في أقل من 20 يوما أصدرت «أمنيستي أنترناشيونال» تقريرين حول المغرب. التقرير الأخير الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2008 صاغته منظمة العفو الدولية في عشر صفحات كاملة وعنونته ب«تحقيق حول ادعاءات بالتعذيب والحق في المحاكمة العادلة»، وسبقت هذا العنوان عبارة أكثر وضوحا «المغرب/الصحراء الغربية» وهي العبارة التي اعتادت هذه المنظمة الدولية وضعها على رأس الصفحة الأولى لتقاريرها التي تخصصها للمغرب، وفي التقرير الأخير الذي نشر أول أمس على موقع المنظمة الدولية باللغة الإنجليزية طالبت «أمنيستي» ب«حماية الطلبة الثمانية عشر المعتقلين بسجن مراكش من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ومنحهم الفرصة للوصول إلى العلاج الطبي ولقاء محاميهم وأفراد عائلاتهم». جاء تقرير «أمنيستي» الأخير على خلفية تحقيقات أجرتها عناصر من المنظمة المعنية حول أحداث مراكش، حيث طالبت من السلطات المغربية في الخلاصات الأخيرة لتقريرها ب«أن يتم تحديد هوية أي مسؤولين ارتكبوا أو أمروا أو رخصوا بارتكاب التعذيب وتقديمهم إلى العدالة»، كما طالبت منظمة العفو الدولية ب«ضمان حق المحاكمة العادلة للطلبة، وضمان أن التصريحات التي أدلى بها هؤلاء لرجال الأمن لم تكن تحت وطأة التعذيب»، ودعت منظمة العفو الدولية إلى «التحقيق في ادعاءات استخدام القوة المفرطة والعنف من طرف قوات الأمن أثناء المواجهات مع الطلبة التي حدثت في 15 ماي ومع المظاهرات التضامنية السلمية»، وذهبت منظمة العفو الدولية إلى أبعد من ذلك عندما حملت، بطريقة غير مباشرة، المسؤولية للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بعدم تنفيذه لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وطالبت ب«تنفيذ توصية هيئة الإنصاف والمصالحة لإصلاح قطاع الأمن، لا سيما في ما يتعلق بتدخلات رجال الأمن، وتنفيذ توصية الهيئة أيضا في ما يتعلق بعدم الإفلات من العقاب». يأتي التقرير الأخير بعد أكثر من أسبوعين من إصدار هذه المنظمة الدولية لتقرير آخر معنون ب«لا بد من السماح بالنشر عن حقوق الإنسان»، والذي نشر مترجما بثلاث لغات على موقع المنظمة، بتاريخ 11 يوبيوز 2008، والذي طالبت فيه «أمنيستي» بالإفراج الفوري «عن المدافع عن حقوق الإنسان إبراهيم سبع الليل الذي حكم عليه بالسجن ستة أشهر» وذكر تقرير منظمة العفو الدولية أنه «يساور المنظمة القلق من أن إدانة ابراهيم سبع الليل جاءت بسبب أنشطته كمدافع عن حقوق الإنسان وممارسته المشروعة لحقه في حرية التعبير»، في ما اعتبرته المنظمة الحقوقية انتهاكا سافرا للمادة 9 من الدستور المغربي والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يعد المغرب طرفا فيه. وذكر التقرير أيضا أنه بينما تم تشكيل لجنة برلمانية في 18 يونيو لإجراء تحقيقات في أحداث سيدي إفني، «إلا أنها لا تشكل بديلا للحاجة إلى إجراء تحقيق قضائي»، وكانت المنظمة قد كشفت أنها وجهت رسالة إلى السلطات المغربية في 2 يوليوز دعت فيها إلى إجراء تحقيق قضائي فوري ومستقل وحيادي، في مزاعم ارتكاب الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، عند فك الحصار عن سيدي إفني، والقيام بمداهمات للمنازل في المنطقة. وفي تعليقه على مضامين التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية قال عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن «هذا التقرير يثبت أن الدولة المغربية لم تقطع مع ممارسات ماضي الاختطاف والتعذيب والمحاكمات غير العادلة»، وأضاف أن «تقارير هذه المنظمة تحظى بمصداقية كبيرة في مختلف أنحاء العالم وعندما تصدر في شهر واحد تقريرين عن المغرب فهذا يعني أن الوضع خطير جدا»، واستطرد في تصريحه ل«المساء» قائلا: «الوضع في المغرب أصبح تحت مجهر المنظمات الحقوقية الدولية نظرا للتراجعات الخطيرة التي وقعت»، وحول ما ذكره التقرير عن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة علق بن عبد السلام ساخر: «اللي حرتو الجمل دكو» في إشارة إلى ما أنجزته هيئة الإنصاف والمصالحة وعدم تنفيذ توصياتها.