كانت الأسرة تعيش في جو يغيب عنه في مناسبات كثيرة الدفء العائلي. كان الوالد من مدمني الخمر، وكانت زوجته تتحمل عن مضض تصرفاته الطائشة، فما بين الشتم والضرب جربت الزوجة كل أنواع العنف. كان سلاحها الصبر لتربي ابنتها بين أحضان العائلة. وفي كل مرة كانت تجد نفسها عرضة لطيش زوج مخمور. فكانت النهاية تشتتا أسريا ومشاكل لا تنتهي.
خلاف كبير
في كل يوم كان الخلاف يكبر بين الزوجين. كانت الابنة تعاني كثيرا من هذا الخصام الذي لازم العائلة في كل الأوقات، فأمام تصرفات زوج مدمن ينسى في أحايين كثيرة واجبه العائلي، كانت الزوجة تسعى جاهدة لإنهاء الخلاف، في وقت كان الزوج يتهمها دائما بالتقصير في العناية به، والاستجابة لمطالبه اليومية، وبدأ الخلاف يكبر لحظة بلحظة، فكان لابد من إيجاد حل يرضي كل الأطراف المتنازعة، وينهي خلافا أثر كثيرا على السير العادي للعائلة، فكان الطلاق نهاية لأحزان الزوجة، في وقت اعتبره الزوج بداية لآلام كثيرة، خاصة أن الزوجة فضلت أن تتزوج برجل آخر غيره، وهو ما أجج الخلاف، واعتبر أن زوجته تخلت عنه في وقت كان فيه أحوج ما يكون لمساندتها له، ووقوفها بجانبه، وتحمل تصرفاته، فانقطع حبل الود سريعا بين الزوجين، وانتهت الحكاية بفراق وصراع خفي سيتطور إلى درجة محاولة القتل العمد.
تفاصيل الحادث في شهر نوفمبر من السنة الماضية، تم نقل المسماة (الإدريسية . ر)، إلى مستشفى الحسن الثاني بسطات بعد أن تعرضت للاعتداء من طرف طليقها (بوشعيب. ل)، ففتحت الشرطة القضائية تحقيقا في الموضوع لمعرفة ملابسات الحادث. وقد أفادت الضحية المشتكية أنها حاولت في صباح ذلك اليوم الدخول إلى المرحاض في الطابق الثاني من منزلها، وبينما هي كذلك، فوجئت بمطلقها الذي كان يعتقد خطأ أنها توجد وحدها بالبيت، وكان متنكرا في زي نسائي ويضع على رأسه شعرا مستعارا ويضع قناعا على وجهه، ينقض عليها ويعتدي عليها بالضرب على رأسها بواسطة أداة حادة، ولم يكتف بذلك، بل طعنها عدة مرات بواسطة سكين في الرأس والعنق واليد. وأضافت بأنها تعرضت للتهديد من طرف الطليق في أكثر من مرة. وعندما سمعت ابنتها صراخ والدتها ينبعث من المرحاض، هرعت إلى مكان الصراخ، لتجد سيدة تعتدي على والدتها بالضرب بواسطة سكين فتدخلت وأوقفت الاعتداء، لتكتشف بعد حين أن المعتدي ليس سوى والدها بوشعيب الذي تنكر في زي نسائي، والذي أكدت أنه كان يهدد والدتها باستمرار بالاعتداء عليها ووضع حد لحياتها لأنها صممت على الطلاق منه والزواج بغيره، خصوصا أنه كان مدمن مخدرات. التخطيط لجريمة قتل بعد إخضاعه للتحقيق من طرف عناصر الضابطة القضائية، اعترف المتهم بالمنسوب إليه، وأفاد أنه خطط لقتل الضحية بطريقة تبعد عنه أي شبهة، ولا توجه إليه أصابع الاتهام، فارتدى زيا نسائيا وشعرا مستعارا وحمل في يده سكينا في محاولة منه لتصفية طليقته جسديا، فانهال عليها بالضرب بواسطة السكين، ولما فاجأته الابنة بوجودها في البيت، غادر المنزل بعد أن تمكنت من انتزاع السلاح من يديه، وقد ثبت من تصريح المتهم وشهادة الشاهدة والظروف التي استغلها المتهم لارتكاب الجريمة وفي نيته إزهاق روح الضحية وقت الاعتداء، أنه تورط دون أن يدري في جريمة ظل يخطط لها باستمرار، دون التمكن من تحقيق فعله الإجرامي، وأنه ظل دائما يتحين الفرصة للانفراد بطليقته، إذ ترصد الضحية قرب المرحاض بزي نسائي. ولكل هذه الأسباب تابعت المحكمة المتهم بمحاولة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد واستهلاك المخدرات طبقا للفصل 114-393 من القانون الجنائي. محاكمة المتهم بعد تقرير الضابطة القضائية، وإحاطتها بكل المعلومات التي تفيد في الحادث، أدانت غرفة الجنايات باستئنافية سطات المتهم بخمس سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها ألف درهم، من أجل جنحة الضرب والجرح بالسلاح مع سبق الإصرار والترصد، بعد إعادة تكييف جناية محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.