفعة الأصالة والمعاصرة، جاء اللقاء الذي عقد ليلة الخميس 30 دجنبر باردا اكتفى فيه الرقم 1 داخل الحزب بتوجيه نصائح ومواعظ للأعضاء بغرض رص الصفوف ومواجهة الضغوط والابتعاد عن ترويج ما وصفها بالإشاعات التي تهز الثقة في النفوس، مشددا على ضرورة عدم تسريب مضامين اللقاء وتفاصيل الأحداث المتتالية لوسائل الإعلام». وتدخل عبد الله باها، الذي يوصف بأنه حكيم الحزب، بدوره لتهدئة النفوس وأيد كلام بنكيران داعيا إلى توحيد الأفكار والرؤى لمواجهة التحديات المقبلة». وأكد أكثر من مصدر ل«المساء» أن الأعضاء خرجوا من اللقاء «أكثر حيرة واستغرابا بل واستياء، إذ في الوقت الذي يتتبعون فيه بأعينهم تحركات أعضاء من تحالفهم لمناقشة سيناريو إعادة النظر في تشكيلة المجلس بدون حزبهم، يفاجؤون بخطاب التهدئة في كلام بنكيران وغياب كامل لمناقشة أي تدابير للرد على هذه الصفعة التي وجهها البام». وتشير المصادر نفسها إلى أن بعض الغاضبين يستعدون لإعلان مبادرة تطالب بنكيران بعقد مؤتمر استثنائي للكتابة الجهوية بالبيضاء، «وهو الإجراء الذي لا نرى بديلا له في الوقت الحاضر إذا كانت القيادة تريد فعلا تقوية صفوف الحزب في مواجهة خطط الخصوم لتفتيته والتأثير سلبا عليه مع اقتراب استحقاقات 2012 التشريعية». ويؤكدون أن غياب رد الفعل القوي والمدروس من طرف الحزب سيكرر تجربة طنجة ووجدة في مدن أخرى، قد تكون الرباط وسلا هي حلقاتها الأولى.