في تطور جديد لأشهر محاكمة في روسيا، اتهم الكرملين الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية بمحاولة التأثير على محاكمة رجل الأعمال البارز المسجون ميخائيل خودوركوفسكي، ووصفت مثل تلك المحاولات بأنها غير مقبولة، ونبهت الغرب إلى ضرورة الاهتمام بشؤونه الخاصة. ورفضت وزارة الخارجية الروسية أيضا في بيان لها إشارات مسؤولين غربيين بأن محاكمة خودوركوفسكي تعد مثالا للعدالة الانتقائية، وقالت إن هذه الإشارات ليس لها أساس من الصحة . وأدين ملياردير النفط الروسي ميخائيل خودوركوفسكي يوم الاثنين بالسرقة على نطاق واسع وبغسيل أموال بسرقة نفط، على صلة بشركته النفطية السابقة «يوكوس». ونطق القاضي فيكتور دانيلكين بالحكم الصادر ضد خودوركوفسكي وشريكه بلاتون ليبيديف، معلنا إدانتهما بسرقة 218 مليون طن من النفط. وذكرت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية أن دانيلكين أمر الصحافيين بعد ذلك بالخروج من قاعة المحكمة دون إعطاء تفسير لذلك، قبل أن يبدأ في تلاوة حيثيات الحكم المطوّلة. وعلى الفور، أعلن محامو خودوركوفسكي (47 عاما) عزمهم استئناف حكم الإدانة، في القضية التي أكد فيها موكلهم، الخصم اللدود لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، على أنها «ذات دوافع سياسية». وأمام مبنى المحكمة، احتشد عدة مئات من المتظاهرين المعارضين للمطالبة بإطلاق سراح خودوركوفسكي. وألقت الشرطة القبض على ما يقرب من 20 شخصا، بينهم عدد من النساء والمسنين. وفي إشارة إلى التصريحات الصادرة من واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي عن المحاكمة، قالت وزارة الخارجية الروسية: «نود أن نؤكد من جديد أن هذه القضية تتعلق بكفاءة نظام المحاكم في الاتحاد الروسي». وكان الاتهام بسرقة نفط من شركة يوكوس، التي كان يرأسها خودوركوفسكي والتي لم يعد لها وجود الآن، هو الاتهام الرئيسي في محاكمة اعتبرت اختبارا لإرادة الكرملين فيما يتعلق بفرض سيادة القانون. وطلب ممثلو الادعاء من القاضي الحكم على خودوركوفسكي بالسجن ستة أعوام أخرى، فضلا عن ثمانية أعوام يقضيها الآن. ويقترب خودوركوفسكي من إنهاء الحكم الصادر بسجنه ثمانية أعوام في محاكمة تتصل بالتزوير والتهرب الضريبي وارتبطت بفترة رئاسة فلاديمير بوتين التي استمرت من عام 2000 إلى 2008 . وفي محاكمته الجديدة قال ممثلو الادعاء إنه سرق نفطا قيمته 27 مليار دولار من شركات تابعة ليوكوس من خلال برامج تسعير. وينفي محاموه هذه الاتهامات ويصفونها بأنها منافية للمنطق وذات دوافع سياسية. وسيعتبر منتقدو الحكومة إدانة خودوركوفسكي وإصدار حكم بسجنه لمدة طويلة مؤشرا على أن الكرملين لم يكن مخلصا في وعوده بإصلاح نظام المحاكم المشوب بالفساد والتأثيرات السياسية. ويشك كثيرون في أن الكرملين هو الذي سيقرر الحكم، الذي سينظر إليه على نطاق واسع كمؤشر على ما إذا كان الرئيس ديمتري ميدفيديف لديه الإرادة والنفوذ للإفراج عن رجل يعد حبسه رمزا لحكم بوتين. واصطدم خودوركوفسكي (47 عاما) بالكرملين خلال فترة رئاسة بوتين الأولى بعد أن تحدث علانية عن مزاعم فساد وتحدى سيطرة الدولة على صادرات النفط ومول بهدوء أحزابا معارضة. وبعد إلقاء القبض عليه في 2003، أشهرت شركة يوكوس إفلاسها بسبب مطالبات ضريبية متأخرة وبيعت أصولها التي استحوذت الدولة على معظمها، مما زاد من قلق الغرب إزاء حقوق الملكية وحكم القانون في روسيا في عهد بوتين. وظل شعور بالعداء الشخصي قائما بين بوتين وخودوركوفسكي. وفي تعليقات أذاعها التلفزيون في 16 ديسمبر لمح بوتين إلى ضلوع خودوركوفسكي في جرائم قتل، وقال إن المحكمة أثبتت جرائمه الاقتصادية، مضيفا «أي لص يجب أن يكون مصيره السجن». وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري في رد فعلها على حكم وصفته بأنه «يثير علامات استفهام خطيرة بشأن الإجراءات الجنائية الانتقائية وأيضا بشأن حكم القانون الذي تخيم عليه اعتبارات سياسية» على أن استقلال المحاكم أمر ضروري للتحديث. فيما قال جيدو فيسترفيله، وزير خارجية ألمانيا، إنه «قلق جدا» بشأن قرار الإدانة. وأضاف أن «ملابسات الإجراءات مثيرة جدا للقلق وخطوة إلى الخلف بالنسبة لهذا البلد وهو في طريقه نحو التحديث».