الناس في آسفي لم يصدقوا بعد خبر تعيين وال جديد على الجهة وعاملا في الآن نفسه على الإقليم... فمباشرة بعد أن بثت وكالة الأنباء خبر تعيين عبد الله بن ذهيبة واليا على آسفي وبث التلفزيون صور استقباله من قبل الملك، انطلقت حركة اتصالات مكثفة بين فعاليات المدينة وعموم المواطنين، كل يزف الخبر بطريقته عبر الهاتف وفي المقاهي، وحتى إن كانت إحالة والي آسفي السابق على التقاعد مسألة وقت فإن الناس هنا لم يعودوا يثقون في شيء اسمه «الزمن»... فقط لأن ذات «الوقت» هو ما تسبب في أن تبقى عاصمة جهة عبدة دكالة في يد واحدة طيلة 8 سنوات. في آسفي، هناك من لم يصدق خبر تعيين وال جديد وانتظر نشرة الأخبار المسائية حتى يأتيه الخبر اليقين بالصوت والصورة، فخلال 8 سنوات قضاها العربي الصباري الحسني واليا على آسفي، تكررت غيرما مرة أخبار تغييره وإحالته على التقاعد دون أن تتحقق، وفي كل مرة كان يتعمق يأس الناس من تغيير وال أمضى ما يكفي من الوقت في تسيير شؤون مدينة لم تنجح السنوات التي قضاها على رأسها سوى في أن تجعلها تتسلق بسرعة سلالم الفقر والتهميش، مع ما صاحب ذلك من تزايد البناء العشوائي وارتفاع الهجرة القروية وانتفاخ بطون جيل من المسؤولين رافقوا الوالي السابق واستطاعوا تقوية شبكة علاقات تتحكم في مقالع الرمال والصفقات العمومية وتراخيص البناء الاستثنائية. حين تم تعيين العربي الصباري الحسني واليا على آسفي قبل 8 سنوات، خلفا لمحمد الشيخ بيد الله الذي كان قد عين وزيرا للصحة في حكومة إدريس جطو، كانت هناك فئات واسعة من الأطفال بآسفي، لم يتجاوزوا بعد سن العاشرة... وحاليا حصل أغلبهم على شهادة الباكلوريا وتجاوزت أعمارهم ال18 وسيشكلون كتلة ناخبة جديدة خلال استحقاقات 2012،... هؤلاء فتحوا أعينهم على وال واحد لم يتغير طيلة 8 سنوات،... حتى اعتقد الناس هنا بآسفي أن منصب الوالي على جهتهم ومدينتهم أصبح منصبا مدى الحياة. الكثيرون من فعاليات المدينة يرون أن الأزمة التي تعيشها آسفي هي أزمة مدينة منسية، فإذا كان تغيير وال بها قد استغرق مدة 8 سنوات، فهناك رؤساء مصالح وأقسام ممن يتحكمون في قلب وعصب الإدارة الترابية والمجالس المنتخبة قضوا بين 15 و20 سنة أو أكثر في نفس المنصب دون أن يطالهم التغيير،... لكن الغريب خلال كل هذه السنين هو كيف كان والي آسفي السابق يوقع بكل السهولة الممكنة على كل الوثائق الرسمية باستثناء قرارات هدم البناء العشوائي واحتلال الملك العام، والغريب أيضا أن يتجاهل وزير الداخلية والي آسفي السابق ويخصص كلمته خلال حفل تنصيب الوالي بن ذهيبة للبناء العشوائي والرخص الاستثنائية بآسفي؟ في آسفي، هناك اليوم وسط الرأي العام المحلي ثلاث فئات تفاعلت مع تعيين عبد الله بن ذهيبة،.. فئة صفقت لهذا التعيين واعتبرته جاء متأخرا بأربع سنوات، وفئة ثانية رأت في التعيين وتخصيص استقبال ملكي للوالي الجديد والإسراع بحفل تنصيبه وحضور وزير الداخلية إشارة قوية إلى حلول ساعة آسفي في نيل نصيبها من الإقلاع وتوديع سنوات التهميش، وفئة ثالثة يسهل تصنيفها ضمن خانة الأيتام الذين كانوا من صنف «المنعم عليهم» خلال 8 سنوات قضاها والي آسفي السابق في منصبه، وكانت كافية لكل واحد فيهم كي يضمن لنفسه ثديا حلوبا لا ينضب. الوالي بن ذهيبة سيجد في آسفي مدينة منهارة اجتماعيا لا يحكمها القانون،.. تسير فقط بشبكات البناء العشوائي والباعة المتجولين ومافيا مقالع الرمال،.. مدينة في حاجة إلى استثمارات قوية وفك العزلة عنها وبث الثقة في النفوس بعد أن وصلت ديون مجلسها الحضري إلى 27 مليار سنتيم،.. لكنها مدينة في حاجة أيضا إلى أن يكون باب مكتب واليها مفتوحا أمام مواطنيها، هو الذي ظل مغلقا طيلة 8 سنوات.