جريمة قتل بشعة راح ضحيتها طفلان بريئان، الأحد الماضي، بدوار الشمامة بإقليم سيدي بنور، بعد أن ذبحهما ابن عمهما بسكين صغير عندما كانا يلهوان بالقرب من منزل جدهما. الحادث شكل فاجعة للعائلة ولسكان الدوار لأن القاتل كان يعامل الطفلين معاملة طيبة، وهو ما جعله يصرح لعناصر الدرك بأن قتله للضحيتين كان لتفنيد الشائعات التي تقول إنه يستغلهما جنسيا، غير أنه كان يدخل بين الفينة والأخرى في حالة هستيرية تؤكد أنه مصاب بخلل عقلي. اسيقظ آدم (مزداد سنة 2005) وزكرياء (مزداد سنة 2003) في الصباح الباكر، الأحد الماضي، كعادتهما بعد أن تناولا وجبة الفطور مع جدهما وجدتهما، فلا شيء يشغلهما سوى اللعب أمام منزل جدهما وراعيهما بدوار الشمامة (الزويمة) التابع لتراب الجماعة القروية كدية بني دغوغ بقيادة أولاد عمران بإقليم سيدي بنور، ربما هي الظروف الاجتماعية التي جعلتهما يلعبان بالحشائش وبالأتربة، في السابعة صباحا، مادامت إمكانيات الأسرة متواضعة ولا تكفي لجلب لعب «عاشوراء» للعب بها داخل منزلهما، وربما هي الظروف نفسها التي دفعت والديهما إلى الانتقال إلى الدارالبيضاء ليبحثا لطفليهما عن مصدر رزق ليوفرا لهما لقمة العيش. فصول الجريمة كان يبدو يوما عاديا كسائر الأيام، فروتينية الحياة لا تدع مجالا لسكان الدوار لتخيل شيء جديدٍ يضفي اختلافا ليوم عن سابقه، غير أن يوم الأحد، 12 دجنبر الجاري، كان يوما مختلفا بالفعل، حيث سيهتز الدوار الهادئ على وقع جريمة «غريبة» سيصل صداها إلى أبعد الحدود. استيقظ النائمون بالدوار على صوت بكاء وصراخ الجدة المكلومة التي تفاجأت بطفلي ابنها مصطفى جثتين هامدتين، بعد أن ترك طفليها الصغيرين في عهدتها وغادر الدوار في اتجاه الدارالبيضاء للبحث عن لقمة عيش له ولطفليه ووالديه، بل لإخوته أيضا، واصطحب زوجته لتساعده في بلوغ هدفه رغم قسوة العيش بعيدا عن فلذة كبديهما، لكن الفقر شبح لا بد من مواجهته، غير أن مواجهته كلفت الزوجين، اللذين كانا يتطلعان إلى الأحسن، فقدان أعز كائنين في حياتهما. كانت الجدة منشغلة بأمورها المنزلية بينما كان الجد يحرث أرضه الفلاحية، وكان الطفلان يلعبان على بعد 300 متر من منزل جديهما، فجأة وجدت الأم حفيدها إبراهيم (من مواليد 1988) يهددها بالقتل بعدما أخبرها بأنه قتل قبلها زكرياء وآدم، طفلي عمه، اللذين كانا يلعبان بالخارج، اهتزت الجدة من هول ما سمعت واستطاعت أن تفلت بجلدها رغم أنها أصيبت بجرح في يدها بعد أن تصدت لإحدى ضربات السكين، توجهت نحو زوجها بالحقل وأنفاسها تكاد تتوقف بسبب هول الصدمة، خاصة بعد أن لمحت، وهي تغادر البيت، جثتي الضحيتين مرميتين على الأرض وهما غارقتين في بركة من الدماء. اتصل الجد برجال الدرك الملكي بأربعاء أولاد عمران الذين انتقلوا إلى عين المكان، حيث تم نقل الجثتين إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة بعد معاينتهما قصد إخضاعهما للتشريح الطبي لتحديد أسباب الوفاة وملابسات الحادث. القاتل «مختل عقليا» يعاني القاتل (ابن عم الضحيتين) من خلل عقلي، حيث يدخل بين الفينة والأخرى في حالة هستيريا منذ حوالي عشرين يوما، وفق ما أفاد به بعض سكان الدوار، كما أن جدته أفادت، وفق مصادر مقربة، بأن الوضع يصل به أحيانا إلى التجرد من ملابسه، كما أنه يتوفر على شهادات طبية تؤكد وضعه النفسي تسلمها في المدة التي سبقت حادث قتل ابني عمه، كما أنه يتناول أدوية وصفها له الطبيب المعالج. وأفادت مصادر مقربة بأن عناصر الدرك لاحظت أن القاتل يعاني فعلا من اضطرابات نفسية، إذ تم، عدة مرات، توقيف التحقيق معه إذ يخرج بكلامه عن جادة الصواب ويبدأ في ترديد كلام غير سوي. ووصف بعض سكان الدوار علاقة القاتل بابني عمه بأنها علاقة وطيدة نظرا لأن الصغيرين لا يكادان يفارقانه وأنه يشتري لهما باستمرار الحلوى ويعاملهما معاملة طيبة، غير أن حبه القوي للطفلين شكل علامة استفهام كبرى، مما جعل البعض يتهم القاتل بأنه يستغل الطفلين جنسيا وأن الحب الذي يحيطهما به وما يقدمه لهما من حلوى ومستحضرات حليبية ليس سوى لحجب أمر استغلاله إياهما جنسيا، وهو ما أثار غضب القاتل الذي صرح لعناصر الدرك الملكي بأن قتله للضحيتين هو بسبب الأخبار التي تروج بوسط الدوار والتي جعلت منه إنسانا شاذا يستغل طفلي عمه جنسيا علما أن هذا الأمر مستبعد جدا، وهي الأخبار التي قال إن أحد أفراد العائلة هو من يروج لها. يذكر أنه ستتم إحالة المتهم، الذي تم اعتقاله، على وكيل الملك باستئنافية الجديدة. بعض أقارب المتهم أكدوا أن ابنهم يعاني من مرض عقلي وأنه يتلقى العلاج في هذا الشأن، إلا أن لا أحد فكر في أن الأمر سيصل إلى حد قتل الطفلين، خصوصا وأن الجميع يعلم الطريقة التي كان إبراهيم (المتهم) يعامل بها الطفلين.